إخفاء المعلومات يفاقم كارثة كورونا في اليمن

إخفاء المعلومات يفاقم كارثة كورونا في اليمن

04 يونيو 2020
التزام جزئي بالوقاية في صنعاء (محمد حمود/ Getty)
+ الخط -

تستمر انتقادات اليمنيين لما يصفونه بـ"عدم الشفافية" في التعاطي مع الواقع الصعب لجائحة كورونا، بعدما ظهر المرض في المحافظات اليمنية بشكل كبير نتيجة ضعف الاستعدادات الصحية، في بلد موبوء أساساً بحرب مزمنة

منذ إعلان السلطات الصحية الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في اليمن، عن تسجيل أربع إصابات بفيروس كورونا الجديد لا غير، في مطلع مايو/أيار الماضي، لم تفصح عن إحصائيات أو تفاصيل لاحقة، باستثناء الإشارة المقتضبة إلى ظهور المرض "في عدة مناطق ومحافظات مختلفة في البلاد"، وتحديد بعض الإجراءات التي سيجري تطبيقها للحدّ من انتشار المرض. وتبرّر وزارة الصحة الخاضعة لسيطرة الحوثيين عدم إفصاحها عن أيّ معلومات متعلقة بكورونا، بحرصها على عدم إثارة الرعب والقلق بين اليمنيين فلا تخطئ "خطأ العالم الذي خلق إرهاباً إعلامياً"، مشيرة إلى أنّها تعمل على مواجهة المرض بطريقتها الخاصة، بحسب وزير الصحة والسكان التابع للحوثيين، طه المتوكل، في مؤتمر صحافي أجراه في 30 مايو/أيار الماضي.

وبحسب شهادات السكان وتسجيلات مصورة لأهالي وأصدقاء ضحايا للمرض جرى تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي، فإنّ المرض انتشر بشكل سريع مع مئات الوفيات في عدد من المحافظات خلال الأيام الماضية. وكانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات (مجتمع مدني) قد ذكرت عبر "تويتر" أنّها رصدت أكثر من 75 وفاة بفيروس كورونا الجديد في كلّ من محافظات صنعاء وإب وذمار خلال 48 ساعة فقط. وقالت الشبكة إنّها لم تتمكن من "رصد جميع الحالات بسبب التعتيم الذي تقوم به مليشيات الحوثي، لكن هذا ما استطعنا الوصول إليه من بيانات الضحايا والتأكد من صحة المعلومات".




وفي السياق، يرى كثير من اليمنيين أنّ عدم الإفصاح عن تفاصيل تفشي الفيروس في اليمن منذ بداية ظهوره تسبب في زيادة انتشاره بشكل كبير. تقول أم حنان الصوفي، إنّ السلطات الصحية كانت تعلم بظهور الفيروس في اليمن قبل أكثر من شهرين. تضيف أنّ "عدم الكشف عن انتشار الفيروس لأسباب سياسية واقتصادية يجعل الناس يستمرون في ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، وعدم تقيدهم بأيّ إجراءات احترازية، ما أدى إلى انتشاره بشكل كبير". تشير إلى أنّ عدم الشفافية في التعامل مع المرض سيزيد من انتشاره ويزيد من عدد الوفيات. تواصل: "يموت العشرات يومياً بمرض أعراضه تشابه أعراض كورونا مثل الحمى الشديدة والسعال وضيق التنفس، لكنّنا لا نستطيع إجراء الفحوص لهم لعدم توفر الإمكانيات".

المواطن محمد العواضي أيضاً يستنكر عدم تناول الوضع الصحي في اليمن بشفافية ومخاطبة المواطنين ليحتاطوا للحفاظ على حياتهم. يقول: "لم نشعر بخطورة المرض خلال الأيام الماضية إلاّ عندما زاد عدد الوفيات لأشخاص كانوا بصحة جيدة ومن أسر محددة. وهذا ما جعل البعض يكتشف أنّ المرض ينتشر سريعاً". يضيف العواضي: "ربما لو جرى تحذير الناس قبل أشهر، لكان انتشار المرض أقل توحشاً مما هو عليه الآن. لكن عدم مصارحتهم بالحقيقة جعلهم يختلطون بمصابين ويلتقطون العدوى. كثيرون مارسوا حياتهم من دون الالتزام بالإجراءات الاحترازية، وأقاربهم اليوم يشيعونهم إلى المقابر".

كذلك، يرى أطباء يمنيون أنّ عدم مصارحة اليمنيين بمدى انتشار المرض ينعكس سلباً على المواطنين ويسهم في انتشار الفيروس بصمت. من هؤلاء، الطبيب عبد الرحمن الصبري، الذي يؤكد ضرورة الاعتراف بانتشار مرض كورونا في كلّ مناطق اليمن، مشيراً إلى أنّ "الاعتراف ليس مذلة بل ضرورة صحية وعلمية من أجل استنهاض الجدية لدى السلطات والمجتمع على حد سواء من أجل تحقيق مقاربة صحيحة للجهود ضد الكارثة، والتنسيق الأفضل بين الوزارات والهيئات الرسمية كافة وبين المواطنين في سبيل إنقاذ الأرواح والبدء بالجانب العلمي لمكافحة الوباء".

يضيف الصبري أنّ الإعلان عن الإصابات سيهيئ الناس لتقبل العلاج والحجر الصحي أو المنزلي. يشدد على ضرورة "الظهور اليومي لوزير الصحة أو وكيل الوزارة من خلال مؤتمر صحافي يومي يشرح كلّ جديد، وعدد المصابين وعدد الوفيات وعدد حالات الشفاء، والجديد في الأدوية ومدى توفرها، حتى يعرف الناس الوضع الصحي والأخذ بالاحتياطات اللازمة والالتزام بالإجراءات الوقائية والاحترازية". ويشدد الصبري على ضرورة نشر الوعي في وسائل الإعلام حول مكافحة المرض وانتقاله وأساليب مواجهته "من دون تخويف الناس، ونشر المعلومات المؤكدة والطريقة الصحيحة لمواجهة الفيروس وطمأنة الناس أنّ هناك من يحميهم في كلّ المراكز الصحية والمستشفيات وبالتالي عليهم مساعدتهم".

من جهة أخرى وبأداء متواضع، تحاول السلطات الصحية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية جنوباً وضع اليمنيين أمام حقيقة الوضع الصحي ونشر المعلومات والإحصائيات المتوفرة عن الوباء في المناطق الخاضعة لسيطرتها من خلال بيانات تشير فيها بين الفينة والأخرى إلى عدد الحالات المصابة والمتعافية بالإضافة إلى الوفيات التي استطاعت السلطات رصدها.




ودعت الأمم المتحدة، في بيان صدر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في 22 مايو/أيار الماضي، السلطات في الشمال والجنوب، إلى "بذل قصارى جهدها لقمع انتشار فيروس كورونا، والشفافية في الإبلاغ عن جميع الحالات، بالإضافة إلى تنفيذ حملات إعلامية عامة واضحة وواقعية".