الصين تسابق الزمن لتطوير لقاح لفيروس كورونا يحسّن صورتها

الصين تسابق الزمن لتطوير لقاح لفيروس كورونا... هل سيكون آمناً؟

13 يونيو 2020
نتائج الاختبارات الأولية على البشر والقردة واعدة(نيكولاس عصفوري/فرانس برس)
+ الخط -
حشدت الصين جيشها وسرّعت الاختبارات في إطار السباق العالمي للعثور على لقاح لفيروس كورونا، لكن أمام مختبراتها، في الوقت ذاته، مهمة تحسين صورتها التي شوّهتها فضائح صحية في الماضي. وبعد ستة أشهر على ظهور أولى الإصابات في مدينة ووهان، سارعت الصين إلى تطوير لقاح، بينما تُشارك في عدد من نحو عشرة اختبارات سريرية، تُجرى حالياً حول العالم. 
وسجّل الباحثون نتائج أولية واعدة من الاختبارات على البشر والقردة، بينما تأمل السلطات بأن تكون أولى الجرعات جاهزة للعامة هذه السنة. وتعد "الأكاديمية العسكرية للعلوم الطبية" من بين الجهات التي تعمل على تطوير لقاح، بالاشتراك مع شركة لتصنيع الأدوية. وأذنت الصين بالقيام بإجراءات سريعة، تسمح بإجراء المراحل التي تسبق التجارب السريرية، في الوقت ذاته، بدلاً من إجرائها الواحدة تلو الأخرى.
لكن عميد كلية علوم الصيدلة من جامعة "تسينغهوا" في بكين، دينغ شينغ، حذّر من استخدام "أساليب غير تقليدية". وقال لصحيفة الشعب التابعة للحزب الشيوعي الحاكم: "أتفهم انتظار الناس بشغف للقاح. لكن من وجهة نظر عملية، لا يمكننا خفض معاييرنا حتى في الطوارئ". وشكّك دينغ في قرار السماح بإجراء الاختبارات السريرية في المرحلتين الأولى والثانية، في الوقت ذاته، ما يسمح للمختبرات بتجنّب الحاجة للحصول على إذن قبل الانتقال من مرحلة إلى أخرى. ولكن، نيك جاكسون، من "تحالف ابتكارات التأهّب الوبائي"، أشار إلى أنّ الصين ليست الدولة الوحيدة التي تقوم بذلك.
وقال جاكسون، الذي تموّل منظمّته الأبحاث المرتبطة باللقاحات، "تُجري العديد من المنظّمات حول العالم تجارب متكيّفة تسمح بالانتقال من دراسات المرحلة الأولى إلى الثانية بشكل سريع"، وتابع: "هذا النهج ضروري نظراً للحاجة الملحّة للقاحات".
لقاحات ملوّثة 
وقالت شركة تصنيع أدوية تدعى "سينوفارم" إنّ لقاحاتها قد تكون جاهزة للاستخدام العام، بحلول نهاية العام أو مطلع 2021. ويأمل رئيس المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بأن يكون اللّقاح جاهزاً بحلول سبتمبر/أيلول للفئات الأهم، على غرار العاملين في مجال الصحة. لكن سيكون على الصين كذلك إقناع العامة بأنّ أيّ لقاح تنتجه آمن، نظراً إلى فضائح الأدوية الملوّثة والفساد التي طاولت قطاع صناعة الأدوية لديها في السنوات الأخيرة. ودفعت سمعة القطاع بعض الأهالي في الصين إلى السعي للحصول على لقاحات مصنوعة خارج البلاد لأطفالهم. ولعلّ اسم شركة "تشانشون تشانشينغ للتكنولوجيا الحيوية"، ارتبط بواحدة من أكبر تلك الفضائح، بعدما فبركت سجّلات للقاح للبشر ضدّ "داء الكلب"، ليتم فرض غرامة قياسية عليها بلغت 1.3 تريليون دولار عام 2018.
وأنتجت الشركة ذاتها كذلك لقاحاً للديفتيريا والكزاز والسعال الديكي (دي بي تي)، تناوله أكثر من 200 ألف طفل، وتسبّب بالشلل في بعض الحالات. وتورّطت إحدى الشركات المنخرطة حالياً في البحث عن لقاح ضدّ فيروس كورونا في الفضيحة.
وأنتج معهد ووهان للمنتجات البيولوجية الواقع في المدينة التي ظهر فيها كورونا، أواخر العام الماضي، 400 ألف جرعة من لقاح "دي بي تي،" "لم تكن متوافقة مع المعايير"، بحسب جهات تنظيمية. وردّت الحكومة عبر فرض قانون يشدّد الإشراف، ويمنع وصول جرعات غير صالحة للاستخدام إلى السوق.
وقال رئيس معهد المناعة الجينية الطبي في شينزين (جنوب)، والذي يعمل كذلك على تطوير لقاح لكورونا، لونغ-جي تشانغ، إنّ "الحكومة حذرة للغاية في مراجعة تطبيقات اللقاحات". لكن وسائل الإعلام الصينية سجّلت حالات أخرى خلال العام الماضي، من قبيل إعطاء لقاحات زائفة في مستشفى في جنوب البلاد، وتقديم جرعات لمرض مختلف لأطفال في مقاطعة خبي (شمال). لكن الخبير في الصحة العالمية في مجلس العلاقات الدولية في الولايات المتحدة، يانزونغ هوانغ، قال إنّ "هذا لا يعني أنّ (الصين) لا تملك القدرة على إنتاج لقاح آمن وفعّال لكوفيد-19". وأشار إلى أنّه باتت لدى الصين حالياً قوانين أكثر تشدداً، ولقاحات تعترف بها منظمة الصحة العالمية، والمزيد من الأموال المستثمرة في البحث والتنمية. وفي استعراض للثقة، تم حقن موظفين رفيعين في "سينوفارم" بلقاح لكورونا تطوره الشركة حالياً. وقال هوانغ: "أعتقد أنّ آخر شيء تريده الحكومة الصينية هو توزيع لقاح غير صالح". وأضاف "يمكنك تخيّل كيف ستضرّ أي أنباء عن ردود فعل معاكسة شديدة، مرتبطة بلقاح صيني، بشرعية النظام وسمعته الدولية".

(فرانس برس)

المساهمون