مشروع ترحيل الوافدين من الكويت: شعبوية انتخابية

مشروع ترحيل الوافدين من الكويت: شعبوية انتخابية

31 مايو 2020
عمّال مصريون وسط إجراءات كورونا (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -

لم يخلّف فيروس كورونا الجديد أزمة صحية في العالم فحسب، إنّما كشف عن أزمات أخرى تختلف طبيعتها بحسب البلدان

تسببت آثار أزمة كورونا على الكويت والمجتمع الكويتي في إثارة ردود أفعال كبيرة طاولت الوافدين في البلاد الذين حمّلهم بعض السياسيّين و"المشاهير" مسؤولية انتشار الفيروس الجديد، وذلك بسبب سكنهم في مدن عمّالية مكتظة وفي ظروف سكن غير صحية، في تصريحات عنصرية فجة. وفي محاولة للسيطرة على اكتظاظ العمالة الوافدة التي تعاني ظروفاً معيشية سيئة، فرضت الحكومة الكويتية حظراً كلياً على أبرز مناطق الوافدين وهي جليب الشيوخ والمهبولة وخيطان وميدان حولي وحولي والفروانية، الأمر الذي تسبب في خسائر اقتصادية كبيرة للبلاد.

وتقدّم نواب في مجلس الأمة بمقترح قانون تعديل التركيبة السكانية يضمن وضع نسب لكلّ جالية، أبرزها ألا يتجاوز عدد أفراد الجالية الهندية ما نسبته 15 في المائة من عدد الكويتيين والجالية المصرية 10 في المائة، ما يعني ترحيل 840 ألف وافد هندي وأكثر من نصف مليون وافد مصري، وهو ما يمثل نصف عدد الوافدين في البلاد والجزء الأكبر من العمالة الأجنبية فيه. كذلك، يجب ألا يتجاوز عدد الوافدين من الجنسية الفيليبينية والجنسية السريلانكية ما نسبته 10 في المائة، كما هي الحال في ما يخصّ المصريين، على أن تخفّض نسب الوافدين من جنسيات أخرى، مثل البنغلادشية والباكستانية، إلى خمسة في المائة من عدد الكويتيين. وبحسب المقترح، فإنّ اقتراب عدد أفراد بعض الجنسيات من عدد المواطنين الكويتيين يمثّل خطراً كبيراً على "الأمن القومي" للبلاد، بالتالي فإنّه من الضروري وضع نسب معينة لكل جنسية في مقابل عدد الكويتيين وترحيل البقيّة من البلاد في أسرع وقت.



وجاء في ديباجة المقترح أنّ "اختلالات التركيبة السكانية من المشاكل التي عانتها الكويت في السنوات الأخيرة، إلا أنّ هذه المشكلة أفرزت آثارها بشكل جلي وخطير وقت انتشار وباء كورونا، إذ تبيّن وجود الكثير من العمالة السائبة، كما تبيّن أنّ تلك العمالة تسكن في أماكن مكتظة فاقدة للاشتراطات الصحية ساهمت بشكل جلي في انتشار الوباء، على نحو أسفر عن صدور قرار من مجلس الوزراء بفرض الحظر الكلي المناطقي لهذه المناطق المكتظة".

وتضمّن المقترح عدم جواز استقدام أيّ عامل أجنبي إلى الكويت في حال تجاوزت جنسيته النسبة المسموح فيها، ويظلّ حظر الاستقدام سارياً إلى حين انخفاض نسبة الجنسية الأجنبية عن المنصوص عليه. وتلتزم الإدارة المركزية للإحصاء بتزويد الجهات الحكومية بالنسب المتحققة لكلّ جنسية مرّة كلّ ثلاثة أشهر. وفي حال قيام موظفين عامين بمحاولة التفاف على القانون وتوقيع استثناءات لجلب عمالة زائدة عن النسب المقرّرة، فإنّ القانون ينصّ على معاقبتهم بالحبس وبغرامة مالية.

لكنّ كثيرين شككوا في مصداقية المقترح المقدّم من النائب بدر الملا وعدد آخر من النواب، وقالوا إنّه مجرّد محاولة لكسب أصوات انتخابية جديدة في داخل قواعد انتخابية معيّنة صعّدت من خطابها المعادي للوافدين مع تزايد أزمة فيروس كورونا في البلاد. في السياق، يقول أحمد الخطيمي وهو مدير شركة لاستقدام العمالة المنزلية لـ"العربي الجديد" إنّ "هذه المقترحات للاستهلاك الشعبي لأنّ تطبيقها مستحيل في كلّ الأحوال. فنسبة العمالة المنزلية الهندية وحدها تتجاوز 15 في المائة من عدد الكويتيين، فماذا عن الأطباء والممرضين والمهندسين وغيرهم؟". ويرى الخطيمي أنّ "الحكومة ستتجاهل هذه المقترحات لعدم واقعيتها ولقيامها على مرتكز دغدغة عواطف الناخبين".



من جهتهم، يرى حقوقيون كويتيون أنّ مقترحات التشريعات والقوانين التي تُقدّم في مجلس الأمة في الأيام الأخيرة تهدف إلى زيادة شحنات التحريض ضدّ الوافدين، والتي تتمّ في بعض وسائل الإعلام الخاصة وبين مجموعة من نواب مجلس الأمّة، على الرغم من محاولات الحكومة الكويتية تنبيه وسائل الإعلام على الخطاب الذي تروّج له. وتقول الناشطة الحقوقية شيخة العلي لـ"العربي الجديد" إنّ "خطورة المقترح المقدّم لتحديد نسبة الوافدين في مقابل المواطنين والدعوة إلى ترحيل البقيّة تؤكّد وجود أرضية خصبة لهذه الدعاوى بين دوائر انتخابية معيّنة"، محذّرة من "تحوّل كراهية الوافدين إلى خطاب انتخابي يحمل أبعاداً خطيرة جداً". تضيف العلي أنّ "الخطر على الأمن القومي ليس في زيادة نسبة الوافدين، بل في التحريض عليهم وخطاب الكراهية ضدّهم الذي تسبّب في انتحار أكثر من 15 وافداً في خلال ثلاثة أشهر فقط بسبب الإحباط والخوف والتوتر".

وتنوي الجماعات الحقوقية الكويتية تنظيم حملات إعلان وتوعية بعد انتهاء أزمة كورونا، للحدّ من خطاب الكراهية الذي يستهدف الوافدين وتشجيع المواطنين على الحدّ من مظاهر الكراهية. ويبلغ عدد سكان الكويت بحسب آخر الإحصاءات أربعة ملايين و500 ألف نسمة، في حين أنّ عدد الوافدين منهم ثلاثة ملايين و100 ألف وعدد المواطنين مليون و400 ألف.