تونس: عاملون اختاروا الحجر الطوعي 43 يوماً لصناعة الكمامات

تفاصيل 43 يوماً من الحجر الطوعي لصناعة الكمامات في تونس

03 مايو 2020
مبادرة فريدة لعمال مصنع تونسي للمستلزمات الطبية (العربي الجديد)
+ الخط -
قبل نحو شهر ونصف الشهر، اختارت التونسية خولة الرابحي (42 سنة) أن تدخل طوعا مع عدد من زملائها في حجر صحي داخل مصنع للكمامات والملابس الطبية من أجل تعزيز جهود بلادها في التصدي لفيروس كورونا.

وكشفت الرابحي لـ"العربي الجديد"، أن المبادرة بدأت في 20 مارس/آذار الماضي، وانتهت أمس الأول الجمعة، الذي وافق يوم عيد العمال، وأنها عاشت خلالها مع نحو 100 من زملائها داخل أحد مصانع محافظة القيروان، تجربة فريدة من نوعها بعد الاتفاق مع إدارة المصنع على عدم مغادرته لمدة 40 يوما.

وقالت خولة: "عندما طرحت إدارة المصنع على العمال إمكانية الدخول في حجر ذاتي من أجل حمايتهم، وضمان استمرار العمل، كنت وزملائي متحمسين للتجربة. ناقشت فقط الفكرة مع أسرتي المكونة من زوجها الذي يشتغل في السلك الأمني وابنتي ذات الـ16 ربيعا، فلم يمانعا، واعتبر زوجي أنها فرصة تاريخية لتحقيق حلم طالما كانت تغبطه عليه، وهو التضحية من أجل الوطن".

تروي عاملة مصنع القيروان أن "يوم 20 مارس، وهو تاريخ دخولي مع زملائي الحجر الذاتي سيبقى راسخا في ذاكرتي إلى الأبد، لأنه كان بداية تجربة فريدة. المصنع كان خلال 43 يوما أشبه بخلية نحل، ويشتغل العمال طوعا بين 8 إلى 14 ساعة يوميا، رغم أن الإدارة كانت تحث على الراحة، وتوفر كل وسائل الترفيه لتخفيف الضغط، غير أننا كنا نفضل العمل إيمانا بأننا جزء من الحرب على فيروس كورونا، وأن هناك من ينتظر إنتاجنا من الكمامات والملابس الواقية لدرء الخطر".

خولة الرابحي خلال الحجر الطوعي بمصنع الكمامات (العربي الجديد) 


وتضيف الرابحي: "تجربة الحجر في المصنع نسجت بين العمال علاقات تشبه العلاقة بين أفراد الأسرة، ما خفف من شعور البعد عن العائلات، وكان الوقت يمضي لأن الجميع منشغل في صنع أكبر قدر من الكمامات والملابس الواقية، ولم يجد الضجر أو الملل منافذ للتسلل إلى نفوسنا، فيما كانت الإدارة تنظم نهاية كل أسبوع حفلا موسيقيا داخل المصنع لبث شحنات طاقة جديدة".

وكشفت خولة: "فاجأنا الرئيس قيس سعيد بزيارة غير معلنة في إحدى الأمسيات بينما كنا منشغلين في العمل، وقد منحت هذه الزيارة العمال طاقة إيجابية، خاصة وأن أحدا منهم لم يكن ينتظر هذا التكريم".
انقضت الأسابيع وجاء وقت العودة إلى الديار، فحزم العمال حقائبهم ليجدوا في انتظارهم عند باحة المصنع فرقة من الجيش الوطني، قامت بأداء التحية لهم تقديرا لجهودهم من أجل توفير معدات طبية تحتاجها مستشفيات البلاد.

تقول خولة الرابحي: "وقف الجميع لتحية العلم على أنغام النشيد الرسمي الذي عزفه الجيش، ولم يستطع الكثير منا حبس دموعهم. شخصيا، شعرت أنني سأفقد الوعي من فرط شعور امتزج فيه الفخر بالفرح مع انتهاء تجربة فريدة بكل المقاييس قد ترويها ابنتي في السنوات القادمة لأبنائها وأحفادها".

ستقضي خولة إجازة لمدة 5 أيام قبل استئناف العمل المعتاد مجددا، غير أنها أكدت أنها على استعداد تام لخوض التجربة مجددا كلما اقتضى الأمر ذلك.

يؤكد عمال مصنع الكمامات استعدادهم لتكرار التجربة (العربي الجديد) 

دلالات

المساهمون