مخاوف بأميركا من عملية تسريع إنتاج لقاح لكورونا

مخاوف بأميركا من تسريع إنتاج لقاح لكورونا قد يكرر تجربة فورد الفاشلة

03 مايو 2020
محاولة فورد لإنتاج لقاح سريع كانت كارثية(دانيال ميهايلشو/فرانس برس)
+ الخط -
في محاولة منها للقضاء على فيروس كورونا، أطلقت الولايات المتحدة الأميركية عملية "Warp Speed"(سرعة الالتواء)، وهو مصطلح تستخدمه وكالة الفضاء الأميركية "ناسا". وتسعى الحكومة الفدرالية من خلال هذا المشروع، إلى تطوير لقاح بسرعة كبيرة.

وبحسب تصريحات مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، أنطوني فاوتشي، فإنّ مئات الملايين من الجرعات يمكن أن تكون جاهزة في غضون أشهر، من خلال التتبّع السريع لمُصنّع اللّقاح.

هذه الطريقة التي تسعى إليها الإدارة الأميركية، تشبه إلى حدّ ما، ما قامت به إدارة الرئيس جيرالد فورد في العام 1976، عند ظهور سلسلة غامضة من إنفلونزا الخنازير، أدّت حينها إلى إصابة العديد من المواطنين في جميع أنحاء الولايات المتحدة. إلاّ أنّ نتائج خطة فورد في الإسراع بإنتاج لقاح فشلت فشلاً ذريعاً، وتسبّبت في كارثة صحيّة، بحسب ما جاء في تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" بعنوان:"في المرة الأخيرة التي سعت فيها الحكومة إلى إنتاج لقاح سريع، كانت النتيجة فشلاً ذريعاً".

يقول العالم السياسي والاجتماعي، ماكس سكيدمور، في كتابه "الرؤساء والأوبئة والسياسة": "لقد كانت إدارة فورد مدركة جيداً لآثار إنفلونزا عام 1918، ورأت أنّ انتشار إنفلونزا الخنازير يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالفيروس الإسباني، لذا كان المسؤولون قلقين من تكرار المأساة أو التهديد بحدوث جائحة أشدّ فتكاً، فحاولوا السيطرة على الوباء عن طريق خطط متسرّعة".

سعى فورد حينها بالتشاور مع جوناس سالك وألبرت سابين، والعلماء الذين ساهموا في إنتاج لقاح شلل الأطفال، للإعلان عن خطة جريئة للحكومة الفيدرالية لإنتاج اللّقاح وتنظيم توزيعه. قال فورد وقتها: "لا أحد يعرف بالضبط مدى خطورة هذا التهديد، وسنعمل على الإسراع في إنتاج لقاح، وسيتمّ تطعيم كلّ أميركي به". وجاءت استعانة فورد بعلماء الأوبئة للإعلان عن اللّقاح، لإضافة المصداقية على مشروع الحكومة.


وفق سكيدمور، الأستاذ في جامعة ميسوري في مدينة كانساس، "رفضت شركات التأمين تحمّل مسؤولية إنتاج اللّقاح، وبالتالي رفضت تغطية التكاليف، كما أنّ شركات الأدوية أبدت قلقها من تخطّي مراحل عديدة يمرّ بها اللّقاح قبل إنتاجه، فما كان من الكونغرس الأميركي إلاّ أن أصدر تشريعاً خاصاً، لا تتحمّل بموجبه شركات الأدوية النتائج".

وأنتجت إحدى الشركات المصنّعة للأدوية، مليوني جرعة بسلالة خاطئة، ومع تقدم الاختبارات، ظهرت مشاكل علمية أخرى، وسط استمرار انتشار الجائحة. وبعد ثلاثة أشهر تقريباً، أظهرت الاختبارات أنّ اللّقاح لم يكن فعالاً.

وبالرغم من ذلك، أعلن فورد خطّة لتلقيح مليون شخص يومياً بحلول الخريف، وهو جدول زمني غير مسبوق، كافحت الحكومة من أجل الوفاء به. وبحلول منتصف أكتوبر/تشرين الأول، والحكومة جارية في خطّتها بالتلقيح، أظهرت النتائج ارتفاع أعداد الوفيات بسبب اللّقاح نفسه، كما ظهرت حالات متلازمة Guillain-Barre، وهو اضطراب نادر يهاجم جهاز المناعة، ويؤدّي في نهاية المطاف إلى الشلل الكامل.

بحلول شهر ديسمبر/ كانون الأول، وبعد صدور أكثر من 94 تقريرًا عن إمكانية الإصابة بالشلل، تمّ إيقاف البرنامج بكامله، وتسبّب المشروع بكارثة صحيّة للأميركيين.
أثير حينها، جدل بين العلماء والمسؤولين الحكوميين، مع صدور ادّعاءات بأنّ فورد تصرّف بشكل متهوّر، لتحقيق مكاسب سياسية، دون معرفة يقينيّة ما إذا كان الوباء سيظهر مجدداً أم لا.

المساهمون