عجائب حاسة البصر عند الطيور

عجائب حاسة البصر عند الطيور

25 مايو 2020
عيناه تسمحان له برؤية جانبية (يوري سميتيوك/ Getty)
+ الخط -
تمتاز العيون لدى الطيور بأنّها كبيرة نسبياً، وفي العين الأكبر رؤية أفضل. والرؤية الممتازة ضرورية لتجنّب التصادم أثناء الطيران ولالتقاط فريسة سريعة الحركة أو مموّهة. ولدى عدد كبير من الطيور عينان من على جانبَي الرأس، مثل الحمام والبطّ. وهذا النوع من العيون يسمح للطائر بحقول رؤية جانبية تنطلق من زاوية 175 درجة من كلّ جهة من الرأس، تُضاف إليها زاوية أمامية بنسبة خمسة في المائة تغطّيها أو تتداخل فيها العينان معاً. بذلك، تتبقّى له زاوية مقدارها خمس درجات تنعدم فيها الرؤية من الخلف. مع هاتَين العينَين، تراقب الطيور الجهتَين إلى يمين الجسم ويساره في الوقت نفسه من دون أيّ حاجة إلى الالتفات في اتجاه معيّن، أي أنّه بوسعها مراقبة دائرة محيطة قدرها 355 درجة. وهذه الرؤية الشاملة تقريباً تختلف كثيراً عن الرؤية لدى الإنسان والتي تسمح فقط بالإحاطة الجانبية بمقدار 25 درجة من الجهة اليمنى والجهة اليسرى وبرؤية أمامية تتداخل فيها العينان لتشمل زاوية 160 درجة. وهذا يعني أنّ بصر الإنسان يشمل زاوية قدرها 210 درجات، أي أقلّ بـ 145 درجة من تلك التي لدى معظم الطيور. كذلك تتمتّع الطيور بعدد كبير من مستقبلات الضوء التي تقوّي البصر، ويتراوح عدد هذه المستقبلات ما بين 400 ألف و600 ألف مقارنة بـ200 ألف لدى البشر.

بالنسبة إلى الطيور الجارحة كالعقبان والصقور والبواشق وكذلك البوم، فإنّ عيونها تركّز أكثر إلى الأمام وهي بذلك تتحكم بتقدير المسافات وتتمكّن من الانقضاض على فريستها بسرعة. والرؤية الجانبية عند الطيور الجارحة ليست جيدة، بالتالي عليها أن تدير رؤوسها أكثر لتفحّص ما يوجد إلى اليسار وإلى اليمين وإلى خلف الجسم. لكن خلال الطيران، نجدها تعزّز بصرها بنقرتَين بصريّتَين وهما النقرة المركزية التي تساعدها في استكشاف ما هو أمامها والنقرة الصدغية التي تساعدها في مشاهدة ما هو تحتها وما هو إلى جانبَيها. والجدير ذكره أنّ النقرة الصدغية ليست حكراً على جوارح الطير، بل نجدها كذلك لدى عصفور صياد السمك والعصفور الطنان والسنونو.

أمّا البوم الذي يملك عينَين أكثر توجّهاً إلى الأمام لأنّهما تتمركزان كلياً في الوجه، فهو غير متكيّف تماماً على رؤية الأشياء الواقعة على اليسار أو اليمين أو في الخلف من دون أن يدير رأسه في اتجاهها. وهو قادر على النظر إلى الخلف أو الإصغاء إلى صوت حركات الفرائس بإدارة رأسه إلى الوراء 180 درجة يميناً ومثلها يساراً، وذلك ليس ممكناً إلا بفضل فقرات العنق البالغ عددها 14 فقرة تمكّنه من ذلك، علماً أنّ معدّل عدد فقرات العنق عند الطيور هو 13 فقرة. ويتراوح عدد فقرات العنق عند الطيور الأخرى ما بين 10 (عند الببغاء مكاو الأزرق والأصفر الجناح) و23 فقرة (عند طائر التم الأخرس).

وممّا يعزّز البصر لدى الطيور أنّ خلاياها المخروطية في الشبكية تحتوي على نقاط صغيرة من الزيت الملوّن غير متوفّرة لدى الإنسان. وتؤدّي هذه الخلايا المخروطية المزيتة دور مصفاة أو فلتر أمام العدسة في آلة التصوير. ولا تقتصر هذه الميزة عند الطيور على إتاحة رؤيتها للون ما فوق البنفسجي الذي لا يراه الإنسان (يتشارك الإنسان والطير رؤية ثلاثة ألوان، وهي الأحمر والأخضر والأزرق)، بل كذلك على تمكينها من التمييز بين لونَين متشابهَين.



إلى المميزات البصرية عند الطيور التي تتمتّع بنظر بعيد، نجد أنّ العقبان تحتكر الرؤية الأبعد لأنّ قوة بصرها تعادل ثمانية أضعاف بصر الإنسان. وهو ما يعني أنّها تستطيع رصد أرنب أو أيّ حيوان آخر من على بعد يزيد عن ثلاثة كيلومترات. ومن جهة التصرّفات الناتجة عن الأمور البصرية، فإنّ الطيور تخاف من اللون الأحمر لأنّه بمثابة إنذار بالخطر لها، فيما هي تبعد أعداءها عنها ببقع اللون الأبيض على ريشها. أمّا اللون الأكثر جذباً للطيور فهو اللون البنفسجي ويليه اللون الأصفر. وفي النهاية، نشير إلى أنّ حاسة البصر هي المسؤولة عن قدرة الطيور على تذكّر من يسيء إليها ومن هو صديق لها.

*متخصص في علم الطيور البرية

دلالات

المساهمون