ملابس "البالة" تنقذ المصريين

ملابس "البالة" تنقذ المصريين

21 مايو 2020
هنا يجد المصريون ملابس رخيصة (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

ارتفاع الأسعار بشكل عام، وتداعيات انتشار فيروس كورونا اقتصادياً وغيرها، كلها عوامل دفعت المصريين من الطبقتين الفقيرة والمتوسطة للجوء إلى شراء الملابس المستعملة من أسواق البالة قبل حلول عيد الفطر، علّ ذلك يسعد أطفالهم

على الرغم من التحذيرات من شراء ملابس "البالة" الموجودة بكثرة في أحد الأسواق الشعبية بمنطقة وكالة البلح في حيّ بولاق أبو العلا الشهير وسط القاهرة، وفي الأسواق الشعبية الأخرى، بحجة أن تلك الملابس المستعملة والمستوردة من الأسواق الأوروبية تحمل فيروس كورونا الجديد، يؤكد التجار والقائمون على استيراد تلك الملابس أنهم اعتادوا تنظيفها منذ سنوات، نافين وجود أي أمراض جلدية أو غير ذلك.

أقل سعراً

ملابس البالة أو "الملابس الأوروبية" المستعملة تنتشر في أسواق القاهرة وغيرها من المحافظات. وصارت محال وكالة البلح متخصّصة فى بيع هذا النوع من البضاعة، وتُعرض على طاولات خشبية أو معدنية أمام المحال، وفوق أرصفة الشوارع في محيط الوكالة، ويأتي إليها المواطنون من كل المناطق، خصوصاً في الأعياد، لشراء احتياجات أولادهم، لكونها أقل سعراً، مقارنةً بغيرها من المحال. وتبدأ الأسعار فيها من 40 جنيهاً (نحو دولارين ونصف دولار)، وربما أقل من ذلك، وقد تصل إلى أكثر من 400 جنيه (نحو 25 دولاراً)، ويستورد بملايين الجنيهات من تلك الملابس سنوياً.



قبلة الفقراء

وفي ظل ارتفاع أسعار الملابس الجاهزة، تعدّ "وكالة البلح" قبلة للفقراء ومتوسطي الدخل، لشراء ملابس العيد من أجل إدخال الفرحة إلى قلوب أطفالهم. ويعدّ سكان القاهرة الكبرى من أكثر المترددين على سوق الوكالة، إضافة إلى مواطنين من محافظات أخرى، الذين يعملون في عدد من القطاعات المختلفة في القاهرة، مثل عمال البناء، الذين يتوجهون إلى الوكالة لشراء ملابس لأطفالهم وعائلاتهم بهدف إسعادهم، خصوصاً الأطفال وكبار السن.

جولة في الوكالة

في جولة لـ"العربي الجديد" داخل وكالة البلح في القاهرة، للاطلاع على ما يتردد عن عدم شراء ملابس البالة هذا العام تزامناً مع انتشار فيروس كورونا، خوفاً من أن تكون تلك الملابس حاملة للمرض، ينفي التاجر علي محمود، الأمر، مؤكداً أن تلك الملابس تغسل وتطهر قبل كيّها، وهذا الأمر متّبع منذ سنوات، وليس محصوراً بهذا العام فقط. ويرجّح أن تكون محلات الملابس الكبرى الموجودة في القاهرة وراء تلك الشائعات بسبب حالة الركود لديها، وارتفاع عدد زبائن الوكالة بين الرجال والنساء والصغار عاماً بعد عام. وقبل عيد الفطر، تشهد الوكالة إقبالاً أكبر، ما جعلها تتفوق على محالّ أخرى.

أما رضا سمير، وهو تاجر ملابس آخر، فيقول إن الوكالة تُعَدّ الباب الآمن لكسوة الأطفال والأسر في العيد، لكون أسعار الملابس المستعملة تناسب كل الطبقات الاجتماعية، على الرغم من ارتفاع أسعار الملابس هذا العام، مقارنةً بالعام الماضي، بنسبة تراوح ما بين 10 إلى 20 في المائة. ويشير إلى أن الادعاء أن ملابس الوكالة تنقل الأمراض ليس جديداً، بل دائماً ما نتعرض لأقاويل مماثلة. وعلى الرغم من ذلك، هناك إقبال على الشراء، ولم يقدّم أحد بلاغاً ضدنا عن تعرضه لمرض جلدي أو غير ذلك.

تخفيضات

يحرص عدد من المواطنين على التوجه إلى الوكالة صباحاً قبل موعد حظر التجوال في التاسعة مساء، خصوصاً مع دخول العشر الأواخر من شهر رمضان، لشراء ملابس العيد لأولادهم. ولوحظ ارتداء بعض ربات البيوت وأولياء الأمور والشباب الكمامات خوفاً من التقاط العدوى بفيروس كورونا، علماً أن الأسواق تشهد ازدحاماً في الأيام التي تسبق حلول عيد الفطر. وبدا لافتاً حرص عدد من التجار في الوكالة على تخفيض أسعار بعض الملابس هذا العام، الأمر الذي لم يكن ليحدث في السنوات الماضية، بهدف جذب المواطنين إلى الشراء لتصريف بضاعتهم، إذ يبدو أن الأحوال لن تتحسن في ظل استمرار تفشي فيروس كورونا. ويخشى التجار ركوداً اقتصادياً.



الأسعار اختلفت

تقول سلوى محمود، وهي ربة منزل، إنها ستشتري ملابس العيد لأطفالها الذين لا ذنب لهم في الغلاء وارتفاع الأسعار، علّها تضفي قليلاً من الفرح بين أفراد عائلتها الصغيرة. وتشير إلى أنها المرة الرابعة التي تختار فيها التوجه إلى سوق الوكالة، لكونها أقل سعراً من أسواق محالّ الملابس، مع اتخاذها كل الاحتياطات اللازمة هذا العام، خوفاً من انتقال الوباء إليها وإلى أسرتها.

من جهته، يستنكر علي شقير، وهو موظف، الغلاء الذي يصفه بـ"المفاجئ" في أسعار ملابس الأطفال الجاهزة في الوكالة، مشيراً إلى أنه كان في المكان نفسه منذ أكثر من شهر، وكانت الأسعار أقل. ويتهم التجار باستغلال المواطنين مع اقتراب العيد لتعويض خسائرهم والركود في عملية البيع والشراء في ظل الظروف الاقتصادية المتردية التي أثرت بالجميع، في ظل جائحة كورونا. أما محمود سلمان، وهو سائق، فيؤكد أن وضعه الاقتصادي لا يسمح له مطلقاً بشراء الملابس الجديدة من محالّ الملابس، ويفضل شراء ملابس البالة الرخيصة لأطفاله الثلاثة. ويقول: "أحرص على إسعادهم، أقله في أيام العيد، ولا أملك المال الكافي لشراء ملابس بأسعار مرتفعة".