سجناء تركيا... قوة اقتصادية في أزمة كورونا

سجناء تركيا... قوة اقتصادية في أزمة كورونا

06 ابريل 2020
تساهم في صناعة الكمامات الواقية (مصطفى مرات كايناك/ الأناضول)
+ الخط -
تطالب بعض الدول بالإفراج عن السجناء لحمايتهم من احتمال انتشار فيروس كورونا الجديد في ما بينهم. لكن يبدو أن عمل السجناء في تركيا زاد خلال هذه الفترة، لتلبية حاجات السوق

مدّ السجناء في تركيا الأسواق بالعديد من السلع التي فُقد بعضها، خصوصاً منتجات التنظيف والتعقيم، ما أدّى إلى مقارنة بين مفهوم السجن في تركيا وبعض البلدان العربية، بحسب رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار في تركيا غزوان قرنفل.

ويقول قرنفل لـ "العربي الجديد": "في الوقت الذي تعالت خلاله الصيحات للإفراج عن السجناء في مصر وسورية على سبيل المثال، حتى لا يتفشى فيروس كورونا الجديد في السجون، رأينا السجناء الأتراك يقدمون منتجات ضرورية للأسواق، ما يعني أنها تتعامل مع السجن على أنه مكان منعزل عن المجتمع يقيم فيه المذنب لفترة، تنفيذاً لعقوبة أصدرتها المحكمة، ويمكن خلال فترة تنفيذ الحكم تنمية مهارات ومعارف السجين والاستفادة من طاقاته، إلى درجة جنيه أموالاً وكأنه يعمل خارج السجن".



ويتركز مفهوم السجن بسورية على أنه عزلة مطلقة ورحلة تعذيب وإذلال، بعيداً عن التأهيل أو تقويم السلوك والآثار النفسية، وكأن السجين سيموت بعد تنفيذ حكمه، ولن يعود ثانية للانخراط في المجتمع. ويؤكد أن هذه الفترة العصيبة تفرض على كل دول العالم التركيز على السجون نظراً لاكتظاظها وتردي الخدمات فيها وكثرة الاختلاط حتى مع العالم الخارجي، سواء من خلال الحراس أو أثناء الزيارات. ويقترح إعادة النظر بالأحكام والإفراج عن السجناء كي لا تتحول السجون إلى بؤر إصابات، ومنها تطبيق الحجر، ومنع الزيارات ومراقبة الحراس وتقديم الأغذية وغيرها، مشيراً إلى أن العديد من الأصوات التركية المعارضة خرجت خلال الأيام الأخيرة مطالبة بالإفراج عن السجناء، من بينهم المحامية عائشة آجار باشاران ومنظمات حقوقية أخرى.

يضيف قرنفل: "طبعاً هناك سجناء لا يمكن الإفراج عنهم بحسب دولهم، كالإرهابيين والانقلابيين في تركيا. لكن يمكن الاستفادة من طاقات الجميع، مع التأكيد على حسن التعامل والرعاية الصحية والحقوقية، وتوجيه السجناء إلى ما ينعكس بالنفع عليهم وعلى دولهم، كما تفعل تركيا من خلال الورش والإنتاج الزراعي والصناعي بسجونها".

وكانت مصادر إعلامية تركية قد أكدت أن إحدى ورشات العمل في سجن ولاية ديار بكر، جنوب شرق تركيا، قد زودت السوق التركية بمادة الكولونيا (عطر)، بعد زيادة استهلاكها أخيراً وإقبال الأتراك على تخزينها. وأفادت المصادر بأن ورشة سجن ديار بكر ضاعفت إنتاجها من الكولونيا من 40 إلى 80 طناً يومياً، وخصصت 50 سجيناً ليواكبوا حاجة الأسواق وتزويدها بالمادة.

بدورها، تقول المسؤولة عن ورشة سجن ديار بكر رمزية أصلان، خلال تصريحات صحافية: "زاد الطلب على منتجاتنا بشكل لا يصدّق بعد انتشار فيروس كورونا الجديد، مثل منظف الأسطح، والكولونيا، ومعطر الغسيل، ما دفعنا إلى تعديل نظام ضبط ساعات العمل يومياً بهدف تلبية الطلبات المتزايدة من منتجات الورشة".

وتقول مصادر تركية: "ليست ورشة سجن ديار بكر سوى مثال. ففي تركيا 302 سجن من أصل 374 تضم ورشات عمل مختلفة، إضافة إلى تقديمه دورات للتدريب المهني"، وهو ما يؤكده الخبير بالشؤون التركية غياث سحلول. يقول لـ "العربي الجديد": "تعتمد تركيا، منذ 20 عاماً، وسائل لتأهيل السجناء واستغلال فترة تنفيذهم الأحكام القضائية. ففي تركيا نحو 60 ألف سجين متخصصين بالإنتاج عبر 180 ورشة تقدم للأسواق منتجات زراعية وصناعية بمواصفات وأسعار منافسة".

ويقول سحلول: "كنت قبل أيام في زيارة إلى منشأة لتصنيع الكمامات وملابس النايلون الخاصة بالوقاية من فيروس كورونا الجديد. فاجأني صاحب المنشأة بأنه تعاقد مع ورشة في أحد السجون لزيادة الإنتاج بهدف تصديره أو تقديمه كمساعدات لبعض الدول الفقيرة".

ويلفت سحلول إلى أن سجن مالتبه، وهو الأكبر في تركيا ويضم نحو 30 ألف سجين، متخصص بصناعة الألبسة والمنسوجات، موضحاً أن "السجناء في تركيا يقومون خارج السجون بأعمال زراعية وجني الثمار ويستفاد منهم كقوة عاملة". وللسجناء أجر يومي يقدر بنحو 15 ليرة تركية، وأحياناً نسبة على المبيعات.



وبحسب تقارير تركية رسمية، يصل عدد ورشات العمل في السجون التركية إلى نحو 1700 ورشة، تضم نحو 50 ألف سجين، يعملون ضمن إطار البرنامج الذي تشرف عليه وزارة العدل التركية. ويعمل السجناء بتركيا ضمن 17.6 مليون متر مربع في القطاع الزراعي لإنتاج الحبوب والخضار ونباتات الزينة، كما يتركّز عملهم على إنتاج الخبز من خلال 100 مخبز بالسجون وتشغيل 9 مطابخ للحلويات، وأربع مزارع ألبان، وأربع مزارع لإنتاج البيض، وأربع معاصر للزيتون، فضلاً عن إنتاج الملابس الرياضية والعسكرية ومستلزمات المدارس.

وبرز إنتاج السجون من المواد الغذائية والمنظفات خلال الفترة الأخيرة، بعد زيادة الطلب بالسوق التركية وتوالي الإصابات بفيروس كورونا الجديد.

المساهمون