كورونا يهدد النازحين في ليبيا

كورونا يهدد النازحين في ليبيا

06 ابريل 2020
التعقيم الرسمي لم يصل إلى ملاجئ النازحين (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -

تزداد مخاطر انتشار فيروس كورونا الجديد في ليبيا. وبالرغم من أنّ عدد الإصابات ليس كبيراً حتى الآن، يحذر البعض من أنّ الإصابات المجهولة قد تكون كبيرة، ويزداد القلق خصوصاً في ما يتعلق بملاجئ النازحين، المهجّرين عن منازلهم بسبب القتال في العاصمة طرابلس وجوارها.

في هذا الإطار، حذّرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" من مخاطر انتشار الفيروس في مراكز الاعتقال ومراكز النازحين المكتظة. ولفتت إلى أنّ تضرّر نظام الرعاية الصحية في البلاد إلى جانب الخدمات العامة الأخرى، بسبب النزاعات المسلحة، قد يسهل انتشار الفيروس، مؤكدة أنّ "نظام الرعاية الصحية في البلاد سيكون عاجزاً عن التعامل مع أعداد كبيرة من المرضى". وأوضحت أنّ إعلان السلطات الليبية في الشرق والغرب عن بعض الإجراءات لمكافحة التفشي المحتمل في الأراضي الخاضعة لسيطرتها لا يعني أنّ هذه الإجراءات تعالج المخاطر التي تواجه الليبيين الذين نزحوا داخلياً بسبب النزاع الدائر، مشيرة إلى أنّهم يعيشون في ملاجئ مزدحمة في طرابلس والمنطقة المحيطة، بعضها مبانٍ غير مكتملة ما زالت قيد الإنشاء ومراكز جماعية ومدارس تنظمها المجتمعات المحلية، وغالباً ما تفتقر إلى خدمات الصرف الصحي الكافية والمياه الآمنة وإدارة النفايات الصلبة. ويقول الناشط عقيل الأطرش إنّ وقف العدوان على طرابلس من بين أهم الإجراءات الواقية للنازحين من خطر الفيروس.

وتحتضن عمارات طريق السور غير المكتملة ومخيمات الفلاح ومقار إدارية في تاجوراء مئات النازحين بشكل جماعي، بالإضافة إلى مئات آخرين اضطروا للفرار نحو خارج العاصمة، من دون أن تتمكن الجهود الدولية من وقف القتال وإعادتهم إلى منازلهم في أحياء جنوب طرابلس. وفي مقر إيواء النازحين بمدرسة "طارق بن زياد" بحيّ الأندلس بطرابلس، عقم متطوّعو حملة "شباب ضد كورونا" المقر من خلال الرش، وبحسب صفحة الحملة فقد قام شباب متطوعون بالتنسيق مع المجلس البلدي لحي الأندلس بإلقاء محاضرة توعوية من مخاطر الفيروس للنازحين. يلفت الأطرش في حديثه إلى "العربي الجديد" إلى عدم إقبال النازحين على حملات التوعية، متسائلاً: "هل يمكن لنازح هجّر قسراً من منزله ومُنع من التجول والوصول إلى محال التموين ويعيش ظروفاً هي أقرب إلى الموت أن يلتفت إلى حديث عن فيروس وإن كان قاتلاً حتى؟".



الإجراءات الرسمية لمكافحة فيروس كورونا الجديد يفترض أن تشمل النازحين. يؤكد الطبيب، رمزي أبو ستة، أنّ مقار النازحين المزدحمة التي لا تتوفر فيها شروط السكن الصحي هي أكثر البيئات التي يرغب الفيروس في العيش فيها. ولم يردّ مسؤولو وزارة شؤون النازحين بحكومة الوفاق على سؤال لـ"العربي الجديد" حول جهودها في مساعدة النازحين في ظل تزايد مخاطر الفيروس في البلاد، خصوصاً أنّ عدد المصابين به تجاوز 20 حالة.

ويشير يوسف الزطريني، النازح رفقة أسرته بعمارات طريق السكة، في حديثه إلى "العربي الجديد"، إلى أنّ آخر مساعدة غذائية تلقاها كانت قبل شهرين ومن قبل جمعية خيرية. يتابع أنّ قرار حظر التجول يزيد من احتمالات انتشار الفيروس بين النازحين، موضحاً أنّ هذا القرار بالنسبة للنازحين المكدسين داخل غرف وشقق بالجملة من دون أن تتوفر فيها تهوية جيدة يضاعف من المخاطر، ويصبح تفشي الفيروس بينهم أسرع إذا ما التقط أحدهم العدوى.

بدوره، يؤكد الطبيب أبو ستة، وهو عضو في إحدى لجان الطوارئ الحكومية، أنّ أياً من الفرق الطبية لم تزر النازحين ولم تفحص عينات بينهم بحثاً عن احتمالات انتشار كورونا بينهم. يتابع من جهة أخرى أنّ "وفاة السيدة التي يبلغ عمرها خمسة وثمانين عاماً مؤخراً، وتفاجؤ السلطات الصحية أنّها توفيت بسبب فيروس كورونا الجديد، يدفع الى الشك بوجود حالات كثيرة غير معروفة لدينا"، لافتاً إلى أنّ النازحين، خصوصاً كونهم يعيشون في مساحات ضيقة وذات كثافة سكانية عالية، هم الفئة الأكثر شبهة بانتشار الفيروس بينهم. ويشدد أبو ستة على أنّ عودة النازحين إلى بيوتهم باتت اليوم حاجة ملحّة أكثر من أيّ وقت سابق، وفي هذه الحال، لا بدّ من تضامن المجتمع الدولي من أجل الضغط على أطراف النزاع في ليبيا، لترك الأحياء السكنية ومنازل النازحين بعيدة عن مسرح معاركهم المتواصلة، لا سيما في العاصمة طرابلس وجوارها.



تجدر الإشارة إلى أنّ السفارة القطرية في طرابلس أعلنت في بيان عن "إهداء الشعب الليبي الشقيق عدداً من المواد اللازمة، المستخدمة في الوقاية الشخصية". وأشارت، على صفحتها الرسمية في موقع "فيسبوك"، إلى أنّ الجهات المعنية في ليبيا ستقوم بتوزيع المواد وفق أولويات وضعت لمراكز إيواء النازحين المكتظة بالسكان، فضلاً عن التوزيع في بعض المناطق التي يصعب الوصول إليها، مراعية كذلك العمالة الوافدة المحتاجة.