عمر الدين... 70 عاماً في باكستان

عمر الدين... 70 عاماً في باكستان

06 ابريل 2020
أخشى أن ينسى أولادي الوطن (العربي الجديد)
+ الخط -

بخلاف اللاجئين الأفغان الآخرين في باكستان الذين تركوا بمعظمهم بلادهم بسبب الحرب، وصل جدّ عمر الدين مع أسرته إلى باكستان قبل سبعين عاماً بهدف العمل في التجارة. وبحسب عمر الدين، فإنّ "أفغانستان في ذلك الزمن كانت آمنة وأفضل حالاً من دول كثيرة في المنطقة". يقول عمر الدين إنّ "جذور عائلتنا تعود إلى إقليم ننجرهار شرقي أفغانستان، تحديداً مديرية خيوه على الحدود مع باكستان"، لافتاً إلى أنّ "جدّنا محمد جميل جاء إلى باكستان بحثاً عن الرزق. حينها لم يكن يعتزم البقاء هنا بحسب ما أخبرني والدي حبيب الله، إلا أنّ أبناءه آثروا عدم العودة مع نشوب الحرب في البلاد على إثر الغزو السوفياتي، كان ذلك الخيار الأفضل".

يضيف عمر الدين أنّه "قبل اندلاع الحرب في أفغانستان كان معظم أفراد العائلة يميلون إلى العودة إلى أفغانستان، لا سيّما أنّنا كنّا نملك أراضي شاسعة. فجدّنا الذي كان يعمل في المنطقة كان يكسب المال ويستثمره بالتالي في شراء الأراضي. أمّا بعد الحرب، فقد اختلف الأمر". واليوم، ثمّة أفراد من عائلة عمر الدين يرغبون في العودة، لا سيّما أنّهم يبقون لاجئين على الرغم من كل تلك السنين التي أمضوها في باكستان.

ولا يخفي عمر الدين أنّه يواجه مع أسرته مشاكل كثيرة في باكستان، فالشرطة تلاحقهم حيناً فيما يواجهون في أحيان أخرى مشاكل في الأعمال والتجارة لأنّهم لا يملكون بطاقات وطنية. وعلى الرغم من كلّ ذلك فإنّه تمكّن مع أفراد أسرته من تأسيس أعمال جيدة. ويقول: "بعدما أمضيت سنوات من عمري أعمل بجهد كبير، لم أعد اليوم أشتغل بنفسي بل أشرف على أعمال أبنائي وأساعدهم بين الحين والآخر في ما هم محتاجون إليه. كذلك أقوم بأعمال منزلية، وأحاول الحفاظ على العلاقات الاجتماعية من خلال المشاركة في حفلات الزفاف والعزاء وغيرها".



يخبر ابنه الأكبر، شرف الدين، أنّ "والدنا تعب كثيراً عندما كنّا صغاراً، وألحّ علينا كي ندرس أوّلاً ثمّ كي نؤسّس عملاً. وها نحن اليوم نعمل، فيما يتفرّغ هو للعائلة وشؤونها ومتطلباتها". ويأسف أبناء عمر الدين وكذلك هو لأنّهم لم يواصلوا دراستهم على الرغم من قدرتهم على ذلك ووضعهم المعيشي الجيد. يُذكر أنّ ابنَيه الأصغر سناً ما زالا ملتحقَين بالمدرسة الدينية، غير أنّهما سوف يتركانها، ليلتحقا بالعمل في مجال الجزارة مثلما فعل إخوتهما الأكبر سناً. وأبناء عمر الدين يملكون محلين للجزارة بالقرب من منزلهم في مدينة راولبندي، فيخرجون في الصباح الباكر ويعودون في المساء ويتناوبون في العمل. ويقول الوالد إنّ "تماسكهم في ما بينهم واحترامهم لي هما من أسرار نجاحهم". تجدر الإشارة إلى أنّ عمر الدين يقصد أفغانستان بين الحين والآخر بهدف زيارة أقاربه هناك، غير أنّ أبناءه بعيدون كلّ البعد عن وطنهم الأمّ، ويعبّر الوالد عن خشيته من أن "ينسوا الوطن مع مرور الزمن".

المساهمون