مستشفى للحروق لم يُفتتح في لبنان

مستشفى للحروق لم يُفتتح في لبنان

27 ابريل 2020
لا أحد هنا (العربي الجديد)
+ الخط -
بعد مرور أكثر من تسع سنوات على حفل تدشين المستشفى التركي التخصصي في مدينة صيدا، جنوبي لبنان، ما زالت أبواب المستشفى مغلقة، وقد أقيم حفل التدشين في شهر ديسمبر/ كانون الأول عام 2010 بحضور رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري ورئيس الوزراء التركي آنذاك رجب طيب أردوغان، إذ تبنّت الحكومة التركية مشروع إنشاء وتجهيز المستشفى التركي التخصصي في الحروق والإصابات بمبلغ 20 مليون دولار أميركي. وقيل إنّ هذا المشروع من أبرز المشاريع الطبية الحديثة في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط لأنّه المستشفى الأول من نوعه المتخصص في علاج إصابات الحروق والإصابات الناتجة عن الحوادث والحروب.

بني المستشفى بأيدي عمال أتراك، تحت إشراف مهندسين أتراك أيضاً. وتبلغ مساحته الإجمالية 16 ألف متر مربع. كذلك جرى إنشاء مواقف للسيارات وتخصيص مساحات خضراء واسعة من الحدائق داخل وخارج المستشفى، وأقيم مهبط خاص للمروحيات على أرض تجاور المستشفى لنقل الحالات الطارئة والمستعصية. والمستشفى مجهز بـ103 أسرّة، بما فيها العناية الفائقة، ويضم أربع غرف عمليات و16 غرفة عناية فائقة ووحدة مركزية لحالات الطوارئ الطبية.

عدم افتتاح المستشفى ترك تساؤلات عدّة عند أبناء مدينة صيدا، إذ ترددت معلومات أنّ ذلك يعود إلى خلاف سياسي، لكنّ المدير العام للمستشفى الدكتور غسّان دغمان، يقول لـ"العربي الجديد": "لم يفتتح المستشفى بسبب عدم اكتمال التجهيزات الطبيّة، وهناك معدات موجودة بعد مضيّ تسع سنوات صارت بحاجة لإعادة تأهيل، خصوصاً أنّ الرطوبة عطّلت بعض المعدات التي لا يمكن إصلاحها، وتحتاج إلى تبديل". يضيف: "تسلمت إدارة المستشفى عام 2016 بهذه الحال، وكان من المفترض بعدما سلمته تركيا للحكومة اللبنانية أن تقوم الأخيرة بتجهيز ما تبقى من معدات، لكنّ ذلك لم يحصل لأسباب ماديّة. ومنذ تسلمي المستشفى مولتنا الحكومة بمليار ليرة (663 ألف دولار أميركي، بحسب السعر الرسمي) جرى استخدامها في تجديد المبنى والصيانة واستكمال البنى التحتيّة، كما جرى تجهيز مركز لتكرير المياه اللازمة للمعدات الطبيّة، وكنا قد طلبنا مبلغ 15 مليون دولار وهو في جزء منه للتجهيز، وفي جزء للكلفة التشغيلية لمدة ستة أشهر، وهذا المبلغ على مستوى دولة لا يعتبر مبلغاً كبيراً".



عضو المجلس البلدي في صيدا، كامل كزبر، يقول: "عقد الحكومة التركيّة مع وزارة الصحة اللبنانية وليس مع بلدية صيدا، وقد حاولنا مراراً أن يكون العقد مع البلدية كي تكون لها الحريّة في فتح وتنظيم عمل المستشفى، لكنّ الحكومة التركيّة رفضت الأمر وأصرّت على أن يكون الاتفاق مع الحكومة اللبنانيّة ووزارة الصحّة، وهكذا لم تفتح وزارة الصحة المستشفى بحجة عدم توفر إمكانات ماديّة، فعلق المستشفى بين القرار التركي وإمكانات وزارة الصحة اللبنانية".

يضيف: "حاولنا تدوير الزوايا، وتألّفت لجنة في عهد وزير الصحة الأسبق وائل أبو فاعور، لإجراء دراسة حول كيفية تشغيل المستشفى، وتم التواصل مع مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت. بعدها زار وفد تركي المستشفى بعد زيارات عدة متبادلة. كذلك، هناك دراسة توصي بأن تقوم مؤسسة تركيّة بتشغيل المستشفى، وبذلك نخرج من الإحراج في موضوع التشغيل، ونحن بانتظار القرار التركي بذلك. ولا أخفي أن أحد الوزراء الذين اعترضوا على وجود المستشفى قال: لماذا سيكون في مدينة صيدا مستشفيان حكوميان، وفي مناطق أخرى لا يوجد مستشفى حكومي واحد؟".

بعد تفشّي فيروس كورونا الجديد، سلّطت الأضواء على المستشفى، عقب شائعات انتشرت حول إمكانية افتتاحه وتخصصيه للحجر الصحّي ومعالجة المرضى في حال تمدد الفيروس بشكل كبير. لكنّ عضو "اللجنة الوطنية للأمراض السارية والمعدية" والاختصاصي في الأمراض الجرثومية، رئيس بلدية صيدا السابق، عبد الرحمن البزري، نفى أن يكون "المستشفى التركي" مدرجاً في الخطة المطروحة لوزارة الصحة لمواجهة فيروس كورونا، مؤكداً أنّه "ليس خياراً لاستقبال مرضى كورونا. وكلّ من يتحدّث في هذا الموضوع فهو جاهل بالتجهيزات الطبية الضرورية". كذلك، رفضت مختلف التيارات السياسية في المدينة هذا الأمر وأكدت ضرورة افتتاح المستشفى وتجهيزه ليفي بالغرض الذي أُنشئ من أجله.



وكان من المقرر، قبل بضعة أيام، أن يزور رئيس الحكومة، حسان دياب، مدينة صيدا، يرافقه بعض الوزراء، من بينهم وزير الصحة، حمد حسن، للاطلاع على المستشفى، وتخصيص مبلغ مالي لإطلاق العمل فيه، لكنّ الزيارة ألغيت لأسباب سياسية، نشأت عن تنافس بين حزب الله وحركة أمل من جهة، وتيار المستقبل من جهة أخرى.

المساهمون