متطوعون يكافحون الوباء في ليبيا

متطوعون يكافحون الوباء في ليبيا

16 ابريل 2020
الجهود الرسمية لا تكفي (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -
سدّت الحملات التطوعية في ليبيا نقصاً حكومياً واسعاً في جهود الحدّ من تفشي فيروس كورونا الجديد في البلاد، لا سيما بعد رفض عدة بلديات تسلم مخصصات حكومية من الميزانية المرصودة لمجابهة انتشار الفيروس لعدم كفايتها، ومن بينها بلدية طرابلس التي فضلت إنشاء صندوق للتبرعات لحشد جهود المكافحة، في مؤشر واضح إلى التفات السلطات المحلية في البلاد للجهود الأهلية التي برزت أخيراً بشكل كبير. وتعاني البلديات، من عجز حاد في الإمكانات سواء اللوجستية، أو المالية لدعم المرافق الصحية ومواقع الرصد والتقصي عن الفيروس، الذي بدأ في التفشي في البلاد.

يشير الطبيب، رمزي أبوستة، عضو إحدى لجان الطوارئ التابعة لحكومة الوفاق، إلى أنّ الجهود الرسمية تتكامل مع الجهود المحلية التطوعية، ومختلف المراكز الصحية تتلقى مساعدات من المتطوعين سواء من خلال التبرع المباشر أو من خلال تقديم الدعم لفرق الرصد والتقصي وتسهيل تنقلاتهم أو توفير عناصر الحراسة لهم.

وبالرغم من ذلك، يؤكد الناشط المدني حاتم سلامة، وهو أحد مشرفي مجموعة "معلومات وطرق الوقاية" ذائعة الصيت، على منصات التواصل الاجتماعي، أنّ المجموعة التي يديرها مع زملائه جاءت منذ البداية لسد العجز الحكومي لعلمهم بالقصور الذي يعانيه قطاع الصحة خصوصاً في التوعية من المرض. ولذلك، بادروا إلى إطلاق هذه المجموعة الموجهة للناس.



يضيف لـ"العربي الجديد": "فريقنا مكون من خمسة شبان يطالعون المواقع العالمية المتخصصة ويتصلون بالأطباء، كلّ ذلك بشكل تطوعي". يلفت إلى أنّ حملة التوعية من الفيروس التطوعية لقيت إقبالاً كبيراً من المواطنين وتستقبل عشرات الأسئلة يومياً لتحويلها للمتخصصين. أما حملة "شباب ضد كورونا" فقد لقيت أصداء واسعة لتتجاوز العاصمة طرابلس وتشمل أكثر من ست مدن ليبية أخرى، وتظهر الصفحة الرسمية للحملة قيام المنتسبين إليها بحملات تعقيم واسعة طاولت مراكز ومباني عامة أهملتها الحكومة، كمقار المصارف ومحطات التزود بالوقود والطرقات والمحال التجارية، بل طاولت أيضاً أعمالاً إنسانية كحملة تعقيم لمقار إيواء المهاجرين السريين في وقت خفضت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وجودها في ليبيا.

يقول أسامة علي، أحد مشرفي الحملة، إنّها باتت اليوم تعوض نقصاً رسمياً كبيراً، ففي بعض المدن وزعت المؤن على النازحين بهدف التقليل من التجمعات وخروجهم من مقارهم، كما ساهمت بشكل كبير في التوعية لإقناع المواطنين بالبقاء في البيوت من خلال برامج تطوعية تبثها بعض الإذاعات المسموعة ومن خلال توزيع المنشورات في الطرقات العامة. يقول علي لـ"العربي الجديد": "بعض فروع الحملة تساهم في تنظيم الطوابير أمام المحال التجارية وفق المسافات المطلوبة طبياً منعاً للاختلاط". ويشير إلى أنّ "حملة تعقيم أخيرة لمتطوعي الحملة في جهاز الإسعاف والطوارئ انتهت إلى إمكانية تنسيق جهودنا مع الجهاز لدعم النقص الذي يعانيه".

ولقاء الاستنكار والإدانة اللذين وجهتهما كوادر طبية لوزارة الصحة والحكومة لعدم توفيرها الملابس الواقية للأطباء من الفيروس، أطلقت شركة ملابس خاصة بالتنسيق مع الجمعية الليبية للأزياء حملة تطوعية لتوفير تلك الملابس، تحت وسم "نحنا معاكم". وقالت الجمعية الليبية للأزياء إنّ الحملة شاركت فيها مصممات أزياء وشركات خياطة ليبية وبدعم مادي من أحد رجال الأعمال. ومن جانبها، احتفلت إحدى الشركات المساهمة في الحملة، قبل أيام، بتسليم أول دفعة من الملابس الواقية، لطبيبات مستشفى "الجلاء للأطفال".

يتحدث حسن بركان، عضو جمعية التيسير الأهلية، عن جهود كبيرة يقودها المتطوعون في الجنوب الليبي: "الجهد في الجنوب كله أهلي، ولا وجود للجهات الرسمية إلا على الورق". يشير إلى أنّه يسعى لشراء كميات كافية من اللوازم الطبية لبعض المراكز الصحية في الجنوب. يقول بركان لـ"العربي الجديد" إنّ رجال الأعمال مقبلون على التبرع ودعم المؤسسات الأهلية لسدّ النقص الكبير الذي تعاني منه المؤسسات الصحية في الجنوب.



في مدينة مصراته، أعلن رئيس اللجنة العليا لمجابهة كورونا، حسن الجمل، عن تبرع مواطن ليبي بمستشفى خاص للجنة ليكون مقراً للعزل الصحي للمصابين بالفيروس، مشيراً إلى أنّ مستشفى المتبرع يتسع لمائة سرير نصفها مجهز بأجهزة التنفس الاصطناعي.
وفي طبرق، شرقي البلاد، أعلن المجلس البلدي للمدينة عن تبرع مواطن من المدينة بمقر خاص لاستخدامه للحجر الصحي، مشيراً إلى أنّ المقر سهّل على المدينة تطبيق إجراءات طبية للوقاية وتطويق المرض في حال وصوله إلى المدينة.

أما في غدامس، الحدودية مع الجزائر، فقد تمكن فريق شبابي تطوعي من الاتفاق مع المصارف لسحب رواتب المواطنين وتوصيلها إلى بيوتهم لمنع الازدحام والاختلاط أمام الفروع.

دلالات