لهذه الأسباب يتدهور العاملون بالقطاع الصحي نفسياً وقت الأزمات

لهذه الأسباب يتدهور العاملون بالقطاع الصحي نفسياً وقت الأزمات

31 مارس 2020
نظام الرعاية الصحية الفرنسي يعدّ أحد أفضل الأنظمة بالعالم(Getty)
+ الخط -

كرس الطبيب فيليب نوس، رئيس قسم الأمراض النفسية في مستشفى سانت أنطوان في باريس والباحث المتخصص في أمراض الفصام في جامعة السوربون، جزءاً من عمله لدراسة أوضاع العاملين في النظام الصحي الفرنسي، وتقديم المشورة للأطباء ومقدمي الرعاية الآخرين حول ضغط عملهم عليهم منذ هجمات باتاكلان الإرهابية في عام 2015، وذلك بعد التداعيات السلبية التي يتعرض لها الأطباء أثناء إدارتهم للأزمات.

يقول نوس، بحسب تقرير صادر عن موقع "نيويوركير" الأميركي بعنوان "الطبيب النفسي الفرنسي الذي يقدم المشورة لأطباء الأزمات"، إن نظام الرعاية الصحية الفرنسي يعدّ أحد أفضل الأنظمة في العالم، ولكنه عانى من التقشف، ما انعكس على أوضاع العاملين.

ويضيف "واليوم مع تفشي وباء كورونا، تتم محاصرة النظام الطبي من خلال النقص الحاد في أجهزة التنفس، والاختبارات، والأقنعة، وغيرها من الأدوات الطبية، لذا فإن مقدمي الرعاية الآن يعتبرون هشّين للغاية، وهو ما ينعكس على آليات عملهم".

منذ بداية أزمة كورونا، تحدث نوس إلى حوالي 100 شخص من العاملين في المجال الطبي، أطباء، ممرضات ومساعدي الممرضات والمنظمين، وخلال هذه المحادثات، لاحظ نوس أن العاملين في المجال الطبي يعانون من ضغوط نفسية نتيجة آليات العمل غير المنظمة ونقص المعدات الطبية، واستمرار أمد الأزمة، إضافة إلى ضغوط أخرى، تتعلق بحرمانهم من النوم، الإرهاق، والشعور بالذنب بعد وفاة المصابين.

ووفق الطبيب، فإن أكثر ما يزعج الأطباء ويضغط عليهم نفسياً، هو عنصر الوقت. فوفق شهادة أحد الأطباء العاملين في مستشفى سان أنطوان، فإنه ينتظر يومياً قدوم مئات المصابين.

يقول في هذا الصدد: "أعرف أن نهاية هذا الأسبوع ستكون مروعة، سيكون هناك المئات من المصابين، مئات الإسعافات التي ينبغي القيام بها، ومئات العلاجات". يبدو، بحسب شهادة الطبيب، أنه متشائم من استمرار الأزمة وطول أمدها، ما ينعكس سلباً على وضعه النفسي، وفق الأخصائي نوس.

يرى نوس أن معنويات الأطباء بدأت تهتز بسبب الوباء، فقد أكد له أحد العاملين في الرعاية الصحية أنها معركته الأخيرة، وأنه سيغادر المستشفى بعد الانتهاء من أزمة الفيروس التاجي.

صحيح أن الأطباء اعتادوا على أداء مهامهم تحت ضغط شديد، ولكن في البلدان التي يهدد فيها معدل الإصابة بالفيروس التاجي قدرة النظام الصحي، فإنهم يواجهون العديد من الصعوبات، وفي مقدمتها صعوبات أخلاقية المهنة، وهو أكثر ما يعرضهم للأذى النفسي.

يذكر نوس أن رئيس وحدة الطوارئ في مستشفى سان أنطوان قال له: "سيكون لدينا جهاز تنفس واحد فقط لكل شخصين، لذلك نحن نحاول التوصل إلى طريقة لمشاركتهما الجهاز، وهذا ليس سهلاً، فكيف يمكن نزع الجهاز عن مصاب يحتاجه، وكيف يمكن ترك مصاب آخر دون وجود جهاز للتنفس؟".

ويرى نوس أنه عندما يغمر الطاقم الطبي شعور بأنهم يتحملون عبء الأزمة، فإن ذلك يجعلهم أكثر عرضة لإيذاء أنفسهم.

ويختم فيليب نوس شهادته بالقول: "عندما بدأت بمتابعة الأوضاع النفسية للعاملين في القطاع الصحي بعد هجمات الإرهابيين في العام 2015، كان الأطباء يعلمون أن عدوهم في الخارج، فيما اليوم تبدلت رؤية الأطباء، فقد بدأوا يشعرون بأن التهديد يأتيهم من الدخل، تهديد من الفيروس، ونقص المعدات والأدوات الطبية".

 

دلالات