هكذا تعيش الكويت يوميات كورونا

هكذا تعيش الكويت يوميات كورونا

04 مارس 2020
وقاية أثناء صلاة الجمعة (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -
حتّى أكثر المتشائمين في الكويت لم يتوقّع أن يصل فيروس كورونا الجديد إليها، مسجّلاً أعلى نسبة إصابات بين البلدان العربية. ووصل الفيروس إلى البلاد عن طريق كويتيين كانوا في زيارة إلى إيران في إطار السياحة الدينيّة. وقد بلغ عدد الإصابات في البلاد 56 حالة حتى يوم أمس. وفي محاولة لاحتواء الفيروس، شدّدت الكويت من إجراءاتها فور اكتشاف أول حالة إصابة قادمة من إيران، وفرضت حظراً على السفر إلى إيران وكوريا الجنوبية وتايلاند وإيطاليا، إضافة إلى تعليق منح تأشيرات جديدة للمصريين بسبب اشتباهها في انتشار الفيروس في مصر. كذلك وضعت أكثر من ألف مواطن ومواطنة قادمين من إيران في الحجر الصحي، على الرغم من اعتراض البعض، وعلّقت الدراسة في المدارس والجامعات.

اعتادت أم حسين العلي، وهي مواطنة كويتية تبلغ من العمر 55 عاماً، قضاء عطلة العيد الوطني وعيد التحرير يومي 25 و26 فبراير/ شباط من كل عام في إيران مع ابنتها منذ سنوات طويلة. لكن الرحلة الأخيرة كانت مرعبة، كما تقول لـ "العربي الجديد"، هي التي وضعت في الحجر الصحي في مدينة الخيران البحرية جنوب البلاد. تضيف: "سعت وزارة الصحة إلى تأمين حجر صحي مريح للقادمين من إيران، إضافة إلى الحالات الأخرى المشتبه فيها والقادمة من بلدان أخرى. لكن الجو العام في مركز الحجر الصحي المستحدث يغلب عليه التوتر. منذ أيام الغزو العراقي عام 1990، لم نختبر شعوراً مماثلاً، على الرغم من التطمينات المستمرة والفحوصات الدورية والرعاية الحكومية التي نتلقاها".

وفي ظل حالة الارتباك العامة داخل المركزين الحكوميين اللذين خصصتهما الحكومة للحجر الصحي، وهما فندق الكوت في مدينة الفحيحيل جنوب البلاد، ومنتجع الخيران في مدينة الخيران البحرية أقصى جنوب البلاد، حاول عدد من الأشخاص الخاضعين للحجر الصحي الفرار، قبل أن تعيدهم القوات الخاصة المكلفة بالحراسة. ورفض آخرون الاستجابة لتعليمات وزارة الصحة فور وصولهم إلى المطار، ما دفع القوى الأمنية إلى التدخل.



ولم تحتفل البلاد في عيدها الوطني يوم 25 فبراير/ شباط، وألغت الحكومة الفعاليات الاحتفالية كافة، بما فيها المسيرة الكبرى التي تُقام في شارع الخليج العربي كل عام. وبدا شارع الخليج فارغاً، في ظل قرار حكومي بمنع التجول فيه، والذي خالفه بعض الشبان المحتفلين الذين لم يأبهوا لقرار الحظر، وأصروا على الاحتفال مرتدين الكمامات الواقية.

وأحجمت عائلات كويتية عن الذهاب إلى المنتجعات للاحتفال بعطلة العيد الوطني. وألغى كثيرون الحجوزات خوفاً من انتشار المرض، كما ألغى آخرون حفلات زفافهم التي كانت مقررة هذه الأيام في ظل التحذيرات الحكومية المتكررة بتجنّب الأماكن المزدحمة والمختلطة، وتجنب السفر لغير الضرورة.

من جهته، يقول علي طالب لـ "العربي الجديد" إنّ عائلته ألغت حجزها في منتجع على الشاطئ في مدينة الخيران خوفاً من انتشار الفيروس، وفضلت البقاء في البيت ومشاهدة المسلسلات والأفلام والقراءة. كما أنها حدّت من زياراتها العائلية خوفاً من انتشار العدوى، خصوصاً أن بعض كبار سن والأطفال في العائلة يعانون من أمراض مزمنة.

كمامة بالألوان (ياسر الزيات/ فرانس برس) 


وانخفضت مبيعات المطاعم والمحال التجارية التي كانت تسجل أرقاماً قياسية في فترة العيد الوطني. يقول نواف الشمري، وهو صاحب سلسلة مطاعم محلية، إن التراجع وصل إلى 70 في المائة. يشار إلى أنّ المجمعات التجارية التي كانت تكتظ بالزوار في فترة الأعياد الوطنية باتت شبه خالية، ولم يسجل أحد أكبر المجمعات التجارية في العاصمة الكويت أكثر من بضع مئات من الزوار، بحسب ما يقول أحد مسؤوليه لـ "العربي الجديد".

وأعلن وزير التربية والتعليم العالي، سعود الحربي، أنّ الوزارة ما زالت تدرس خيار تمديد العطلة الطارئة التي قُرّرت مطلع شهر مارس/ آذار الجاري حتى منتصفه، لحماية التلاميذ من احتمال انتشار العدوى، خصوصاً أن بعض المعلمين كانوا قد عادوا من إيران وباشروا عملهم قبل وضعهم في الحجر الصحي. ويشير الحربي إلى أن وزارته ما زالت حائرة في التعامل مع الفيروس في ظل اقتراب شهر رمضان وعزوف غالبية الطلاب عن الدراسة نظراً لارتفاع درجة الحرارة في شهر مايو/ أيار المقبل. في الوقت نفسه، فإن أي انتشار للعدوى داخل المدارس يعني تفشي الفيروس بين الأطفال.



وفي مجمع الوزارات، أحد أكبر أماكن العمل الحكومية في الكويت، يقف آلاف في طابور للخضوع للفحص الطبي اليومي الذي قررت وزارة الصحة اعتماده. يقول زيد العويد، وهو أحد العاملين في الطواقم الطبية، لـ "العربي الجديد": "الأوامر تقتضي بعدم ترك أي موظف أو مراجع يقترب من أكبر مبنى حكومي في البلاد من دون فحصه والتأكد من خلوه من أعراض المرض".

وعلى الرغم من التطمينات الحكومية التي أطلقها المتحدث باسم وزارة الصحة، عبد الله السند، والذي أكد قدرة البلاد على مواجهة المرض، ومتانة البنية التحتية للقطاع الصحي، وتوفر السيولة المالية اللازمة لشراء المعدات الصحية الطارئة، وعدم وجود أي حالة وفيات، وتصاعد معدل الشفافية في الكشف عن أعداد المرضى بعكس بلاد أخرى، فإن حالة الذعر ما زالت تسيطر على الشارع الكويتي. وتنتشر الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يتداول كثير من المواطنين صوراً ومقاطع فيديو وأخباراً غير صحيحة حول انتشار الفيروس في مناطق معينة وحدوث وفيات، إضافة إلى نشر وصفات شعبية لعلاج الفيروس.