فلسطينيو الداخل يعانون نقصاً في فحوصات كورونا

فلسطينيو الداخل يعانون نقصاً في فحوصات كورونا

24 مارس 2020
أنشأ الاحتلال ثلاثة مراكز ميدانية لفحوصات كورونا (Getty)
+ الخط -
كشف وباء كورونا الوجه الحقيقي لوزارة الصحة والمؤسسة الإسرائيلية عموماً، وعمق التمييز العنصري في التعامل مع المجتمع الفلسطيني في الداخل. فعلى الرغم من مرور أكثر من عشرين يوماً على تكثيف الجهود الرسمية في مواجهة جائحة كورونا، وعلى الرغم من الظهور المتكرّر لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وإلى جانبه وزير الصحة يعقوف ليتسمان ومدير وزارة الصحة موشيه بار سيمان طوف، فإنّ أول ما التفت إليه رئيس حكومة الاحتلال، هو محاولة وصم الفلسطينيين في الداخل بعدم الانصياع لتعليمات الحذر المختلفة، والادعاء بشكل عنصري وسافر، أنّ العرب في الداخل لا ينصاعون لتعليمات الوقاية، متناسياً أنّ الوقائع بيّنت، حتى في التقارير المباشرة التي نقلتها قنوات التلفزة الإسرائيلية، استمرار خرق هذه التعليمات، وخصوصاً التجمهر والتنزه في الأماكن العامة بشكل صارخ من قبل المجتمع الإسرائيلي، ولا سيما شرائح المجتمع الحريدي الأرثوذكسي، وفي قلب تل أبيب.

وإذا كان هذا التعامل العنصري غير كافٍ، فقد بيّنت المعطيات الرسمية التجاهل المطلق للمجتمع الفلسطيني، سواء في سياق تقديم معلومات عن عدد الإصابات أو الفيروس لدى فلسطينيي الداخل. وتبيّن المداولات والنقاشات الداخلية لدى الجهات المختصة في المجتمع الفلسطيني، ووفق معلومات من الأطباء والعيادات المختلفة، عدم وجود مراكز للفحوصات الميدانية في البلدات العربية أو المحاذية لها، خلافاً للوضع القائم في المدن اليهودية.
ويخشى الفلسطينيون في الجليل والنقب، من أن يؤدي النقص والانعدام في فحوصات تشخيص كورونا في البلدات والمجمعات العربية، إلى تفاقم انتشار الفيروس، وصولاً إلى عدم القدرة على السيطرة عليه واحتوائه.
وفي غياب التحرك الرسمي للمؤسسة ووزارة الصحة، سعت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، مع اللجنة القُطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، إلى تشكيل طاقم طوارئ تمثيلي ومهني، يتابع كل جوانب انتشار فيروس كورونا في المجتمع العربي، وتبعات الأزمة الصحية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية.
وجاء في بيان أصدرته لجنة المتابعة، أنّ "خطر انتشار وباء كورونا ما زال ماثلاً أمامنا، ولا نستطيع للأسف الشديد أن نتوقع متى يزول هذا الخطر. وهناك قواعد وتوجيهات علينا كمجتمع وكأفراد أن نلتزم بها، بحكم مسؤولية المواطن عن صحته وعن صحة المجتمع عموماً".
وأشار البيان إلى أنه "إلى جانب ما هو قائم من حقوق في متناول يدنا، هناك حقوق أساسية وجوهرية لم نحصل عليها، إما بفعل التمييز الذي تمارسه الحكومة ومؤسساتها ضدنا، وإما بفعل قلة التجربة أو قلة المعرفة".
وفي هذا المجال، تقوم اللجنة القُطرية للسلطات المحلية العربية، بجهود جدية للإجابة عن الأسئلة الحياتية، بما فيها الالتفات إلى العائلات المحتاجة من خلال أقسام الشؤون الاجتماعية، ومن أهل الخير في كل قرية ومدينة.


وقال الدكتور محمد خطيب، من مركز اللجنة القُطرية للصحة، لـ"العربي الجديد": "توجهنا بطلب معطيات منذ بداية أزمة كورونا لوزارة الصحة، وكان ردّهم بأنهم لا يفصلون بين مجموعات سكانية. لا توجد عندنا معطيات بالنسبة للإصابات في المجتمع العربي. نعرف حالياً، ونُقيّم أنّ العدد قليل، وذلك نتيجة قلة الفحوصات لدى المجتمع العربي. طالبنا بأن يكون هناك عدد أكبر لفحوصات كورونا في البلدات العربية".
وأضاف خطيب: "غالبية الخدمات والفحوصات في منطقة المركز (أي منطقة مدن تل أبيب، رمات غان، جفعاتيم، وهرتسليا)، وكذلك المستشفيات. هناك ثلاثة مراكز ميدانية لفحوصات كورونا يطلق عليها (درايف إن)، السؤال لماذا لا يوجد مركز مثله في مدينة بئر السبع أو في منطقة وادي عارة بالمثلث، أو سخنين وعرابة في الجليل؟ هذه المناطق متاحة وسهل الوصول إليها إذا ما توفرت للمجتمع العربي".
وأشار خطيب إلى أنّ "لجنة متابعة الصحة طالبت بفتح مركز للفحوصات في وادي عارة، لكن الوزارة الإسرائيلية ردّت بأنّ هناك 20 فحصاً ولا حاجة لذلك. هذا ادّعاء غير صحيح. عندما يكون هناك مركز فحوصات ميداني فإنّ الناس ستتوجه أكثر للفحوصات ولنجمة داوود الحمراء. هذا عذر أقبح من ذنب".
إلى ذلك، تُعدّ لجنتا المتابعة والقُطرية ورقة بنواقص واحتياجات المجتمع العربي في مجال الصحة، لتكون وثيقة ومرجعية للمطالبة بها من الجهات المخولة. وقال محمد بركة، رئيس لجنة المتابعة لفلسطينيي الداخل، لـ"العربي الجديد": "لقد جاءت المبادرة لإقامة هيئة طوارئ قطرية لضمان تكامل وتناغم النشاطات القائمة في المجتمع العربي، لضمان النجاعة والتنسيق والامتناع عن الازدواجية والكيل بمكيالين. الوضع الحقيقي في المجتمع العربي أسوأ بكثير. حتى الفحوصات الأساسية غير قائمة، ومن يريد إجراء الفحص من سكان الجليل مثلاً، عليه السفر إلى تل أبيب، وهذا يعني أنّ أول من سيدفع الثمن هم المواطنون العرب".



أما على مستوى الصحة النفسية، فقد بادرت رابطة السيكولوجيين العرب إلى فتح خط للمساندة والدعم النفسي. وقالت الأخصائية يعاد غنادري حكيم، رئيسة هيئة رابطة السيكولوجيين العرب، لـ"العربي الجديد": "بادرنا ونشرنا بياناً لجمهور السيكولوجيين العرب للتطوع لفتح خط للدعم النفسي، ووجدنا استعداداً كبيراً من السيكولوجيين المتطوعين. قمنا بفتح مجموعة تواصل على (واتساب) لخمسة وستين من السيكولوجيين والعمال الاجتماعيين وغيرهم في مجال الصحة النفسية. بدأنا بتفعيل خط الدعم النفسي يوم أمس. الجمهور يبعث برسالة، وهناك فريق يقدم الدعم هاتفياً أو يجيب على الاستشارات كتابياً، وآخرون فاعلون تطوعاً بمبادرات أخرى ترعاها الرابطة حالياً"، مضيفة: "نعمل من دون دعم مادي".

وبموازاة ذلك، تشهد بلدات الداخل الفلسطيني حالة من التوتر والترقب، خصوصاً في ظل انعدام المعلومات الواضحة للرأي العام، حتى في التعليمات الرسمية، إذ كانت هذه التعليمات تنشر بداية بالعبرية فقط، من دون أي اهتمام بالمجتمع الفلسطيني في الداخل الذي تصل نسبته من مجمل المواطنين في إسرائيل إلى 20% من السكان. وبعدما بادر أطباء عرب ومديرو العيادات إلى ترجمة هذه التعليمات إلى العربية بمبادرة خاصة، بدأت وزارة الصحة الإسرائيلية بنشر التعليمات باللغة العربية على نطاق واسع.

المساهمون