أبطال كورونا

أبطال كورونا

23 مارس 2020
خط دفاعنا الأول في وجه الفيروس (حسين بيضون)
+ الخط -
العالم اليوم في معركة حقيقية. انتشر وباء كورونا في أربع أصقاع الأرض. المصابون بمئات الآلاف والضحايا بالآلاف. الفيروس ليس مزحة سمجة كما تمنينا أن يكون. المشاهد التي نراها من إيطاليا ومن إسبانيا، وقبل ذلك من الصين، للضحايا وأهلهم، تعصر القلب وتنبّهنا إلى ضرورة الاحتياط والوقاية واتخاذ إجراءات سريعة. في هذه المعركة، لكلّ دقيقة ثمنها. ولأول مرة ربما نشعر بمدى أهمية الوقت.

ووسط هذه الجلبة، ووسط هذا السباق بيننا وبين الفيروس، ووسط الخطر العالق في التفاصيل التي نقرأ عنها ونتعرّف عليها في كل يوم، نفكّر بأولئك الذين يدخلون بإرادتهم إلى قلب المعركة ليدفعوا بالخطر عنا. بالعادة تعوّدنا أن يكون هؤلاء الأبطال رسوماً متحركة أو شخصيات نحبها في أفلام الخيال العلمي. لكنهم اليوم حقيقيون وموجودون بيننا، ويتولون العناية بنا وبصحّتنا.

من هم هؤلاء الأبطال؟
هم عمال النظافة. خط دفاعنا الأول في وجه الفيروس الذي يتسرّب من قلة النظافة والاهتمام. هؤلاء العمال سواء كانوا في الشوارع أو الأبنية أو المكاتب، هم مظلّتنا الحامية. يواجهون الفيروس في أحيان كثيرة من دون أدوات الحماية. يجمعون نفاياتنا التي نخاف منها. يعقّمون، يطهّرون، ويجعلون بيئتنا أكثر أماناً. فنثق أننا بتنا محميين ولو إلى حين. هؤلاء مغامرون، يقومون بما نخاف أن نقوم به، وأحياناً بما نخجل منه. لكننا اليوم، وأكثر من أي يوم، ندرك أهميتهم في حياتنا.

هم الجسم الطبي بكل تشكيلاته، من أطباء وممرضين وفرق إسعاف وعمال في المستشفيات. المستشفيات التي نكرهها وكنا نخاف منها، فصرنا نخاف منها أكثر. نتفرج كل يوم كيف أن هؤلاء في حال من الاستنفار المنهك. حتى أنه تم استدعاء الكثيرين منهم من تقاعدهم في عدد من البلدان لعدم قدرة المنظومات الصحية على الاستجابة. وهؤلاء، جميعهم، يقومون بواجباتهم المهنية والأخلاقية وأكثر فيصابون بالفيروس أحياناً، وقد يفقدون حياتهم.

هم العلماء والخبراء الذين كثفوا عملهم في الأيام الأخيرة كي يصلوا إلى اللقاح المضاد للفيروس. وهؤلاء بالعادة ناس نجلّهم لكن لا نعرف شيئاً عنهم ولا عن حيواتهم. لا نعرف الكثير عن المختبرات التي يقضون حياتهم فيها بين الأنابيب والسوائل والأدوية. وربما ظننا أن حياتهم مملة قبل أن ننتبه إلى أهميتهم في تفكيك أمراضنا وتحليلها للوصول إلى ما يمكن أن ينقذنا.



العالم اليوم في معركة كونية. هذا أمر محسوم. لكنها معركة يمكننا الانتصار فيها ببعض الحيطة والمسؤولية، من أجلنا ومن أجل من نحبهم. لكن وأيضاً من أجل الذين سخّروا أنفسهم لحمايتنا. فلهؤلاء الكثيرين، غير المرئيين أحياناً، أينما كانوا، كل الحب والاحترام.

المساهمون