"العربي الجديد" يرصد أوضاع المهاجرين على الحدود التركية اليونانية

"العربي الجديد" يرصد أوضاع المهاجرين على الحدود التركية اليونانية: انتظار المجهول

19 مارس 2020
استخدام الحطب للتدفئة والطهو (جيهان دامرجي/الأناضول)
+ الخط -
يعاني المهاجرون في المنطقة الحدودية التركية - اليونانية من أوضاع مأساوية، بعدما فرضت السلطات التركية إجراءات مشدّدة على دخولهم وخروجهم من المنطقة، فضلاً عن منع معظم وسائل الإعلام التركية والأجنبية من التغطية الإعلامية لأوضاعهم.

وتخضع المنطقة لحراسة مشددة من قبل دوريات الشرطة التركية والجندرما، ويُسمح لمنظمات الإغاثة التركية الحكومية والخاصة بالدخول بالتنسيق مع ولاية أدرنة، وهي تقدّم الخدمات الطبية والطعام للموجودين في المنطقة في ظلّ غياب الخدمات الأساسية والمرافق العامة.
وانتشرت مئات الخيم بين الأشجار، وهي خيم تمّ نصبها على عجل، لا تقي برد الشتاء، وهي مهددة بالغرق في المياه مع تساقط الأمطار وأجواء الطقس الباردة.

وعلى الرغم من تقديم الطعام للمهاجرين في المنطقة من قبل منظمات الإغاثة التركية، وفي مقدمتها الهلال الأحمر التركي، إلا أنّ ما يُقدّم لا يكفي الجميع، حيث يصطفّ المئات في الطوابير، لساعات طويلة، بانتظار وجبة لشخص واحد، ما يترك العائلات بدون طعام كافٍ أو المستلزمات الضرورية لأطفالهم. 

كما يتم توفير المياه عبر صهاريج، تتمّ التعبئة منها في ظلّ ظروف غير إنسانية وغير صحيّة، مع وجود الأطفال والرضع والنساء والعجائز، فضلا عن الشباب من حولها. بينما تُستعمل نار الحطب للتدفئة والطهو، ما يوفّر أجواء غير ملائمة للصحة.

وأعرب عدد من اللاجئين عن حالة الإحباط التي يعانون منها بعدما باتوا منسيين في هذه المنطقة، في ظلّ تعتيم إعلامي على أوضاعهم التي تزداد سوءا.

وفاء الدبس، سورية من مدينة حمص وأم لولدين، أعربت عن خيبة أملها مما يحصل، إذ إنّ أوضاعهم المعيشية صعبة جداً وبدأت أموالهم تنفد، فلا هم قادرون على العودة ولا العبور باتجاه أوروبا.

وقالت الدبس لـ"العربي الجديد": "عند فتح الحدود، بعنا حاجيات المنزل على عجل وسلّمنا البيت لصاحبه واستعدنا أموالنا، فلم يتبق لنا أيّ شيء في تركيا. والآن علقنا هنا دون إمكانية للعبور، ولا يمكن أن أصطحب أولادي ليقفوا في الصف من أجل الحصول على قطعة خبز صغيرة".

وأضافت "لا تسمح لنا السلطات التركية بالخروج من أجل شراء حاجياتنا الأساسية من القرى المجاورة، ولا تتوفّر الحاجات الأساسية لنا في هذه المنطقة، ما جعل حالتنا النفسية صعبة، وأولادنا هنا باتوا يعتقدون أن أوروبا هي هذه المنطقة الحدودية".

كما أكدت أن "الجانب اليوناني يستخدم العنف بشكل مستمر، ويتم استخدام الغازات المسيلة للدموع التي أثّرت بشكل كبير على الأطفال".

من ناحيته، قال الشاب السوري محمد عبد الرحمن: "للأسف المعاملة سيئة جداً هنا. تعرّضنا للسرقة، أخذوا أموالنا وأوراقنا الثبوتية في القرى المجاورة عندما أتينا إلى هنا. ومع مرور الوقت تمّ التضييق علينا ولا يمكننا الآن العودة إلى تركيا حيث تركنا كلّ شيء وراءنا، ولا العيش هنا أو العبور لأوروبا. نريد الخبز لإطعام أبنائنا، فلا طاقة لنا على الانتظار في الطوابير الطويلة".

وتحدثت مجموعة أخرى من اللاجئين، من جنسيات عربية أخرى، عن الأوضاع الصعبة في ظلّ انخفاض درجات الحرارة، وعيون أفرادها على الاتفاقات التركية الأوروبية، ينتظرون المجهول وهم يحاولون العبور يومياً.

ويشهد الشريط الحدودي محاولات عبور شبه يومية، تواجهها قوى الأمن اليونانية بإطلاق الغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي، في حين يستعين اللاجئون بنهر مريج الفاصل بين الحدود التركية - اليونانية، للاستحمام وغسل الثياب.
 
وكانت تركيا قد أعلنت عن فتح الحدود، نهاية فبراير/شباط الماضي، على خلفية تدهور الأوضاع الميدانية في محافظة إدلب السورية، ونزوح المدنيين باتجاه الحدود التركية، بعدما تقدّمت قوات النظام في عدد من القرى والبلدات المشمولة باتفاق سوتشي الموقّع بين تركيا وروسيا في عام 2018.

المساهمون