كورونا يرعب سجناء لبنان: نريد العفو

كورونا يرعب سجناء لبنان: نريد العفو

18 مارس 2020
تتواصل المطالبة بالعفو العام في لبنان (جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -

يعيش 7046 سجيناً في 25 سجناً لبنانياً، تتوزع على مختلف المناطق حالة من القلق والخوف على حياتهم من احتمالات وصول وباء كورونا الجديد، علماً أنّه سجل أكثر من 100 إصابة في لبنان، ويطالب هؤلاء بالعفو العام

يؤكد المحامي محمد صبلوح، مقرّر لجنة السجون في نقابة المحامين في طرابلس، شمالي لبنان، أنّ وصول وباء كورونا الجديد إلى سجون لبنان، إذا ما تحقق، "سيرتكب إعداماً جماعياً". هذا الخوف دفع بسجناء، مساء أول من أمس الإثنين، إلى افتعال أعمال شغب داخل سجن رومية (الأكبر في البلاد)، إذ حاولوا تكسير أبواب الزنازين وخلعها وإضرام النار في الغرف، في حين يواصل القسم الأكبر منهم إضراباً عن الطعام، ويطالبون بإقرار العفو العام الذي يشمل الموقوفين الإسلاميين (مادة خلافية في لبنان). ونتج عن أعمال الشغب سقوط جريحين من السجناء نقلا إلى المستشفى، بحسب بيان رسمي صادر عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي.




تؤكد مصادر أمنية لـ"العربي الجديد" أنّ الوضع مضبوط في السجن والإجراءات المطلوبة للوقاية من كورونا مؤمنة بالكامل للسجناء، لكنّ الاستغلال للفيروس موجود أيضاً بهدف التسريع في إقرار العفو العام والضغط لإنجازه قريباً، معتبراً أنّ السجناء من المتوقع أن يقوموا بأعمال شغب جديدة ولن يتراجعوا، لكنّ الأجهزة الأمنية ستتصدى لهم.

يشدد صبلوح، في حديثه مع "العربي الجديد"، على أنّ خوف السجناء مبرّر وطبيعي ويستند إلى "سوء الرعاية الطبية في السجون اللبنانية، وغياب الجهوزية لأيّ حالة طارئة، فضلاً عن الاكتظاظ، إذ يفوق عدد السجناء القدرة الاستيعابية لكلّ سجن بشكل يتناقض مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ويعرّض صحة هؤلاء للخطر، لا سيما مع انتشار وباء تستدعي الوقاية منه الالتزام بالنظافة الشخصية واستخدام المواد المعقمة باستمرار، وهو ما لا يتوفر في السجون، علماً أنّ هناك تعقيماً بسيطاً يُجرى، فيما تُنقل الحالات المشتبه بها بسرعة إلى المستشفى لإجراء الفحوص". ويلفت صبلوح إلى حادثة وقعت قبل فترة عندما شعر سجينان بالمرض في سجن رومية في المبنى "ب" ونقلا إلى المستشفى، ما أحدث بلبلة وهلعاً في صفوف السجناء الآخرين، خصوصاً أنّ للوباء ضغوطاً نفسية أيضاً، وهكذا بات الخوف من كورونا يلاحقهم، وقد سجلت إثر ذلك حالات برد وحرارة مرتفعة وإسهال لدى 15 سجيناً، جرى إرسالهم فوراً إلى المستشفى. يؤكد صبلوح أنّ الخوف من انتقال العدوى ليس فقط من الزائرين بل أيضاً من العناصر الأمنية التي تعمل في الخارج ثم تدخل إلى السجون والنظارات بلا ضمانة بأنّ هؤلاء لا يحملون الفيروس "من دون أن ننسى أنّ مناعة السجناء ضعيفة" بسبب ظروف السجن.

بدوره، يؤكد المحامي عصام الخوري، من نقابة المحامين في بيروت، لـ"العربي الجديد"، أنّ عمل نقيب المحامين في بيروت، ملحم خلف، ارتكز منذ البداية على دفع غرامات السجناء الذين أتموا محكوميتهم لإخراجهم من السجن والتخفيف من الاكتظاظ، وهكذا رُصد 180 سجيناً جرى إخراج 80 منهم وأبقي على 100 سجين من ذوي الغرامات المرتفعة التي تفوق ثلاثة آلاف دولار أميركي "لكنّنا نسعى مع وزارة العدل إلى إخراجهم عبر تطبيق المادة 67 من قانون موازنة 2019 لناحية إعفاء المحكومين من تسديد الغرامات المالية. كذلك، سعينا إلى توكيل 180 محامياً للدفاع عن 180 سجيناً لا وكيل قانونياً لديهم، لمتابعة جلسات محاكماتهم".

تجدر الإشارة إلى أن مجلس الوزراء وافق، أمس الثلاثاء، على مشروع قانون معجل لإعفاء المحكومين الذين أمضوا مدة العقوبة المنزلة بهم ولا يزالون في السجن لعدم تسديد الغرامة المحكومون بها. كذلك تمت الموافقة على مشروع قانون تعليق المهل القانونية والقضائية والعقدية لغاية 30 يونيو/ حزيران المقبل.

 يضيف الخوري أن "هذه الإجراءات مستكملة من قبل نقابة المحامين في بيروت، وقد ازدادت مع انتشار فيروس كورونا من خلال التواصل مع نقابة الأطباء لمعاينة السجناء، ونقابة المهندسين لإعادة تأهيل السجون وتنظيم تقارير مفصلة عن كلّ سجن من السجون الخمسة والعشرين. وتعاونت النقابة مع جمعية الصناعيين لتقديم مواد تنظيف مجانية من سوائل غسيل وتعقيم وتطهير وغيرها، بالإضافة إلى التواصل مع شركة مختصة بتعقيم السجون وذلك خلال الأيام القليلة المقبلة". ويلفت الخوري إلى أنّ حملة التعقيم وتوزيع المواد ستشمل كذلك النظارات وعددها 261 والتي تضم 2408 موقوفين يحتاجون إلى رعاية صحية.

بدورها، نشرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، على حسابها الرسمي على "تويتر"، الإجراءات المتخذة داخل السجون للوقاية من فيروس كورونا، وهي إخضاع العناصر والزائرين للتعقيم، ونقل أيّ سجين إلى المستشفى في حال ظهور أعراض الفيروس عليه، واتخاذ إجراءات التعقيم اللازمة، والسماح لزائر واحد من العائلة بمواجهة السجين في الزيارة الواحدة، وإجراء هذه المواجهات من خلال زجاج عازل، وعدم نقل أيّ موقوف جديد إلى السجون، وتجنّب الاحتكاك قدر الإمكان بين العناصر والسجناء.

كذلك، أصدر النائب العام لدى محكمة التمييز، القاضي غسان عويدات، تعميماً يتعلّق بالسجناء والموقوفين، يقضي بعدم سوق السجناء والموقوفين إلى الدوائر القضائية في الفترة الراهنة، والسماح للسجناء والموقوفين بالاتصال هاتفياً بذويهم، وذلك بإشراف المسؤولين، مع الالتزام بمتطلبات الصحة العامة. وكان لبنان قد سجل حتى يوم أمس 120 إصابة بوباء كورونا الجديد، وثلاث وفيات، بحسب البيان الرسمي لوزارة الصحة.

المساهمون