جولة لنساء فلسطينيات في ترشيحا المحتلة

جولة لنساء في ترشيحا المحتلة... عودة تعزز الرواية الفلسطينية

الجليل

ناهد درباس

ناهد درباس
29 فبراير 2020
+ الخط -
ما تزال قرية ترشيحا العربية الفلسطينية في الجليل الغربي (أراضي الداخل المحتل عام 1948) شامخة صامدة فوق جبل المجاهد (610 أمتار عن سطح البحر) عصية على التلاشي. بيوتها على حالها بالطراز العربي، وأزقتها صغيرة، وكنائسها ومساجدها شامخة لا تهادن. كلّ ذلك بالرغم من محاولة الاحتلال الإسرائيلي إبادتها في عام النكبة، إذ احتلت يوم 28 أكتوبر/ تشرين الأول 1948، وقاوم أهلها عصابات "الهاغانا".

واليوم السبت، عقدت "حلقة استقبال" تضمنت جولة لمجموعة من النساء الفلسطينيات، في قرية ترشيحا التي تبلغ مساحتها 47 ألف دونم، وكان يسكن فيها أكثر من 5000 نسمة هجّر معظمهم إلى مخيم برج البراجنة في لبنان ومخيم النيرب في سورية. وبعد النكبة استقبلت ترشيحا مهجرين من القرى الجليلية المحيطة بها أيضاً، هي التي كانت تضمّ مجلس قرية قبل عام 1948، ولا يزال بيت رئيس مجلسها قائماً حتى اليوم، ويقطن فيها من فلسطينيي الداخل حالياً، 4200 نسمة.

انطلقت الجولة من دوار الزيتون بحي النصارى، بإرشاد الناشطة نزار هواري، وشقيقتها انتصار هواري، وكذلك ماري طنوس، وهن نساء ولدن في ترشيحا. واستكملت في حي الهواري ثم كنيسة الكاثوليك ومن ثم إلى الزاوية الشاذلية وإلى المدرسة الفنية للإبداع للفنانة سيسيل كاحلي، حتى بيت منتهى هواري "الحاجة أم مروان" الشاهدة على النكبة.

وقالت نزار هواري: "يوم احتلال ترشيحا هو تاريخ مفصلي لأهالي القرية، إذ دخلت إلى فترة الحكم العسكري حتى عام 1966. ثم انتقلنا بعد ذلك إلى مرحلة تأسيس مجلس محلي مشترك مع مستوطنة معلوت. كانت هناك مجموعة من القرية أنشأت لجنة إحياء يوم ترشيحا وتعمل منذ 15 عاماً في هذا الإطار. كذلك لدينا مجموعة كشفية ناشطة في يوم ترشيحا بالذات. الهدف من إحياء اليوم تقديم الرواية الفلسطينية الحقيقية عن ترشيحا".



من جهتها، قالت ماري طنوس: "بعد احتلال ترشيحا جرى توطين اليهود الآتين من رومانيا في القرية، ثم جلبوا اليهود من المغرب إليها. ليست صدفة أن يختاروا ترشيحا، فهي أكبر قرية في قضاء عكا، وكان الهدف كسرها. عام 1948 كانت نسبة اليهود في الجليل 12 في المائة، وكانوا ينوون تهويد الجليل وهو حلمهم القديم، فكيف سيهودون الجليل إن لم يهجّروا السكان العرب؟". تابعت: "يقدّر عدد لاجئي ترشيحا في مخيمات اللجوء والمهجر بـ65 ألفاً. هذه القرية كانت تضمّ متعلمين ونسبة من المهنيين كالحدادين والنجارين، كما اشتهرت بزراعة التبغ. وكان الناس يقصدونها من المناطق المحيطة بها لإنجاز أعمال عدة فيها".


من جهته، قال أبو عماد شاهين، وهو صاحب متجر لصنع السكاكين: "جدي عمل في المحل كما عمل فيه أبي ثم أنا وأبنائي. ولدت عام 1924، ولديّ حرفتان، إذ تعلمت من والدي بناء الحجر، وعندما أصبت بمرض في ظهري، عدت إلى محل السكاكين".

بدورها، قالت منتهى هواري الشاهدة على النكبة: "والدي كان ينظم قصائد. وفي ترشيحا كنا نعيش معاً، مسلمين ومسيحيين، إذ كان يبلغ عدد المسيحيين 600، فيما المسلمون نحو 4600. وكنا من قبل النكبة نعلم أنّ هناك صفقات لبيع فلسطين. وكنت طفلة عندما نُظمت تظاهرات ضدّ هذه الصفقات. كانت المباني والبيوت جميلة إذ نجلب بلاطها من الشام".


وعن "حلقة استقبال" قالت آية زياتي، وهي مؤسسة المشروع: "هو مشروع نسوي فلسطيني، نقوم فيه بزيارة شهرية إلى إحدى القرى، مرة في الضفة الغربية، ومرة في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، من أجل توثيق الرواية الفلسطينية بين النساء الفلسطينيات، وتعزيز التواصل بينهن". ولفتت إلى أنّ "المشروع الأساس بدأ عام 2017 وهدفه إعادة إحياء عادة للنساء الفلسطينيات ما قبل النكبة، ممن كنّ يجتمعن مرة أسبوعياً أو شهرياً ليستمعن إلى الموسيقى، ويناقشن الأخبار، وكلّ هذا انتهى بعد النكبة".

ذات صلة

الصورة

سياسة

في المناطق المحاذية للحدود الجنوبية اللبنانية مع فلسطين المحتلة وتلك التي على مقربة من النقاط التي تعرّضت للقصف الإسرائيلي، جال "العربي الجديد"، والشوارع شبه خالية من السيارات، إذ تسير عليها آليات الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان.
الصورة
لمى غوشة (هبة أصلان/فرانس برس)

منوعات

بعد عشرة شهور قضتها الصحافية المقدسية لمى غوشة في الحبس المنزلي، تتحدث لـ"العربي الجديد" عن هذه التجربة، وتأثيرها عليها كفلسطينية وكأم تعيش تحت نير الاحتلال.
الصورة

سياسة

تقاوم قرية لفتا الأثرية، غرب القدس، مخططات الاستيطان التي يحاول الاحتلال الإسرائيلي من خلالها تهويد القرية، وإزالة ما تبقى من بيوت أهلها، وطمس تاريخها الذي يعود إلى الحقبة الكنعانية.
الصورة
يعرفان القرية التي يتحدران منها في فلسطين (العربي الجديد)

مجتمع

ليست ذكرى النكبة تاريخاً عابراً في حياة الفلسطينيين. يوم 15 مايو/ أيار هو مناسبة لتأكيد تمسك الفلسطينيين بأرضهم وهويتهم، وهو ما يعبّر عنه الجيل الرابع الذي ولد وعاش في مخيمات اللجوء.