السباحة شتاءً... إغراء يستقطب الشباب في تونس

السباحة شتاءً... إغراء يستقطب الشباب في تونس

21 فبراير 2020
يستمتعان بالسباحة في المياه الباردة (العربي الجديد)
+ الخط -
يُفضّل بعض التونسيين السباحة شتاء على الرغم من البرد وانخفاض درجات الحرارة، في وقت يسعى آخرون إلى الحصول على القليل من الدفء مستعينين بوسائل التدفئة. ويستمتع البعض بالسباحة في المياه الباردة والمتجمدة أحياناً، مؤكدين أنّ السباحة شتاء لها متعتها الخاصة، وتساعدهم على تعزيز مناعتهم والحد من الإرهاق والتعب.

وعادة ما يمكن إيجاد هؤلاء في بعض المحافظات التونسية، خصوصاً تلك القريبة من البحر. يقصدها الشبان والفتيات وحتى كبار السن إما للسباحة في المياه الباردة أو ممارسة رياضة المشي على الشاطئ.

ويقول الموظف رياض المثلوثي لـ "العربي الجديد" إنه اعتاد السباحة شتاء. وكلّما اشتدت البرودة كانت السباحة بالنسبة إليه أفضل. ويوضح أنه كلما انخفضت درجات الحرارة وكان الطقس ممطراً، كانت السباحة ذات نكهة أفضل. ويشير إلى أن السباحة شتاء تحولت إلى نوع من الإدمان، حتى إن اليوم الذي لا يسبح فيه يشعر وكأن شيئاً ما ينقصه.

ويوضح المثلوثي أنه يسبح برفقة مجموعة من الأصدقاء في شواطئ بنزرت، مشيراً إلى أن المياه تكون باردة جداً للوهلة الأولى، إلا أن الجسم يعتاد تدريجياً ولا يعود يشعر بالبرد، فيستمتع بوقته. يضيف أنه بعد السباحة، فإنه عادة ما يمارس تمارين رياضية على الشاطئ ثم يلعب كرة القدم مع رفاقه.

مجازفة؟

ويقول المثلوثي إنه بعد السباحة يشعر بزوال التعب ويتجدد نشاطه، وتكون لديه طاقة أكبر. ويشير إلى أنه في إحدى المرات أصيب بنزلة برد، لكنه شعر بتحسن كبير مباشرة بعد السباحة. ويؤكد أن السباحة شتاء تبقى أفضل من السباحة صيفاً. البحر فارغ وخال من المصطافين، ما يجعله وأصدقاءه يستمتعون بوقتهم.

ويشير المثلوثي إلى أن هذا لا يعني المخاطرة، إذ أنه لا يمكنهم السباحة إذا ما كانت هناك رياح قوية أو إذا كان البحر هائجاً، لأن ذلك يشكل خطراً ولا يمكنهم المجازفة، مضيفاً أن أجسادهم اعتادت السباحة شتاء، لكنهم لا يجازفون بالنزول مباشرة في المياه بل يضعون المياه الباردة على أجسامهم تدريجياً قبل السباحة.

من جهته، يلفت سعد العجيمي وهو شاب رياضي ولاعب كرة قدم لـ "العربي الجديد"، إلى أنه اعتاد السباحة بعد انتهاء التمارين الرياضية، لافتاً إلى أنه يتوجه إلى الشاطئ مع أصدقائه. ويوضح أنه بدأ الأمر كنوع من التحدي خلال شهر سبتمبر/ أيلول الماضي. لكن بعد خوض التجربة، تحول الأمر إلى نوع من الإدمان. ولا يخلو أسبوع من دون أن يسبحوا وأحياناً في درجات حرارة منخفضة جداً.

ويقول العجيمي إنّ مياه البحر تكون باردة شتاء، وأحياناً باردة جداً. لكن مباشرة بعد السباحة لا يشعر بالبرد، مشيراً إلى أن السباحة شتاء أفادته كثيراً، وأصبح يشعر بالنشاط ولديه طاقة أفضل لممارسة تمارينه الرياضية وحتى الأمراض التي كثيراً ما كان يشكو منها كنزلات البرد التي تقلصت، ولم يعد يمرض مثل السابق. ويشير إلى أن السباحة شتاء بالنسبة إليه أفضل بكثير من السباحة في فصل الصيف.

إرشادات

في هذا السياق، تؤكد العضو في جمعية أحباء غابة الرمال في مدينة منزل جميل في محافظة بنزرت كريمة النفاتي، لـ "العربي الجديد"، أنها اعتادت ممارسة الرياضة مع مجموعة من الصديقات قبل التوجه إلى الشاطئ للسباحة. تضيف أن السباحة شتاء تسبقها بعض التمارين الضرورية كغطس اليدين في الماء أولا ثم بقية الجسم كالكليتين ثم النزول تدريجياً في المياه بسبب انخفاض درجات الحرارة.

وتوضح النفاتي أن اللحظات الأولى للسباحة تكون صعبة بسبب برودة الطقس. لكن بعد النزول في المياه، يصعب الخروج منها، مشيرة إلى أن مدربهن الذي يرافقهن ينصحهن دائماً بعدم البقاء كثيراً في المياه حتى لا تنخفض درجة حرارة الجسم. وأحياناً، يطلب منهن البقاء 5 أو 10 دقائق لا أكثر لتفادي أي مضاعفات صحية. لكن كثيرات يتجاوزن تلك النصائح ويرغبن في السباحة فترة أطول.

صحة أفضل

تقول الطبيبة المتخصصة في آلام المفاصل والعظام فاتن السعيدي ريحان إنّ السباحة عموماً مفيدة للقلب، كما أن مياه البحر مفيدة للمفاصل وتخفف من الالتهابات. وكلّما كانت المياه باردة، تكون أفضل للمفاصل الملتهبة. ويُنصح المرضى بعلاج أنفسهم بالمياه الباردة، وأحياناً بوضع الثلج لأنه مفيد. وتشير إلى أنه لا يمكن التكهن بدقة إن كانت السباحة أفضل صيفاً أو شتاء.
وتنصح ريحان محبي السباحة شتاء بالانتباه كثيراً حتى لا يعرضوا أجسادهم لصدمة تؤدي أحياناً إلى الوفاة. كذلك، يجب السباحة في المياه بصورة تدريجية. وبما أن درجات الحرارة تكون منخفضة والمياه باردة، فإن ذلك قد يؤدي إلى انخفاض درجات حرارة الجسم، لذلك، لا ينصح بالبقاء طويلاً في المياه الباردة.


وتوضح أن درجة تقبل الجسم تختلف من شخص إلى آخر. كما أن ردة فعل الأشخاص الذين يعتادون السباحة في فصل الشتاء ليست نفسها لمن يختبر الأمر للمرة الأولى. لذلك، لا بد من الانتباه وأخذ الاحتياطات، خصوصاً عدم البقاء كثيراً في المياه طويلا.

وتشير بعض الدراسات إلى أن السباحة في المياه الباردة تساعد على تدفق الدم في الأوردة والشرايين والشعيرات الدموية، ما يساعد على التخلص من الشعور بالبرودة. كما تساهم السباحة في المياه الباردة بتحسين الدورة الدموية في الجسم وتقليل المخاطر الصحية. فهي تؤدي إلى فرز هورمون "إندروفين"، الأمر الذي يمنح شعوراً بالسعادة ويساهم في علاج الاكتئاب وتجاوز الألم والشعور بالتوتر والقلق، ما قد يبعث إحساساً بالاسترخاء والهدوء والحد من الأرق.