"كابو": تحديات صورة العرب في مدارس بريطانيا

"كابو": تحديات صورة العرب في مدارس بريطانيا

14 فبراير 2020
عرب ومهاجرون في لندن (Getty)
+ الخط -
تعدّ الصورة العربية في بريطانيا قضية شائكة بشكل عام، وقد وصلت إلى المدارس البريطانية، وتشهد حالات اعتداء ضد أبناء المهاجرين أو البريطانيين من أصول عربية. ولا تقتصر هذه المسألة على المؤسّسات التعليمية، وإنما تجد لها انتشاراً في المجتمع البريطاني ككلّ. وفي استطلاع رأي أجري عام 2017، دعمت غالبية المستطلعة آراؤهم إجراءات أمنية مبنية على الخلفية العرقية، مفترضة أن أعراقاً معينة تميل أكثر إلى ارتكاب الجرائم.

في ذلك الوقت، بيّن الاستطلاع أن 28 في المائة من البريطانيين فقط رأوا أن الهجرة من البلدان العربية أمر مفيد لبريطانيا، في وقت يوضح 64 في المائة أن العرب فشلوا في الاندماج. وأظهر آراء سلبيّة بين البريطانيين حول عدد من القضايا، منها أعداد اللاجئين القادمين إلى بريطانيا من سورية والعراق.

إلا أنّ منظمات تقوم بحملات تسعى إلى تحسين فهم الشارع البريطاني للعالم العربي وقضايا الشرق الأوسط، منها من خلال مركز تطوير العلاقات العربية البريطانية، الذي يُعرف باسم "كابو". ويقول مدير المركز، كريس دويل، لـ "العربي الجديد": "مستوى المعرفة بالعالم العربي في بريطانيا ضعيف جداً، الأمر الذي ينعكس على المدارس. وفي استطلاع للرأي أجراه فريق يوغوف لاستطلاعات الرأي عام 2017، قال 72 في المائة من المستطلعة آراؤهم إن إيران دولة عربية. وأكثر ما كان مفاجئاً أن 48 في المائة يعتقدون أن أفغانستان دولة عربية. أما تركيا، فهي الدولة الثالثة المفضلة للزيارة في العالم العربي، على الرغم من أنها ليست جزءاً من المنطقة". يضيف: "على مدى أكثر من 50 عاماً، كان كابو يشجع الانخراط الإيجابي مع العالم العربي والمجتمعات العربية البريطانية في المدارس البريطانية.

وبما أنّ غالبية الناس في بريطانيا لديهم فهم محدود بالعالم العربي وشعوبه وثقافته وتاريخه، فإن العمل مع اليافعين أهم مساهمة نستطيع القيام بها".
يُتابع دويل: "يأتي ذلك أيضاً في وقت تكشف فيه الأبحاث عن قضايا جدية في ما يتعلق بالموقف من المسلمين والعرب والإسلام، بما في ذلك ارتفاع نسبة جرائم الكراهية التي يتم الإبلاغ عنها. في عام 2015، زادت نسبة الاعتداءات على المسلمين بنسبة 326 في المائة في بريطانيا. وواحد من كل عشرة من هذه الحوادث تشهدها مؤسسات تعليمية".

ويمتلك المركز برنامجاً تعليمياً ينخرط بشكل بنّاء مع المدارس البريطانية في ما يتعلق بالعالم العربي والمجتمعات العربية في بريطانيا. ويعمل البرنامج على تطوير ورشات عمل وحلقات نقاش لدعم المدرّسين ومناقشة المواضيع الحساسة المتعلقة بالعالم العربي.



ويقوم المركز بالإعلان عن أنشطته في المدارس البريطانية، ويُساعد المؤسسات التعليمية من خلال متحدثين مطلعين على المنطقة يديرون في هذه المدارس نقاشات مع التلاميذ حول عدد من القضايا الشائكة. وتشمل هذه المواضيع الصورة النمطية للعرب، أو الشرق الأوسط، أو القضية الفلسطينية، أو الربيع العربي، أو أزمة اللاجئين السوريين وغيرها.

ويعتمد المشروع التعليمي للمركز على استهداف التلاميذ ما بين 16 و18 عاماً في المرحلة التعليمية الثانوية. ويرى دويل أن "هؤلاء لا يعرفون الكثير عن المنطقة، وغالباً ما يغادرون المدرسة من دون معرفة الفرق بين مختلف الإثنيات والأديان في الشرق الأوسط". ويؤكّد: "إذا كان البالغون لا يعلمون الكثير، فلا يمكن لوم المراهقين".

كما أن المركز يتواصل مع المدرسين الذين غالباً ما تكون معرفتهم بقضايا العالم العربي محدودة، وبالتالي "يرحبون بمثل هذه الجلسات"، خصوصاً أن المناهج الدراسية الوطنية لا تغطي هذه المواضيع. ويقول: "تواصلت مع كابو العديد من المدارس والمدرسين والتلاميذ بسبب ما سبق، منها جرائم الكراهية أو لأنهم يرغبون في التعلم أو التعامل مع اللاجئين. كما رأينا ارتفاعاً في أعداد الطلبات الآتية من المدارس الابتدائية، والتي نرغب في الاستجابة إليها".

يعمل كابو على منح تلاميذ المدارس الفرصة للتعرف على وجهات نظر مطلعة على المنطقة تشجع النقاش وطرح الأسئلة حول مقاربة الإعلام، خصوصاً خلال الفترات الحساسة لتغطية الشرق الأوسط".

ولا يقتصر هدف المشروع على تصحيح المفاهيم المغلوطة لدى التلاميذ، لكنّه يحثهم أيضاً على البحث والمعرفة وتزويدهم بالأدوات التي تساعدهم على تجاوز عناوين الأخبار. ويعطي دويل مثال مأساة اللاجئين السوريين. ويقول: "يحثّ المشروع التلاميذ على التعامل مع مأساة اللاجئين السوريين بشكل أعمق من تغطية الوسائل الإعلامية للموضوع. ليسوا أخباراً، لكن يطلب من التلاميذ أن يضعوا أنفسهم كأفراد مكان اللاجئين السوريين، إذ أن الهدف منحهم الأدوات للتفكير، وليس مطلوباً منهم أن يكونوا خبراء".



يضيف: "لا يقتصر هدف الحلقات وورشات العمل على شرح المواضيع التي تتعلق بالقضايا الرئيسية، لكنّها تحث التلاميذ أيضاً على التمعن فيها وقراءة ما وراء عناوين الأخبار، وإعدادهم للسنوات المقبلة. ويشجّع المتحدثون على الانخراط وطرح الأسئلة والتعليق كجزء من الحوار الحي حول عدد من أكثر القضايا الشائكة التي تواجه بريطانيا اليوم. كما أنّه من الأساسي ألا يوزع المتحدثون الأحكام على آراء التلاميذ أو ردعهم عن النقاش".

وعرف البرنامج تفاعلاً جيداً مع العديد من المدارس عبر بريطانيا. كما أنّ المزيد من الدعم المادي للمشروع سيوسع من مدى أنشطته، بحسب دويل. لكن مستوى التفاعل والمعرفة بين المدارس البريطانية يختلف من منطقة إلى أخرى. من السهولة التواصل مع مدارس في العاصمة لندن وما حولها، لكن البرنامج الدراسي يغطي مدناً أخرى مثل باث ودربي. ويقول دويل: "تجد درجات مختلفة من المعرفة بشؤون المنطقة. مثلاً، تعدّ لندن مدينة أكثر اختلاطاً، وبالتالي يكون الحوار في مدارسها أكثر عمقاً، بينما المناطق الأكثر تجانساً يكون الحوار فيها مختلفاً. كما أن الأمر يختلف بين المدارس الحكومية والخاصة. بعض المدارس الخاصة توفر أنشطة أكثر لطلابها، وبالتالي تكون معرفتهم أشمل".