فنلندا تبحث خفض ساعات العمل لتعزيز العلاقات الأسرية

رئيسة وزراء فنلندا تطرح خفض أوقات العمل: 6 ساعات لمدة 4 أيام

07 يناير 2020
أكدت مارين أن الخطوة ستسمح بقضاء الوقت مع العائلة(Getty)
+ الخط -

قالت رئيسة وزراء فنلندا الجديدة، سانا مارين، إنها ستسمح للموظفين والعمال بقضاء المزيد من الوقت مع العائلة، وأوضحت أنها بصدد تقديم جدول عمل مرن في البلاد يتضمن العمل أربعة أيام في الأسبوع وخفض ساعات العمل إلى ستّ فقط.

وبعد العديد من التجارب الاجتماعية والتعليمية، ومنها تلك التي انطلقت قبل سنتين باسم "راتب أساسي" لكل مواطن يعمل أو لا يعمل، وفي إطار استمرارها في ريادة مجموعة دول الشمال، التي تضم، بالإضافة إلى جارتها السويد، كلا من الدنمارك والنرويج وأيسلندا، ها هي فنلندا اليوم، ومع بداية عام 2020، تخطو أولى خطواتها نحو برنامج جديد يتطلع بطموح كبير لتحقيق ما تطلق عليه "إنتاجية أوسع".

والمشروع الطموح لرئيسة وزراء ديمقراطية وشابة، (34 سنة)، سانا مارين، بدعم تحالف خمسة أحزاب في الوسط واليسار، تقوده مارين منذ بداية ديسمبر/كانون الأول الماضي، يقضي بأن يعمل مواطنو بلدها "أربعة أيام في الأسبوع وستّ ساعات عمل في اليوم".

رئيسة الوزراء الشابة ترى أن هذه الخطوة تعزز العلاقات الأسرية لدى الفنلنديين، إذ تقول، وفقا للصحافة الاسكندنافية، التي تنظر بتفحص لتجارب الجارة هلسنكي، إنها تؤمن بأن "الشعب يستحق أن يكون لديه مزيد من الوقت مع أفراد عائلته وأقاربه وأحبته، وممارسة هوايته وزوايا حياتية أخرى يهتم بها مثل الثقافة".

يأتي حديث السياسية الاجتماعية الديمقراطية بمناسبة مرور 120 سنة على تأسيس "الاجتماعي الديمقراطي الفنلندي". وجاء كلام مارين بعد مطالب عديدة تقدم بها اليسار لتخفيض ساعات العمل في فنلندا، ولكن مقترحها هذا تعرض لانتقادات عديدة من قبل طبقات رأسمالية وأصحاب الشركات الكبيرة.

وتعد مسألة خفض ساعات العمل واحدة من القضايا التي تخوض فيها العديد من الدول الاسكندنافية والغربية، بعدما باتت أوقات العمل تأخذ النصيب الأكبر من المجهود الفردي، وخسارة الكثير من المزايا في العلاقات الأسرية وضياع أوقات ممارسة الناس لهوايتهم وحياتهم مع الأصدقاء. فكثيرا ما يأخذ موظفو القطاع الخاص، تحديدا، أعمالهم معهم إلى بيوتهم، بحسب ما تشير إليه تقارير في السويد والدنمارك وفنلندا، وهو ما يؤثر على الأسر.

وفي 2015 أجرت السويد تجربة العمل لست ساعات يوميا، وأظهرت نتائج تلك التجربة بشكل عام زيادة في الإنتاجية لدى الموظفين الذين شملتهم التجربة. وتخوض الجارة الأخرى في دول الشمال، الدنمارك، هذه الأيام سجالا بين أرباب العمل ونصف مليون موظف في القطاع الخاص، من خلال نقابات تهتم بمصالح هؤلاء، في قضايا الأجور.

ورغم نداءات كثيرة بضرورة التفاوض على تخفيض ساعات العمل المعمول بها منذ 1987، 37 ساعة أسبوعيا، إلا أن القضية على ما يبدو خارج التفاوض، وربما بانتظار نتيجة بلد التجارب فنلندا، الذي عادة ما يفكر خارج الصندوق مقارنة بغيره من دول الشمال المتقدمة.

ورغم ذلك، بدأت بعض الأصوات ترتفع لمطالبة رئيسة وزراء الدنمارك ميتا فريدركسن، أيضا من الاجتماعي الديمقراطي، بضرورة الخوض في التجربة الاجتماعية الشبيهة بالفنلندية لمنح الدنماركيين، مع بداية العقد الجديد، وقتا أكثر لقضائه مع أسرهم. 

وكانت شركة "مايكرو سوفت اليابان" قد جربت في أغسطس/آب الماضي مسألة العمل لأربعة أيام في الأسبوع، وخلصت، وفقا لبحث قامت به "غارديان" البريطانية، إلى زيادة فعالية الإنتاج بنحو 40 في المائة لدى الموظفين. ووجدت تجربة أخرى في أستراليا، لدى إحدى شركات ملبورن، أن فرض ستّ ساعات عمل في اليوم دفع بالموظفين إلى تنفيذ المطلوب منهم بفعالية وسرعة.

وجدير بالذكر أن رئيسة الوزراء الفنلندية الشابة لديها طموحات ورؤى كثيرة لبلدها، تشاركها مع شخصيات نسوية أخرى في تحالفها الحاكم الذي يشمل ثلاثة أحزاب تقودها أيضا نساء تحت الخامسة والثلاثين من عمرهن، وهن كاتري كولموني، 32 سنة، عن حزب الوسط، ولي أندرسون، 32 سنة، عن تحالف اليسار وماريا أويسالو، 34 سنة، عن حزب الخضر.. هذا بالإضافة إلى تزعم آنا ماريا هينركسن، 55 سنة، لحزب الشعب السويدي في فنلندا، الذي يمثل الناطقين بالسويدية في البلد.

ولا يعتبر أمرا مفاجئا أن تقود السيدات في فنلندا العمل السياسي، فمنذ 1906 كانت هلسنكي الرائدة في أوروبا بمنح السيدات حق التصويت، وبعد نحو 100 سنة، أي منذ 2007، لم يكن تمثيل النساء في برلمان فنلندا أقل من 40 في المائة، وبعد الانتخابات الأخيرة وصلت نسبتهن إلى 47 في المائة.​

دلالات