تحذير من "كارثة" بعد وقف دعم قطاع التعليم بإدلب

تحذير من "كارثة" بعد قطع الدعم عن قطاع التعليم في إدلب

25 يناير 2020
بالكاد يستطيعون متابعة تعليمهم (بكير قاسم/ الأناضول)
+ الخط -
أوقفت جهات مانحة عديدة دعمها لقطاع التعليم في محافظة إدلب شمال غربي سورية، ما يهدّد مستقبل عشرات آلاف التلاميذ والكوادر التعليمية التي تعاني من جرّاء واقع صعب في الوقت الحالي، ولا سيّما مع حركة النزوح غير المسبوقة في المحافظة منذ مطلع العام الماضي.

وقد سبّبت العمليات العسكرية الأخيرة، من قبل النظام السوري وروسيا، نزوح نحو 370 ألفاً من السوريين من مناطق الريف الجنوبي والشرقي في إدلب، حتى اليوم، علماً أنّ عدد السكان يُقدَّر في مناطق ريفَي حلب وإدلب، بنحو ستة ملايين مدني، نزح منهم نحو مليونَين، بحسب مؤسسات المعارضة السورية.

أحمد الأحمد مدرّس أُجبر على النزوح من بلدة الهبيط في ريف إدلب، قبل أسابيع من سيطرة قوات النظام عليها، في منتصف أغسطس/ آب الماضي، وهو يقيم حالياً في مدينة إدلب، ويعاني كغيره من المدرّسين من فقدان التمويل المخصص لقطاع التعليم.

يقول الأحمد لـ"العربي الجديد": "نحن أمام واجب إنساني، فمستقبل جيل كامل بين أيدينا كمدرّسين، لكنّنا مجبرون من جهة أخرى على تدبير عمل إضافي لإعالة أولادنا. نحن في حاجة إلى دخل حتى نعيش، تماماً كما هي حال غيرنا من الناس".

يضيف الأحمد: "اليوم، أدفع بدل إيجار منزل في مدينة إدلب حيث أعيش، 40 ألف ليرة سورية (نحو 80 دولاراً أميركياً)، وهذا مبلغ من الصعب تأمينه في ظل الظروف الحالية. وأنا عانيت كثيراً منذ فترة، أنا وعائلتي، وكنت أفكّر جديّاً في ترك التعليم نهائياً والبحث عن أيّ عمل آخر لإعالة أسرتي. لكنّ زوجتي تمكّنت من العمل في تخصّصها في طبّ الأسنان، الأمر الذي أزاح عن كاهلنا جزءاً من المصاعب. ومع ذلك، فإنّ المشكلة لم تُحلّ. لذا، أبحث عن عمل وأحاول الاستمرار في مجال التدريس".


من جهته، يصف المدرّس محمد مصطفى، قطع التمويل من قبل الجهات المانحة عن قطاع التعليم في محافظة إدلب بـ"الجريمة"، موضحاً، لـ"العربي الجديد"، أنّ "مدرّسين كثر أُجبروا على البحث عن عمل آخر، ومنهم من تخلّى عن التعليم التطوّعي نهائياً، فالحياة هنا في إدلب باتت صعبة جداً".

يضيف مصطفى: "أنا أدرّس في مدينتي بنش بشكل تطوّعي، منذ شهر مايو/ أيار 2019، وهذه مدّة ليست بقصيرة، مع الأخذ بالاعتبار أنّنا لم نتقاضَ أيّ أجور في فترة العطلة الصيفية، فضلاً عن أنّ الجهات المانحة لم تغطّ الامتحانات".

ويتابع قائلاً إنّ "لكلّ واحد منّا طاقة على التحمّل. ونحن طالبنا مراراً الجهات المانحة بعدم التخلي عن دعم قطاع التعليم، والعمل على خطط بديلة لاحتواء المشكلات في إدلب، لكنّنا للأسف لم نلقَ أيّ تجاوب، خصوصاً أنّ الجهات الممولة جهات أجنبية غير محلية، فهي الأكثر قدرة على دعم القطاع. أمّا الجهات المحلية، فتمويلها بالكاد يشغّل بعض المدارس".

وكان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، قد حذّر، في بيان صحافي، من خطر قطع الجهات الدولية المانحة تمويلها عن قطاع التعليم في سورية.

وشدّد الائتلاف على أنّ قطاع التعليم تعرّض لضربة كبيرة على يد المنظمات الدولية التي أوقفت دعمها، في العام الماضي، ما أدّى إلى تعطيل البرامج التي كانت تموّل وزارة التربية بمعظمها، بالإضافة إلى اضطرار عدد كبير من المدرّسين إلى متابعة عملهم بشكل تطوّعي وبالحد الأدنى من الإمكانات.


وطالب الائتلاف، في بيانه، العالم بتحمّل مسؤولياته تجاه الواقع التعليمي في سورية، واصفاً انقطاع الدعم عن قطاع التعليم وتعطيل العملية التعليمية بـ"الكارثة التي تشبه في آثارها استهداف نظام الأسد للقطاع التعليمي".

كذلك طالب الائتلاف باتخاذ ما يلزم من إجراءات بهدف إعادة تفعيل برامج التعليم فوراً، مبرزاً ضرورة توفير خدمات التعليم غير المتوافرة حالياً في بعض مخيمات اللجوء. فثمّة تلاميذ يقطعون أحياناً كيلومترات عدّة سيراً على الأقدام للوصول إلى مدارسهم، في ظل أوضاع أمنية خطيرة.

وأشار الائتلاف، في بيانه، إلى أنّ عدد مدارس إدلب هو 1193 مدرسة تستقبل 399,660  تلميذاً، فيما لا يحصل 25 ألف طفل على أيّ تعليم، ولا سيّما أنّ 268 مدرسة أصبحت خارج الخدمة.

وذكّر بأنّه في عام 2019، تعرّضت مدارس إدلب لأكثر من 77 عملية قصف، ليصل عدد المدارس المدمّرة بشكل كامل أو بشكل جزئي إلى ما لا يقلّ عن 126 مدرسة، بالإضافة إلى 20 مدرسة يشغلها نازحون.