"القاهرة لحقوق الإنسان": مستمرون حتى وقف العمل بقانون التجمهر

"القاهرة لحقوق الإنسان": مستمرون حتى وقف العمل بقانون التجمهر

22 يناير 2020
صدر قانون التجمهر خلال الاحتلال الإنكليزي لمصر (تويتر)
+ الخط -
أعرب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان عن "استيائه الشديد" من الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري يوم السبت الماضي، بعدم قبول دعواه بإلزام الرئيس المصري بنشر قرار إلغاء قانون التجمهر رقم 10 لسنة 1914 في الجريدة الرسمية، ووقف العمل به، وذلك بزعم انتفاء القرار الإداري بالدعوى.
واعتبر المركز الحقوقي في بيان، اليوم الأربعاء، أن "قرار المحكمة يضرب بكافة السوابق القضائية المستقرة عرض الحائط، منتصرًا لدفاع الخصم (الدولة) رغم عجزه عن تقديم ما يثبت شرعية استمرار العمل بهذا القانون، والذي أثبت المركز بالوثائق والمستندات إلغاءه من قبل السلطة التشريعية قبل أكثر من 90 عامًا".
وقال المركز إنه "على مدار ثلاث سنوات من التقاضي، تعمدت الحكومة المصرية تعطيل الفصل في هذه الدعوى بهدف ضمان استمرار العمل بهذا القانون الملغى، والذي يعد الأداة الرئيسية للتخلص من المعارضين وأصحاب الآراء المستقلة في كل المجالات، فضلاً عن مئات الآلاف من المحتجزين بموجبه حاليًا، والذين سيصبح من حقهم إعادة محاكمتهم، وتعويضهم من الحكومة على سنوات حبسهم بموجب قانون ملغي".
وأضاف البيان "بعد تأجيل ومماطلة استمرت ثلاث سنوات، عجزت خلالها الحكومة عن الخروج من هذا المأزق القانوني والسياسي بتقديم أي قرائن تعزز استمرار العمل بهذا القانون، أسدلت محكمة القضاء الإداري الستار على الدعوى رافضة الطعن".
وتعود تفاصيل القضية إلى عام 1928، حين قضى البرلمان المصري وقتها بإجماع أعضائه بإلغاء قانون أصدره الاحتلال الإنكليزي في 1914 بشأن منع التجمهر، لأنه "قانون استثنائي أقرب إلى الأحكام العرفية".
وفي يناير/ كانون الثاني 2017، أثبت مركز القاهرة في تقريره "نحو الإفراج عن مصر" المزود بأكثر من 20 وثيقة تاريخية، أن القانون تم إلغاؤه فعلياً في 30 يناير/ كانون الثاني 1928، بإجماع آراء نواب البرلمان المصري، ولكن الملك تقاعس عن نشر قرار الإلغاء في الجريدة الرسمية، وأن استمرار العمل بهذا القانون يشكل مخالفة قانونية جسيمة مستمرة لأكثر من 90 عامًا.



واعتمدت الحكومات المصرية المتعاقبة على هذا القانون في وأد حرية التجمع السلمي، والزج بآلاف من المواطنين إلى السجون بتهمة التجمهر، ومن بينهم نشطاء سياسيون، وصحافيون، ومدافعون عن حقوق الإنسان، كما اتسعت دائرة المقيدة حريتهم بموجبه بعد صدور "قانون التظاهر" في سنة 2013، ليصبح أداة أخرى في قمع الاحتجاجات، والتي كان آخرها احتجاجات 20 سبتمبر/ أيلول 2019، التي أسفرت عن احتجاز أكثر من 4000 شخص.

وكان القانون الملغى سببًا مباشرًا في الحكم بالإعدام على 474 شخصاً بين 2014 إلى 2017، كونه يأخذ بمبدأ المسؤولية الجماعية للمشاركين في التجمع عن أية جرائم ترتكب خلاله، بما يسهل على السلطة القضائية إنزال العقاب على مئات المتهمين بشكل جماعي.
وبعث مدير مركز القاهرة، بهي الدين حسن، برسالة إلى رئيس مجلس النواب المصري، في 6 فبراير/ شباط 2017، يطالب فيها المجلس بعقد جلسة عامة علانية لمناقشة قضية قانون التجمهر، مرفقًا بها دليلًا توضيحيًا لأعضاء البرلمان يضم ردودًا على أبرز الأسئلة المطروحة بشأن تقرير المركز الخاص بالقانون الملغي.
كذلك أرسل المركز خطابًا بتاريخ 12 فبراير/ شباط 2017 إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى، يطلب فيه وقف تطبيق قانون التجمهر في المحاكم المصرية، إلى حين الفصل في دعوى إلغائه.
وأكد المركز الحقوقي استمرار معركته نحو إلغاء هذا القانون القمعي بكافة الطرق القانونية والسياسية، رغم مساعي الدولة للإبقاء عليه، معتبرًا أن دوافع النظام الحالي في ذلك تتفق إلى حد كبير مع دوافع الاحتلال الذي سنّ هذا القانون قبل قرن، وربما الفرق الوحيد أن سلطة الاحتلال تراجعت عنه لما عجزت عن تبريره للشعب البريطاني وقتها، لكن الحكومة المصرية لا يعنيها كثيرًا تبرير استمرار العمل به للشعب المصري رغم إلغائه.