أهالي ونازحو حفسرجة يشكون تراجع المساعدات

أهالي ونازحو حفسرجة يشكون تراجع المساعدات

16 يناير 2020
الشتاء يفاقم المعاناة (محمد سعيد/ الأناضول)
+ الخط -
يُعاني آلاف المدنيّين في بلدة حفسرجة، الواقعة شمال غرب إدلب السورية، من تدهور الوضع الإنساني، في ظلّ تراجع الخدمات بشكل عام من جرّاء غياب الدعم اللازم. ويقول أبو خليل علي، الذي نزح من جنوب إدلب إلى بلدة حفسرجة، لـ "العربي الجديد": "الوضع الإنساني مأساوي جداً. نحن نعيش في خيام لا عوازل فيها، ما يعني أنها تمطر علينا داخل الخيمة وخارجها، وتتحوّل الأراضي إلى مستنقعات طينية". يضيف أنه "ما من فرص عمل، ولا يملك غالبية النازحين ثمن ربطة خبز، كما لا تقدم أي من المنظمات الإنسانية الدولية أي نوع من المساعدات". ويشير إلى أن بعض العائلات حصلت على مساعدات محدودة، إما عبر منظمات محلية أو مبادرات أهلية، لكنها غير كافية.

ويلفت علي إلى أن "الرعاية الطبية في أدنى مستوياتها، ويفتح المركز الطبي أبوابه يومين في الأسبوع فقط، ويتيح للناس إجراء فحوصات طبية. لكن الأدوية غير متوفرة، ما يعني أن على المريض قطع مسافات بعيدة للحصول على علاج".

من جهته، يقول محمد المحمد، وهو من سكان حفسرجة، لـ "العربي الجديد": "اليوم، ومع زيادة عدد النازحين، أصبحت القرية والمزارع المحيطة بها تغص بالنازحين، وقد ارتفع بدل إيجار المنزل إلى 25 ألف ليرة سورية (نحو 48 دولاراً)". يشار إلى أن المنزل الواحد يضمّ أكثر من عائلة. ويبيّن أن "فرص العمل في البلدة تنحصر بغالبيتها في الزراعة ومناشر الحجر، إذ أن سوء الأوضاع الاقتصادية أثر على فرص العمل بشكل كبير". ويذكر أن "الخدمات بدأت تتراجع منذ نهاية العام الماضي بشكل متسارع، خصوصاً الرعاية الصحية، في حين ترتفع أسعار صهاريج المياه والخبز وغيرها من المواد الغذائية".



إلى ذلك، يقول مدير مركز حفسرجة الطبي، مهند غزلان، لـ "العربي الجديد"، إن "المركز يخدم اليوم نحو 60 ألف نسمة من سكان القرية والنازحين من ريف إدلب الجنوبي، إضافة إلى نحو 10 مزارع محيطة بالقرية وهي عبارة عن تجمعات سكانية". ويلفت إلى أن أقرب نقاط طبية بالنسبة لهؤلاء هي في كفر تخاريم وأرمناز ومستشفيات إدلب، إضافة إلى مركز الشيخ يوسف الذي يبعد نحو 15 كيلومتراً، وهو مركز رعاية أولية يغلق أبوابه في الساعة الثانية من بعد الظهر، ويشهد ازدحاماً شديداً جداً".

ويوضح غزلان أنّ "المركز حالياً يعمل بشكل جزئي، ويضم عيادات لتخصصات عدة، منها الطب العام والأسنان والنساء. ويقدّم خدمات لعلاج داء اللشمانيا الجلدي، إضافة إلى لقاحات للأطفال بشكل دوري كل يوم أحد، وعيادة تطوعية لدعم الأشخاص المعوقين، وصيدلية.

وتوقف الدعم عن المركز منذ نحو أربعة أشهر، ما يجعل المريض مضطراً إلى التوجه إلى إدلب بعد استئجار سيارة، ليدفع على الأقل سبعة آلاف ليرة سورية بسبب غلاء المحروقات".
يضيف أن "المركز كان يستقبل يومياً نحو 150 حالة ويصل العدد أحياناً إلى أربعة آلاف مريض شهرياً، علماً أن بعض الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة يحتاجون إلى متابعة دائمة. وهذه مشكلة حقيقية. سابقاً، كان المريض قادراً على إجراء فحوصات السكري والقلب والضغط. أما في الوقت الحالي، فيحتاج إلى إجراءات إسعافية، ويتوجب عليه قطع مسافة 20 كيلومتراً للحصول على هذه الخدمات. ويعاني أولئك الذين يحتاجون إلى تغيير ضماد يومياً إلى درجة كبيرة".

ويذكر أن أطباء المركز تابعوا عملهم بشكل تطوعي بالكامل لمدة شهرين، إلا أن استمرار توقف الدعم، وسوء الأوضاع المعيشية وما يترتب عليه من التزامات تجاه عائلاتهم، وكلفة قدومهم بشكل يومي من إدلب المدينة إلى البلدة، أدت إلى تخفيض الدوام في المركز إلى يومين في الأسبوع فقط". ويناشد غزلان الجهات المعنية ومنظمات المجتمع المدني ومديرية الصحة، وضع مسألة دعم المركز في أولوياتهم، إذ يقع المركز في منطقة تعد آمنة، وهي ملاذ لكثير من النازحين الجدد القادمين من مختلف المناطق.



بدوره، يقول مسؤول الرعاية الأولية في مديرية الصحة، أنس دغيم، لـ "العربي الجديد"، إن "مركز حفسرجة كان مدعوماً في السابق قبل أن يتوقف الدعم عنه. وفي الوقت الحالي، يعمل بشكل تطوعي بانتظار دعمه من جديد، خصوصاً أنه أولوية". ويرى أنّ الحلول المتاحة حتى الآن هي أن "يواصل كادر المركز عمله بشكل تطوعي ولو بشكل جزئي. وعلى الرغم من أن العمل التطوعي هو عمل غير إجباري، إلا أنه ضروري لاستمرار العمل في المركز الصحي".

من جهته، يوضح رئيس المجلس المحلي في حفسرجة، أبو سارية أشقر، لـ "العربي الجديد": "الوضع أصبح معروفاً لدى الجميع، واحتياجاتنا واحتياجات المنطقة وأهلها لم تعد مخفية على أحد". يضيف: "نحن عاجزون عن تقديم أبسط الاحتياجات للأهالي والنازحين، منها المياه. إذ أن كلفة صهريج المياه هي ستة آلاف ليرة. ليس لدينا مصدر مادي لتمويل أي من الخدمات، والغلاء يطاول كل شيء. ربطة الخبز الواحدة بـ 300 ليرة (نحو 0.58 دولار)، ولتر البنزين ولتر المازوت بـ 900 ليرة (نحو 1.7 دولار). نحن في حاجة إلى كل شيء". ويبين أنه "فقط في البلدة، يوجد أكثر من خمسة آلاف نازح، ونحو 20 ألفا من الأهالي. واليوم، نحن في حاجة إلى دعم طارئ لتأمين الاحتياجات الخدماتية الرئيسية فقط".