المواد الغذائية بالبطاقة الذكية في سورية... مقدمة لإلغاء الدعم

النظام السوري يعتمد "البطاقة الذكية" لتوزيع المواد الغذائية... مقدمة لإلغاء الدعم

13 يناير 2020
توجس بين السوريين من البطاقة الذكية (فيسبوك)
+ الخط -
استقبل سوريون قرار وزارة التجارة الداخلية التابعة للنظام باعتماد البطاقات الذكية لتوزيع السكر والأرز والشاي بسخط واسع، مستنكرين ما أطلقت عليه الوزارة "سياسة إيصال الدعم لمستحقيه".
وتحدث مواطنون غاضبون عن قلة عدد المواد الغذائية ومحدودية الكميات التي يتم توزيعها، فضلا عن مخاوفهم من أن يكون هذا الإجراء مقدمة لإلغاء دعم أسعار المواد الغذائية الأساسية، في حين يعاني السوريون من تراجع القدرة الشرائية لليرة التي انهار سعر صرفها أمام الدولار الأميركي.
وقالت أم غالب بركة (54 سنة)، التي تعيش مع عائلتها المكونة من 7 أفراد في إحدى ضواحي دمشق، لـ"العربي الجديد": "نعاني للحصول على إسطوانة الغاز أو تأمين المازوت عبر البطاقة الذكية، ونخشى أن يصعب علينا الحصول على كيلوغرام سكر أو أرز أو شاي، ويعلم الله كم سيكون ثمنها".
وأضافت أن النظام يخصص "كيلوغراما واحدا للشخص، أو أربعة كيلوغرامات للعائلة، وباقي أفراد العائلة يتم حرمانهم من حقهم، وهذه الكمية غير كافية، فثلاثة كيلوغرامات من الأرز بالكاد تكفي ثلاث وجبات، والمواد الغذائية ترتفع أسعارها بشكل يومي، وفي حال استمر هذا الوضع سيأتي يوم نعجز فيه عن تأمين طعامنا".
وقال أبو يامن النبكي (46 سنة)، وهو موظف يعول ستة أفراد، لـ"العربي الجديد": "في نهاية العام الماضي وزعت المؤسسات السورية للتجارة لكل دفتر عائلة ثلاثة كيلوغرامات من السكر، والناس كانت تنتظر دورها للحصول على هذه الكمية المحدودة، وكانت تباع بـ300 ليرة تقريبا، في حين كانت في السوق بـ400 ليرة (الدولار الواحد يساوي 1050 ليرة)".
وأضاف النبكي: "كلما ذكرت أمامي البطاقة الذكية، لا أرى سوى صفوف طويلة من الناس التي تنتظر أن تأخذ مخصصاتها من محطات الوقود والغاز، واليوم أصبح هناك مكان جديد لإذلال الناس أمام المؤسسات الاستهلاكية".
يعمل الثلاثيني عدي رمضان على سيارة أجرة، وغير متزوج، ويتسائل: "هل يستحق كيلوغرام سكر وكيلوغرام أرز و200 غرام من الشاي الوقوف لساعات أمام المؤسسة بالبطاقة الذكية؟ رغم أن فارق السعر محدود".
وأضاف لـ"العربي الجديد": "هذه الحكومة الذكية تسعى إلى أن يتوقف المواطن عن التفكير سوى بالبطاقة الذكية، والتي باتت قيمتها من قيمة البطاقة الشخصية، فإن أضعت البطاقة الشخصية احتمال أن يتم اعتقالك على أي حاجز، واحتمال تفقد حياتك حين يسألونك أين هويتك، وإذا أضعت البطاقة الذكية فمن المحتمل أن تفقد حياتك أيضا لأنك ستخسر مخصصاتك من البنزين والمازوت والغاز والسكر والأرز والشاي، ولا يوجد أحد يستطيع تحمل هذه الخسائر".
وعبر كثير من السوريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن سخطهم بسبب الكميات التي تم تحديدها من قبل وزارة التجارة الداخلية، متسائلين عن الأسس التي تم تحديد تلك الكميات وفقها، وخصوصا أن متوسط عدد أفراد الأسرة في سورية هو خمسة أفراد وليس أربعة، وبالتالي فإن كل فرد إضافي في العائلة محروم من حقه في الدعم.
ويعرف موقع شركة "التكامل" الإلكتروني البطاقة الذكية على أنه "مشروع أتمتة توزيع المشتقات النفطية وغيرها من المواد والخدمات على العائلات والآليات في سورية، وهو مشروع نوعي عائد لوزارة النفط والثروة المعدنية يتم تنفيذه عبر كادر وطني وبخبرات وطنية، ويهدف إلى ضبط توزيع المشتقات النفطية، والحد من التهريب والاحتكار، وضمان وصول المشتقات النفطية إلى مستحقيها بمساواة، وصولاً إلى القدرة على تطبيق العدالة في توزيع الدعم".
وبدأ اعتماد البطاقة الذكية لتوزيع بنزين للسيارات في منتصف 2016، في محافظة السويداء، عبر نظام شرائح يعتمد على حجم المحرك، ومن ثم بدأ اعتمادها في بقية المحافظات، ثم تم اعتماد البطاقة للحصول على إسطوانة غاز منزلي كل 23 يوما، كما تم اعتمادها لتوزيع 400 لتر مازوت لكل عائلة بسعر 18 ليرة، وأخيرا تم إدراج عدد من المواد التموينية.
ويراوح سعر الكيلوغرام الواحد من السكر حاليا بين 350 و400 ليرة سورية، والكيلوغرام الواحد من الأرز نحو 700 ليرة، إذ يتم استيراد هذه السلع وفق سعر صرف الدولار الأميركي في مصرف سورية المركزي بـ434 ليرة، في حين تجاوز سعر الصرف في السوق السوداء الألف ليرة.