هل تتعافى أمنا أفريقيا؟

هل تتعافى أمنا أفريقيا؟

11 يناير 2020
الخروج من دائرة الفقر ضرورة (جون ويسيلز/ غينيا بيساو)
+ الخط -

جاء في مؤشر ممارسة أنشطة الأعمال لعام 2019 الصادر عن البنك الدولي أن اقتصادات أفريقيا لا تسعى إلى التمسك باستراتيجيات نمو تنتمي إلى الماضي، بل إن ثمار النمو والعائدات التي تجلبها الاستثمارات في الموارد مثل النفط من شأنها أن تعمل على تمكين هذه الاقتصادات من تنويع وتعميق التكامل الإقليمي.

ولأن أفريقيا تمتلك من المقومات ما يسمح لها بالخروج من دائرة الفقر، برزت بعض الجهود هنا وهناك، لكنها ظلت من أكثر قارات العالم ثراء بالموارد المعدنية، والثروات الطبيعية، والأرض الخصبة والتي تمكِّنها من أن تلحق بركب التنمية، وتتولى مكانًا رائدًا على المستوى الدولي، ومع ذلك يعيش ثلث السكان في ظل الجوع الشديد، والنسبة في ازدياد مستمر، إذ ما زالت القارة تعاني من ارتفاع نسبة السكان (14.8 في المائة من إجمالي سكان العالم)، وجلهم يعانون من سوء التغذية، وتصل نسبة المحرومين من خدمات الصرف الصحي إلى أكثر من 13 في المائة. ذلك بجانب التعرض لقوى جديدة التهمت ثمار النجاح المتواضع الذي تحقق على طريق التنمية، منها الصراعات والنزاعات الداخلية، والإصابة بمرض نقص المناعة البشرية (الإيدز)، وظاهرة التهميش التي تعاني منها القارة في ظل النظام العالمي الجديد.

الفقر نفسه أصبح من معوقات التنمية، بجانب الحروب الأهليّة والصراعات المسلحة، وانتشار الأمراض المستوطنة مثل الملاريا، والسل الرئوي. ثم تأتي هيمنة المؤسسات والقوى الدوليّة الخارجيّة على أفريقيا كمعوق خارجي. وفي الداخل تتداخل قضايا تهميش النساء والفئات الضعيفة عموماً، وتفشي ظاهرة الأميّة، والنقص الكبير في تعليم وتثقيف الأفراد.

يشير البعض إلى عوامل أخرى في أفريقيا مثل التغيرات المناخيّة وكوارث الجفاف، والفيضانات، والشح الشديد في المياه، والزيادة الكبيرة في أعداد اللاجئين الذين يقدّر عددهم بحوالي عشرة ملايين لاجئ، بجانب انتشار المجاعات والأوبئة المختلفة، والديون الكثيرة التي تثقل كاهل أفريقيا وتقدر بحوالي 40 في المائة من إجمالي الدخل القومي الأفريقي.

تشكل قلة المعلومات واحدة من أكبر مشاكل الإدارة الرشيدة للموارد في العالمين العربي والأفريقي، الأمر الذي ظل من أكبر التحديات للقائمين على الجهود القومية والإقليمية، وفرض عليهم تأسيس قاعدة معلومات عن مصادر الموارد يؤدي إلى بناء الثقة، وإشراك أصحاب المصلحة، ومساعدتهم على التخطيط التنموي السليم.




إن كان الفقير كما يقولون ليس من تنقصه الأموال والثروة المادية فحسب، بل هو من يعاني من تدني مستوى الدخل، وضعف نصيبه من الخدمات التعليمية، والصحية والأمن، نتيجة تعرضه للتقلبات الاقتصادية، مثلما يعاني من ضعف فرصته في المشاركة السياسية، والوصول إلى السلطة. وبهذا لا يصبح الفقير فقيراً بالوراثة، ولكنه يصبح كذلك عند افتقاده للوسائل والأدوات التي تمكنه من الخروج من دائرة الفقر والتهميش، وتعينه على تحسين مستواه الاقتصادي والاجتماعي. فهل ينتشل الأفريقي نفسه من مستنقعات الفقر، وتتعافى أمنا أفريقيا؟

*متخصص في شؤون البيئة

المساهمون