حملة "البرد قرصة عقرب" تتواصل في مصر

حملة "البرد قرصة عقرب" تتواصل في مصر: أنقذوا المعتقلين من "برد الزنازين"

10 يناير 2020
يعاني آلاف المعتقلين من ظروف السجن القاسية (الأناضول)
+ الخط -
تتواصل حملة حقوقية جديدة أطلقها نشطاء مصريون، للتضامن مع معتقلي سجن العقرب جنوبي القاهرة، المعروف بـ"غوانتانمو مصر"، وللمطالبة بالدفء للمعتقلين تحت شعار "البرد قرصة عقرب".
وعبر وسم (هاشتاغ) باسم الحملة #البرد_قرصة_عقرب، دوّن مئات المعتقلين السابقين وأسر السجناء الحاليين بالإضافة إلى محامين عن التعذيب والبرد القارس، الذي أدى إلى وفاة اثنين من المعتقلين في السجون، خلال الأسبوع الماضي.

وفي الثامن من يناير/ كانون الثاني الجاري، توفي المعتقل علاء الدين سعد (56 عامًا) من جراء البرد في سجن برج العرب بالإسكندرية، بعد إصابته بنزلة برد شديدة أهملت إدارة السجن علاجها.

وفي الخامس من يناير/ كانون الثاني الجاري، توفي المعتقل محمود عبد المجيد محمود صالح، داخل سجن العقرب، نتيجة الإهمال الطبي ومنع العلاج عنه، ومعاناته من البرد القارس.

وبحسب أحد أهالي المعتقلين السياسيين في سجن العقرب شديد الحراسة، فإنّ 835 معتقلاً سياسياً مضرباً عن الطعام يصارعون الموت كل ليلة في الشتاء.

وقال أحد أهالي المعتقلين إنّ "5 معتقلين مضربين سقطوا في حالة غيبوبة بسبب الإضراب، في الوقت الذي رفضت فيه إدارة السجن تعليق محاليل لإسعافهم، بل إنها تمعن في تهديد المضربين بضربهم وشلّهم عن الحركة مثل ما فعلت لمعتقلي سجن عقرب 2 منذ شهور، وذلك في حالة إصرارهم على الإضراب".
وأضاف "لم تكتف الإدارة بكل هذا، بل إنّها قطعت الكهرباء عن المعتقلين، وأخفت الكثير منهم ولم يظهر لهم أثر، ولا أحد يعرف مكانهم"، متابعاً "قرر الأهالي توجيه بلاغات للنائب العام يوم السبت والأحد".

ودخل معتقلو سجن العقرب في إضراب كلي مفتوح عن الطعام، منذ السبت 4 يناير/ كانون الأول الجاري، احتجاجاً على الانتهاكات التي يتعرضون لها، والمعاملة غير الإنسانية، والموت البطيء داخل السجن، وخاصة بعد وفاة محمود عبد المجيد، داخل السجن بسبب البرد الشديد والإهمال الطبي المتعمد، وغيرهما من صور المعاملة غير الإنسانية وغير القانونية.


ويعرف سجن العقرب شديد الحراسة بـ"غوانتانمو مصر"، ويقع ضمن مجموعة سجون طرة جنوبي القاهرة، على بعد كيلومترين من بوابة منطقة سجون طرة الرسمية، وهو محاط بسور يبلغ ارتفاعه سبعة أمتار وبوابات مصفحة من الداخل والخارج، كما أن مكاتب الضباط تقع بالكامل خلف الحواجز والقضبان الحديدية.

ومات العشرات في سجن العقرب شديد الحراسة، على فترات متقطعة، خلال السنوات الست الماضية، منهم محمد السعيد، المتهم في قضية أنصار "بيت المقدس" الذي توفي في زنزانته في أواخر أكتوبر/ تشرين الأول 2015 نتيجة للإهمال الطبي. وسبقه القيادي بجماعة "الإخوان المسلمين" فريد إسماعيل، ورئيس مجلس شورى الجماعة عصام دربالة، والقياديان السابقان بجماعة "الجهاد الإسلامي" مرجان سالم ونبيل المغربي، وعضو جماعة الإخوان عماد حسن.

"بنتنفض من البرد كل ليلة"، هذا ملخص ما قاله المعتقل السياسي هشام الغباشي في جلسة تجديد حبسه أمام النيابة.

وقال محامي "المفوضية المصرية للحقوق والحريات" إن نيابة أمن الدولة العليا، قررت تجديد حبس هشام أحمد غباشي، 15 يوماً احتياطياً، على ذمة القضية 1118 لسنة 2019 حصر أمن دولة.

وأضاف محامي المفوضية أن المتهم أثبت في محضر التجديد إضرابه عن الطعام، اعتراضاً على سوء الأوضاع داخل سجن طرة شديد الحراسة، وأيضاً بسبب انخفاض درجات الحرارة الشديد وعدم وجود بطاطين تكفي لمواجهة هذا الانخفاض. فيما قال المتهم لوكيل النيابة حول أسباب إضرابه: "بنموت من البرد".

وانطلقت قبل أيام حملة حقوقية واسعة على منصات التواصل الاجتماعي تحت شعار "برد الزنازين"، تطالب السلطات المصرية بإدخال كافة مستلزمات التدفئة للمعتقلين في السجون المصرية.

وتشهد معظم المدن والمحافظات المصرية درجات حرارة منخفضة وبرداً قارساً تزداد حدته في ساعات الليل، فضلاً عن هطول الأمطار بكثافة على السواحل الشمالية.

الحملة شارك في التدوين فيها مئات من السياسيين والحقوقيين وأهالي المعتقلين السياسيين عبر وسم يحمل شعار الحملة "برد الزنازين".

وفي السياق، أصدر "مركز الشهاب لحقوق الإنسان" - منظمة مجتمع مدني مصرية - بياناً بشأن الانتهاكات التي تمارس تجاه المعتقلين، مؤكداً أن النظام المصري يبدأ "تصعيداً خطيراً" ضد معتقلي برج العرب وسجون مصر.

وقال المركز، في بيان، "يصعّد النظام المصري بشكل كبير في انتهاكاته بحق المعتقلين داخل جميع سجون مصر وخاصة بسجن برج العرب والعقرب، خاصة مع دخول فصل الشتاء البارد، داخل زنازين رديئة مصممة للحفاظ على برودة الشتاء لا الحماية منها، كما تتزايد حالات الوفيات داخل السجون، مع وجود دلائل على الإهمال المتعمد، والعمل على الموت البطيء لآلاف المواطنين المصريين القابعين في غياهب السجون المصرية".

وأكد المركز أنه وردت إليه رسالة من أهالي المعتقلين بسجن برج العرب تسرد ما يتم من انتهاكات بحق ذويهم تضمنت "منع دخول الأدوية حتى في حالات الخطر القصوى عن المعتقلين داخل السجون، واستخدام برد الشتاء كعقاب غير إنساني؛ حيث يتم منع دخول البطاطين والملابس الشتوية، في الوقت نفسه الذي يتم فيه استخدام إجراء التجريد للمعتقلين، وهو يعني سحب كل ما لدى المعتقل من ملابس ومتعلقات شخصية مع الإبقاء على قطعة الملابس الوحيدة التي يرتديها".

وتابع المركز "كما لم تكتفِ السجون بهذه الانتهاكات لتقوم أيضا بقطع الكهرباء والماء لأيام متتالية، ليكون إرهاقاً نفسياً وبدنياً، مع زيادة الأزمات المعيشية داخل الزنازين نظرا لصعوبة دخول ضوء النهار للزنازين، ولتراكم الأوساخ وانتشار الأمراض والحشرات الناتجة عن قطع الماء وعدم المقدرة على غسل أي شيء. فضلًا عن استخدام سياسة التجويع، حيث يتم قفل الكانتين الذي هو مصدر الطعام البديل عن طعام السجن الرديء، كما لا يُسمح في الزيارات إلا بالقليل من الطعام، والتفتيش السيئ والمهين للأهالي القادمين لزيارة ذويهم مع تعمد تحرش أمناء الشرطة بهم، كما يتم ضرب وإهانة المعتقلين أمام أهلهم أثناء الزيارة".

وأشار المركز إلى "منع كثير من المعتقلين من الزيارة، وذلك مع عدم وجود أي سبب يمنع الزيارة، وفرض رسوم مالية على الزيارات الاستثنائية، وعدم السماح بدخول أو خروج الأوراق والأقلام، ودخول أعداد كبيرة إلى زنازين التأديب دون أي ذنب وبلا سبب".

وطالب مركز "الشهاب لحقوق الإنسان" السلطات المصرية بالكفّ عن الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون بالسجون المصرية، وحمّل وزارة الداخلية ومصلحة السجون المسؤولية، كما طالب بتطبيق الدستور والقانون ولائحة السجون والمواثيق الدولية، التي تنص على حقوق المسجون والمحبوس، كما طالب بالوقف الفوري لكافة أشكال الانتهاكات، والإفراج الفوري عنهم.