الكلاب السائبة: إرهاب جديد يلاحق العراقيين

الكلاب السائبة: إرهاب جديد يلاحق العراقيين

03 سبتمبر 2019
تشكل خطرا على العراقيين (Getty)
+ الخط -


تحوّلت الكلاب السائبة في مختلف مدن العراق، وخاصة تلك التي خرجت من أتون حرب ضارية تهالكت معها البنية التحتية وخلفت دماراً هائلاً إلى إرهاب جديد يلاحق العراقيين، بعد أن أدت إلى مقتل وجرح العشرات خلال الفترة الماضية.

وفقد أطفال أرواحهم بسبب الكلاب السائبة، فيما تعرض آخرون من مختلف الأعمار لتشوهات وجروح بليغة وحالات تسمم وعدوى جرثومية وفيروسية بسبب عضات الكلاب السائبة.

وفي السياق، توفي أمس الإثنين طفل في مدينة الفلوجة بعد تعرضه لهجوم شرس من كلاب سائبة بينما كان يلعب قرب منزله، ما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة تطورت إلى تسمم في الدم توفي على إثره في المستشفى.

وكتب ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مناشدات للمسؤولين لوضع حد لظاهرة انتشار الكلاب السائبة في المدن. وقال الناشط سامي العاني موجها مناشدته لعدد من المسؤولين في محافظة الأنبار بعد وفاة طفل نتيجة تعرضه لعضة كلب، "دوركم يجب أن يكون فعالاً وقد ناشدتكم عدة مرات ولكن دون جدوى".

وأضاف العاني: "للأسف ناشدنا كثيراً لإيجاد طريقة للتخلص من الكلاب السائبة ولكن دون جدوى، الفلوجة اليوم تودع أحد أطفالها بسبب عضة كلب بعد أن كان يلعب قرب داره فهجمت عليه كلاب سائبة سببت له تسمماً في الدم أسفر عن وفاته".

وفقد كثير من الأشخاص حياتهم نتيجة تعرضهم لهجمات الكلاب السائبة، بينهم أطفال كان منهم الشاب غزوان بدر في البصرة الذي كان يحاول إنقاذ صديقه من هجوم الكلاب السائبة، لكنه تعرض لعدة عضات سببت له جروحا خطيرة أدت إلى وفاته بعد أيام قليلة.

وأكثر من يواجهون خطر الكلاب السائبة هم الأطفال الصغار لعدم قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم وشراسة هذه الكلاب وتوحشها حتى على الكبار، كما أنها تشن هجماتها على شكل جماعات ما يقلل فرص النجاة.

ويقول حامد حسين (47 عاماً) من أهالي الأنبار: "المشكلة أن هذه الكلاب شرسة جداً ومتوحشة وتهجم على الضحية على شكل جماعات لا تقل عن 5 كلاب وأحياناً أكثر، ما يجعل الشخص غير قادر على الدفاع عن نفسه وخاصة في المساء حيث تكون في قمة توحشها".

ويضيف حسين لـ"العربي الجديد"، أقوم بإيصال أطفالي إلى المدرسة خشية هجوم الكلاب السائبة عليهم، كما حصل لكثير من الأطفال في الفلوجة والرمادي والخالدية، فسبب ذلك وفيات عدة للأسف، والمصيبة أن الجهات الحكومية لا تتخذ أي إجراء للقضاء على هذه الكلاب الخطيرة".

وفي مايو/أيار الماضي بمدينة الخالدية وسط الأنبار غرب البلاد، توفيت الطفلة زهراء إسماعيل بعد تعرضها لهجوم كلاب سائبة عند باب منزلها سبب لها سكتة قلبية مفاجئة توفيت إثرها على الفور، ولاقت تفاعلاً وتنديدا بالجهات الحكومية المسؤولة عن الأمن من قبل ناشطين ومواطنين.

ولا يختلف الحال في مدينة الموصل، إذ توفي رجل مسن في يونيو/حزيران الماضي بعد تعرضه لعضة كلب سائب أثناء خروجه لعمله صباحاً، فيما يلقي المواطنون باللوم على الجهات الحكومية، معتبرين أنها مهملة ومُقصّرة في اتخاذ التدابير لحماية المواطنين.

ووصل الأمر بالكلاب السائبة إلى دخولها وتجولها في المستشفيات ليلاً، ما أثار رعب المرضى ومرافقيهم والكوادر الطبية المتواجدة كما حصل في أحد مستشفيات البصرة.

وشنّت دوائر مختصة حملة للقضاء على الكلاب السائبة في مدينة البصرة قبل نحو شهرين، بعد تفاقم اعتداءاتها على المواطنين بشكل غير مسبوق، لكن هذه الحملة لم تجر في مدن أخرى تعاني من هذه الظاهرة التي وصفت بالخطيرة.

ويقول الطبيب البيطري محمد عدنان، إن شراسة تلك الكلاب تبدو أكثر في المدن التي شهدت عمليات عسكرية، ويعتقد أن قسما منها تغذى على جثث ضحايا المعارك أيضا.

ويضيف لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة تترك خيار التصرف للشرطة بالعادة وهي قتل الكلاب بالرصاص أو وضع السم لهم، غير أن ذلك لا يمكن أن يعتبر حلا مناسبا.

 

فيما وجدت البرامج الكوميدية في هذه الظاهرة وسيلة لتوجيه النقد الساخر إلى الحكومة والجهات الأمنية والدوائر المتخصصة، لعدم تجاوبها مع مناشدات المواطنين المستمرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

واعتبر ناشطون أن ظاهرة الكلاب السائبة إرهاب جديد يلاحق العراقيين في كل مكان حتى أصبح كبار السن يخشون الذهاب إلى المساجد فجراً، خشية تعرضهم لهجمات الكلاب السائبة الخطيرة إلا على شكل جماعات ويحملون العصي للدفاع عن أنفسهم.

وتعتبر المدن المحررة التي خرجت من الحرب الأكثر تعرضا لضرر الكلاب السائبة التي تكاثرت وانتشرت بشكل غير مسبوق خلال فترة الحرب، ليتفاجأ النازحون العائدون إلى مدنهم بأعداد هائلة منها تنتشر في كل مكان.