"البيت التدمري"... مشروع تطوعي لرعاية الأطفال

"البيت التدمري"... مشروع لرعاية الأطفال

عبد الله البشير

avata
عبد الله البشير
30 سبتمبر 2019
+ الخط -

تكشف المشاريع المجتمعية التطوعية في المناطق المحررة من سورية عن قصص نجاح عدة، وهو ما يمثله "البيت التدمري"

مشروع "البيت التدمري" واحد من بين الأفكار التي بدأت محدودة، وبجهود متواضعة، عن طريق تخصيص رياض الأطفال، ليكبر مع الأيام ويصبح واحداً من المشاريع التطوعية الناجحة التي تركت أثرها على أهالي الشمال السوري. عن هذا المشروع وما قدمه يتحدّث مدرس اللغة العربية والناشط في مجال حماية الطفل، إبراهيم رحال لـ"العربي الجديد": "التحقت بالبيت التدمري كونه يقدم الكثير للطفل والطفولة، فقد احتضنت رياض البيت التدمري كثيراً من أطفال المنطقة، خصوصاً أولئك الذين نزحوا من مناطق المعارك، وقدمت لهم الرعاية النفسية والتربوية كاملة، كما عملت على إخراج الأطفال من جو الخوف والعزلة، ووفرت لهم بيئة ملائمة، عن طريق التعليم والعناية الصحيحة الأولية والمتابعة المستمرة لحالة الطفل النفسية".



يبرر رحال دعمه للمشروع: "أنا من الداعمين لاستمرار عمله، وتقديم كلّ أسباب الدعم المادي اللوجستي له، فهو يمتلك كادراً من الجامعيين الأكفاء المتدربين والمتحمسين لتقديم كلّ ما يستطيعون من أجل الطفل. أضف إلى ذلك الحاجة الملحة إلى مشروع كهذا في مثل هذا الوقت، ولا شك أنّ أوضاع الطفل بوجود مشروع البيت التدمري ورياضه أفضل بكثير من أوضاعه في غياب مثل هذا المشروع، إذ تقدم الرياض المعلومات الأولية للطفل كالكتابة والقراءة وبعض العمليات الحسابية، بالإضافة إلى كثير من النشاطات الترفيهية ونشاطات الدعم النفسي".




السيدة عطاء قشعم، من أعضاء فريق "البيت التدمري"، تتحدث إلى "العربي الجديد" عن المشروع القائم على رياض الأطفال في مناطق متفرقة من إدلب: "المشروع ساهم بإمكانات بسيطة في مساعدة الأطفال على التعلم ونقلهم من ظروف قاسية تعرضوا لها، وأمّن لهم النقل المجاني والقرطاسية، ويهدف مشروع البيت التدمري بالدرجة الأولى إلى تنمية شخصية الطفل وزرع الثقة فيه وإنماء روح التعاون مع المجتمع المحيط، بالدرجة الأولى، أما القراءة والكتابة فتأتيان في المرتبة الثانية". تتابع: "انتقال الطفل من مرحلة الطفولة العادية إلى مرحلة الروضة يعد حدثاً مهماً ونقلة نوعية في حياته، وعلى الأهالي حثّ الطفل على هذا الانتقال وتشجيعه وتقديم كامل الدعم له، وهناك حالة لا بدّ من الإشارة إليها وهي انتشار الهواتف المحمولة وتعلق الأطفال بها، فقد أصبح الطفل يستقي كلّ تصرفاته منها، ومما يبث على مواقع التواصل الاجتماعي وينعزل عن العالم المحيط فتتغير تصرفاته وسلوكه، وهنا تكمن أهمية إعادته إلى الحياة الطبيعية، وهذه إحدى ركائز عمل البيت التدمري، إذ نعمل على دمج الطفل بالمجتمع المحيط به وتدريبه على طرق التعاطي معه".



وعن الفارق الذي صنعه المشروع، توضح: "قدم المشروع للأطفال الدعم النفسي والمعنوي، فلدينا وسائل ترفيه مثل الألعاب إضافة للتعليم والرسم والأشغال، ومن خلال هذه النشاطات نبقي الطفل بعيداً عن الظروف التي يعانيها، كما نركز على محافظة الطفل على النظافة الشخصية والنظام والالتزام بالوقت والتصرفات السليمة على مستوى العائلة والأصدقاء والمعلمين، وكلّ هذه الأشياء نعمل في البيت التدمري على تنميتها لدى الأطفال ساعين لتجاوزهم أزمات النزوح وغيرها من الأزمات التي لحقت بهم".



من جهتهم، يشكل المشروع للنازحين نقلة جيدة، مع عدم تحميلهم أعباء مالية. تقول النازحة من ريف حمص، أسماء العلي، المقيمة في بلدة كللي بريف إدلب: "من الجيد ذهاب الأطفال إلى الروضة واندماجهم بين الأطفال، فابني تغيرت تصرفاته بشكل كبير. كان يتسبب لنا بالمشاكل، خصوصاً أنّه كان عنيفاً مع من في عمره ويعمد إلى ضربهم في كثير من الأحيان، وخلال العام الماضي مع وجوده في البيت التدمري اختلفت تصرفاته كثيراً وبات هادئاً، وصرنا نحدد له ساعة يومياً فقط لمشاهدة برامج الكرتون، بينما في السابق كان يبكي بشدة، ويتابع تلك البرامج على يوتيوب لساعات طويلة، ولم نكن قادرين على حرمانه منها أو إيجاد حل مناسب". تضيف لـ"العربي الجديد": "النزوح أثّر علينا بشدة، كما تأثر أطفالنا بعدما فقدوا جزءاً من العادات التي كنا نحافظ عليها، فقد كانت زيارة الأقارب والجد والجدة تضفي جواً من الألفة لدى الأطفال، ومع النزوح وافتراقنا عن الأقارب كان صعباً علينا توفير جو جيد لأطفالنا، وكانت فكرة الروضة حلاً جيداً لنا ولهم، فأنا الآن أنهي أعمالي المنزلية وأتابع العديد من الأمور في فترة بقاء ابني في الروضة، كما أهتم بشقيقته (عام ونصف) من دون أيّ إزعاج منه، وفي الروضة يفرغ جزءاً من الطاقة لديه بممارسة النشاطات، فينام باكراً من دون إثارة مشاكل".



الطفل حمزة إبراهيم لا يخفي سعادته بالوجود في إحدى رياض البيت التدمري. يقول لـ"العربي الجديد": "تعلمت الأحرف والأرقام والرسم، ونلعب بالمعجونة الطينية. أحب معلمتي التي تهتم بنا، وقد علمتنا أن نقول الحقيقة دائماً إذا أخطأنا، كما نقول لها صباح الخير عند دخولنا الخيمة كلّ يوم".



يشرف مشروع "البيت التدمري" على عدة مدارس ورياض أطفال، إذ يشمل روضتين في كللي في كلّ منهما 200 طفل، بالإضافة إلى ثلاث روضات في بلدة حزانو ومحيطها بريف إدلب تضم كلّ منها 150 طفلاً، فضلاً عن مدارس في مخيم الركبان بالقرب من الحدود السورية - الأردنية تضم نحو 400 تلميذ.

ذات صلة

الصورة
تظاهرة ضد هيئة تحرير الشام-العربي الجديد

سياسة

تظاهر آلاف السوريين، اليوم الجمعة، مناهضة لسياسة "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، ومطالبة بإسقاط قائدها أبو محمد الجولاني.
الصورة
تظاهرات في ذكرى الثورة السورية (العربي الجديد)

سياسة

خرجت تظاهرات في مدن وبلدات شمال غربي سورية اليوم الجمعة، إحياءً للذكرى الـ13 لانطلاقة الثورة السورية.
الصورة

منوعات

دفعت الحالة المعيشية المتردية وسوء الأوضاع في سورية أصحاب التحف والمقتنيات النادرة إلى بيعها، رغم ما تحمله من معانٍ اجتماعية ومعنوية وعائلية بالنسبة إليهم.
الصورة
نادية عبد العال نازحة فلسطينية في شمال قطاع غزة 1 (العربي الجديد)

مجتمع

في يوم المرأة العالمي، انتظرت الفلسطينية نادية عبد العال النازحة في شمال غزة ستّ ساعات قبل أن تملأ غالونات المياه، وتصعد بها أربع طبقات في مركز الإيواء.