أهالي بلدة الهبيط السورية: عودتنا شبه مستحيلة

أهالي بلدة الهبيط السورية: عودتنا شبه مستحيلة

28 سبتمبر 2019
دمار 80% من مباني الهبيط (عمر حاج قدور/فرانس برس)
+ الخط -
قبل أشهر من تدميرها الممنهج الذي انتهى بسيطرة قوات النظام عليها، نزح أهالي بلدة الهبيط الواقعة جنوبي محافظة إدلب شمال غربي سورية، عن بلدتهم، ولم يبق أحد فيها، قاصدين مناطق أكثر أمناً وبعيدة عن قذائف مدفعية نظام بشار الأسد وغارات الطائرات الروسية، بعد أن تجاوز الدمار في البلدة نسبة 80%.

الناشط الإعلامي وابن بلدة الهبيط أحمد أبو عمار (30 عاماً) تحدث، لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، عن واقع مؤلم يعيشه نازحو هذه البلدة، وقال: "الجرح بالنسبة للأهالي كبير، فالنظام قبيل سيطرته على المدينة حوّل منازلها إلى ركام، ودمرت طائراته ومدفعيته والبراميل المتفجرة التي ألقتها المروحيات أغلب منازل البلدة، وقبل سيطرة النظام عليها، بنحو شهر، أصبحت الهبيط بلدة خالية من السكان ليس فيها سوى بعض الشبان فقط الذين يسهل عليهم التنقل من خارجها وإليها".

وعن المناطق التي لجأ إليها نازحو بلدة الهبيط، أوضح أبو عمار "إنّهم في الوقت الحالي يتوزعون على مدينة الأتارب في ريف حلب الغربي، إضافة لمنطقة دير حسان بريف إدلب الشمالي حيث لهم تجمع هناك، فضلاً عن تجمع آخر بالقرب من بلدة باتبو بريف حلب، وقسم كبير من أهالي الهبيط لجأ إلى أماكن كانت ملكيتها عائدة للدولة في مدينة إدلب ومعرة مصرين، وكانت المدارس في مقدمتها، والأمر الذي دفعهم إلى هذا عدم امتلاكهم القدرة على استئجار منازل لهم، وكانت ظروفهم جداً صعبة، كباقي النازحين في المنطقة القريبة منا، فسكان بلدة كفر سجنة لجأوا غلى منطقة جبلية ليقيموا تجمعاً فيها، كذلك أيضاً أهالي بلدة حيش".

وسيطر النظام السوري، بغطاء ودعم من روسيا، في 11 أغسطس/ آب الماضي، على بلدة الهبيط بريف إدلب الجنوبي، والتي تكتسب أهمية استراتيجية كونها قريبة من الطريق السريع الرئيسي بين دمشق وحلب، بعد حملة قصف عنيف أسفر عنها فراغ البلدة من أهلها تقريباً.

وأوضح النازح ياسر المحمد، من أهالي بلدة الهبيط أيضاً، لـ"العربي الجديد"، أنّه بعد نزوحه من البلدة ومعاناته الكبيرة في تأمين إيجار المنزل، قرّر بيع كافة ممتلكاته واستدانة مبلغ من المال بهدف شراء أرض له في بلدة قاح الحدودية مع تركيا في ريف إدلب، بهدف بناء منزل عليها.

وأوضح المحمد أنّه بعد شراء الأرض لم يكن يمتلك المال لبناء منزل، وكانت جهات أمنية في "هيئة تحرير الشام" قد أنذرته أنّه في حال لم يبدأ بعملية البناء، فستتم مصادرة الأرض. ويروي المحمد معاناته بالقول: "أنا نازح واضطررت أن أستدين مبلغاً من المال علّه يساعدني على إيجاد مأوى لي ولعائلتي، ويأتي هؤلاء ليهددوني بعد شراء الأرض، فلم يكن أمامي خيار في الحقيقة، وتدبرت أمري لبناء منزل مكوّن من غرفتين، فخسارة الأرض بالنسبة لي كانت تعني العودة إلى الصفر، مع العلم أنّ كل ما استطعت إخراجه من بيتي في بلدتي قبل تدميره هو الملابس فقط".

ورغم الظروف الصعبة التي يمر بها أهالي الهبيط، لا يفضلون التسوية والعودة إليها بعد خضوعها لسيطرة قوات النظام. وأشار محمد جلول إلى أنّ "العودة للبلدة في الوقت الحالي تحت سيطرة النظام مستحيلة، فمن جلب معه الموت والدمار لن يرحم العائدين، ومصير من قد يعود سيكون الاعتقال أو القتل، لذلك حياة النزوح ومشاقها أفضل من الموت على يد قوات النظام التي هربنا من الموت على يدها في الأصل".

وتشتهر بلدة الهبيط باعتماد أهلها على زراعة البطاطا، فضلاً عن مواسم مثل الكمون والقمح والسمسم. وبلغ عدد سكانها في عام 2004 نحو 10 آلاف نسمة، وسبق لسكانها أن استقبلوا المهجرين من ريف حمص الشمالي وريف دمشق في عام 2018. واعتبرت البلدة محطة للمهجرين قبل توجههم لباقي مناطق الشمال السوري في حينه.