جدل في بلجيكا حول جرائم قتل النساء

جدل في بلجيكا حول جرائم قتل النساء

27 سبتمبر 2019
هل تعاني من العنف؟ (ديرك وائيم/ فرانس برس)
+ الخط -

إدخال مصطلح "قتل النساء" في قانون العقوبات البلجيكي لا تقبل به جهات تقترح في المقابل توسيع مفهوم العنف المنزلي في البلاد.

مع بداية السنة التشريعية الجديدة في بلجيكا، دعت مجموعة من الجمعيّات النسائية على خلفية حوادث عدة راحت ضحيتها نساء، القضاء إلى العمل من أجل مكافحة أكثر فعالية للعنف ضد النساء من خلال تعديل قانون العقوبات. وقبل نحو أكثر من شهر، اتّهم شخصان بقتل زوجتيهما السابقتين، لتضاف الجريمتان إلى نحو مائة امرأة قُتلن منذ بداية العام في فرنسا. وضع دفع باريس إلى تنظيم اجتماع متعدّد الأطراف، شارك فيه ممثلون عن القضاء والشرطة والحكومة ومتخصّصون بقضايا العنف ضد النساء، محاولين وضع خطة لمحاربة هذه الظاهرة المتفشية خلال السنوات الأخيرة. ويعد السؤال الرئيسي المدرج على جدول أعمال هذا اللقاء، هو السماح بإضافة مصطلح "قتل النساء" في قانون العقوبات، وإلى أي مدى يمكن أن يساهم التمييز بينه وبين مصطلح "القتل" في حماية النساء بشكل أفضل. وتسعى المنظمات النسائية البلجيكية إلى دفع العدالة البلجيكية إلى إحداث هذا التغيير أيضاً. لكن الموضوع غير مدرج حالياً على أجندة عمل المحامين والمشرعين، كما يقول أستاذ القانون الجنائي في جامعة لوفان الكاثوليكية تيري مورو لـ "العربي الجديد". يقول: "لا يوجد في الواقع أية نصوص حول هذا الموضوع. وبالتالي، النقاش ليس كثيفاً لدفع القضاء والمشرعين إلى تغيير القوانين".

في محاولة لإطلاق هذا النقاش، عمدت جمعية "تضامن النساء" المعنية بالدفاع عن حقوق النساء، إلى تنظيم مؤتمر حول العنف بعد الطلاق يومي 15 و16 أكتوبر/ تشرين الأول المقبلين، وقد دعي إليه محامون وقضاة، إضافة إلى متخصصين اجتماعيين وعلماء نفس وشرطة. ووعد نحو 300 شخص من المهنيين حضور هذا المؤتمر الذي تهدف الجمعية إلى جعله محطة تأسيسية للضغط على القضاء والنخبة السياسية، والعمل على تعديل قانون العقوبات من أجل مكافحة أكثر فعالية للعنف ضد النساء. تقول الباحثة في كلية علم الجريمة في جامعة لوفان الكاثوليكية، إيمانويل ميلان، والمسؤولة في جمعية "تضامن النساء"، لـ "العربي الجديد: "المصطلح القانوني قتل النساء، بدأ يظهر في الخطب السياسية وفي وسائل الإعلام. وفي الآونة الأخيرة في بحوث الطلاب في كليات القانون وعلم الجريمة، مع الاعتراف بوجود تحفظات في مجموعة من القطاعات وليس فقط في القضاء". تضيف: "لدينا قراءة للواقع قد لا ترضي مجتمعاً يعاني من مشكلة تقبل الصور النمطية. فهناك انسداد في اللاوعي الجماعي يخترق كل القطاعات، بما في ذلك المحاكم والقضاة".




لا يظهر مصطلح "قتل النساء" حالياً في أية مادة من مواد قانون العقوبات. وإذا كانت إضافته من الناحية التقنية لا تطرح أي مشكلة لأن تعديل المواد التي تشير إلى جرائم القتل العمد أو غير الإرادية سيكون كافياً، فإن العديد من المشاكل قد تبرز كما يفسر تيري مورو. "المصطلح العام، أي القتل، يعني قتل الإنسان وليس الذكر فقط. ويمكننا إضافة كلمة قتل النساء بشكل طوعي أو غير إرادي، للإشارة إلى جنس المتوفى. لكن ليس لدينا رجال أو نساء فقط. وهناك، على وجه الخصوص، المتحولون جنسياً. هؤلاء لا ينسجمون مع أية فئة. من جهة أخرى، لست مقتنعاً بأن هذا يمكن أن يضيف شيئاً جديداً إلى الإجراءات، باستثناء الحالة التي يعاقب فيها قتل النساء، أو تُمنع المرأة التي تتعرض للضرب من الدفاع عن النفس لأنها في خطر دائم للتعرض للموت".

يضيف مورو: "كافة الآراء محترمة، لكن من الناحية القانونية، أشعر أن لدينا أدوات كافية. هناك بالفعل جرائم ذات ظروف مشددة مثل القول إن الشخص الذي قُتل كان بسبب جنسه. المشكلة هي أيضاً معرفة مدى زيادة العقوبة التي هي بالفعل ثقيلة جداً في حال القتل. معظم الدراسات تظهر أن ذروة العقوبة ليست رادعاً للجناة. إذا كنا نريد محاربة العنف المنزلي، يجب أن نفكر بطريقة مختلفة عن قانون العقوبات".

اقتراح إدخال مصطلح "قتل النساء" في قانون العقوبات لا تقبله جمعية نقابات القضاة، التي تناضل بدورها من أجل مكافحة ظاهرة قتل النساء بسبب تفشيها في الآونة الأخيرة. وهذا ما تؤكده رئيستها ماري ميسيان: "الملف لا يشغل مساحة كافية على جدول أعمال السياسيين. في عام 2016، كانت مسألة مكافحة العنف المنزلي أولوية. لكن على أرض الواقع، لم يكن الاهتمام بالظاهرة كافياً". وتؤيد الجمعية أن" تصبح قضية قتل النساء موضوعاً رئيسياً، ويتم التفكير فيها على المستوى القانوني. وفي ما يتعلق بالعنف المنزلي، يجب صياغة القانون بطريقة محايدة لأنه غير مقبول في كلا الاتجاهين. لكن في الواقع، فإن نسبة النساء اللواتي وقعن ضحية له تجعل من الضروري الخروج من الإطار المؤسساتي للتعامل مع الظاهرة بشكل مباشر والنظر في ما تخفيه".



وبالنسبة إلى القضاة، يمكن اتخاذ تدابير أخرى أكثر إلحاحاً وأكثر فعالية من تعديل قانون العقوبات، مثل توسيع مفهوم العنف الزوجي ليشمل أفعالاً أخرى غير الاعتداءات اللفظية والنفسية والجسدية والجنسية. واعتبار على سبيل المثال، الرجل الذي يحطم سيارة زوجته الحالية أو السابقة يرتكب شكلاً من أشكال العنف الزوجي. وكما تقول ماري ميسيان، فإن "إدراج قتل النساء في قانون العقوبات يمكن أن يعطي الانطباع بأن العمل قد تم في وقت تتطلب الظاهرة متابعة دائمة وحلولاً مختلفة".