العراق: جدل حول أهلية قضاة المحكمة الاتحادية..تجاوزت أعمارهم السبعين

العراق: جدل حول أهلية قضاة المحكمة الاتحادية بسبب تجاوز أعمارهم السبعين

22 سبتمبر 2019
البرلمان العراقي يحضّر مشروع قانون يتعلق بالمحكمة العليا(ديفيد فورست/Getty)
+ الخط -
أثار طلباً برلمانياً هو الأول من نوعه في العراق بإخضاع أعضاء وقضاة المحكمة العليا، وهي السلطة التشريعية العليا، لفحص أهليتهم الصحية مع تجاوز أغلبهم سن السبعين، جدلاً واسعاً في البلاد بين مؤيد للطلب وآخر اعتبره طعناً بالسلطة القضائية العراقية.

وتحيط بالمحكمة الاتحادية العليا في البلاد اتهامات كثيرة، من بينها محاباة الكتل السياسية والمماطلة بفتح ملفات فساد وجرائم خطيرة في العراق، على غرار ملف سقوط الموصل، ومحاكمة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي كمتهم أول في القضية، وغيرها من ملفات الانتهاكات والجرائم وجرائم الفساد على غرار ملف صفقة الأسلحة الأوكرانية، وصفقة محطات الكهرباء الغازية، ومئات المشاريع الوهمية التي كبدت الدولة العراقية منذ عام 2003 ولغاية الآن عشرات المليارات من الدولارات. 


وتشكلت المحكمة عام 2005، وتضم رئيسا ونائبا له وثمانية أعضاء، ويعتبر رئيسها الحالي القاضي مدحت المحمود (86 عاماً) أكثر من تلاحقه تهم محاباة نوري المالكي وتحيزه في خصومات وأزمات سياسية عدة عصفت بالبلاد من خلال تفسيرات اجتهادية للدستور من بينها ما يعرف بـ"الكتلة الكبرى"، التي أطاحت بإياد علاوي من سباق رئاسة الوزراء، رغم فوزه بالغالبية في انتخابات البرلمان عام 2010 لصالح غريمه المالكي. إذ كان التفسير خروجا عن المألوف وبات الفوز بالانتخابات التشريعية غير كافٍ للحصول على رئاسة الحكومة، بل يستلزم أيضاً تشكيل كتلة كبيرة داخل البرلمان تكون الكبرى.

وباقي أعضاء المحكمة تجاوز أغلبهم سن السبعين، الأمر الذي دعا النائب البارز في البرلمان يوسف الكلابي، إلى مطالبة رئيس الجمهورية برهم صالح، في خطاب رسمي بعرض قضاة المحكمة الاتحادية على لجنة طبية لبيان أهليتهم الصحية والبدنية في ممارسة دورهم القضائي.

وبحسب الوثيقة التي نشرتها وسائل إعلام محلية عراقية فإنه "استنادا إلى قانون تمديد خدمة القضاة رقم (39) لسنة 2012 ولأهمية قرارات المحكمة الاتحادية العليا في استقرار الوضع السياسي والأمني والإداري لكل العراق، نطلب من فخامتكم عرض السادة القضاة أعضاء المحكمة الاتحادية على لجنة طبية مختصة لغرض بيان أهليتهم الصحية والبدنية لممارسة مثل هكذا مهمة كبيرة.

وأرجع الطلب إلى أن "سن التقاعد في العراق 63 سنة، وأغلب القضاة تجاوز السبعين من العمر، ما يستدعي التأكد من أهليتهم الصحية".

مصادر في رئاسة الجمهورية قالت لـ"العربي الجديد"، إن الخطاب وجه للرئيس العراقي على اعتبار أنه أعلى سلطة وله الحق في النظر بالموضوع، غير أنه من غير الوارد أن يتم ذلك لوجود حسابات سياسية كثيرة منها أن أياً من الرئاسات الثلاث غير مستعد لفتح ملف المحكمة الاتحادية لأن اختيار قضاة جدد هو عبارة عن مشوار طويل تطالب خلاله الكتل السياسية بأن تكون المحاصصة الطائفية حاضرة فيها.

وبحسب المصادر ذاتها "إن الطلب المقدم يأتي ضمن اتهامات متصاعدة لرئيس المحكمة مدحت المحمود، بعدم جديته في فتح ملفات زعماء سياسيين والوقوع تحت تأثيرهم وأبرزهم نوري المالكي وإبراهيم الجعفري، خاصة بملفات كبدت البلاد خسائر مالية كبيرة عدا عن انتهاكات كثيرة ما زال التراب يعلو ملفاتها في غرف المحكمة الاتحادية منذ سنوات".

واعتبر أن الخلاف الحالي غير المعلن بين رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ورئيس المحكمة مدحت المحمود، قد يكون شجع عضو البرلمان الكلابي على طرح الطلب.

كذلك اعتبر عضو اللجنة القانونية في البرلمان، محمود ملا طلال، أن الطلب غير صحيح كون "القضاة عقليتهم سليمة ومحترمة وكلما كبر الإنسان زادت قواه العقلية وتراكمت الخبرات لديه"، على حد وصفه، مبينا في حديث لـ"العربي الجديد"، بأنه "لا يعتقد أن النائب أراد الطعن في عقليتهم أو أهليتهم وقد يكون لمراد آخر غير الذي نفهمه من هذا الكتاب".

بالمقابل، قال النائب يحيى المحمدي، عن تحالف القوى العراقية، "بشكل عام أعضاء المحكمة الاتحادية هم كبار في السن، وحسب معلومات إنهم حتى لا يحضرون إلى دوائرهم ولا يؤدون أعمالهم بانتظام، وصحيح نحن مع سرعة التشريع الذي يضمن تنظيم وانسيابية وأخذ دور في المحكمة الاتحادية".

وأوضح المحمدي "أن المحكمة الاتحادية تعيش الآن حالة فراغ دستوري ولا توجد هنالك مادة قانونية تنظم عملها باستبدال الأعضاء أو إضافة أعضاء، لذلك تعمل اللجنة القانونية بالاتفاق مع رئاسة البرلمان والكتل البرلمانية ورؤساء الكتل على تشريع هذا القانون، وتمت القراءة الأولى والقراءة الثانية له، ونحن ماضون به لأنه مهم جداً ويمثل أحد أركان السلطة في العراق وهي المحكمة الاتحادية".

إلى ذلك "استغرب الخبير القانوني طارق حرب، ما وصفه بـ"الطلب غير المقبول نهائيا"، وقال لـ"العربي الجديد"، "هل يعقل أن يصدر بيان بعرض القضاة على لجنة طبية؟ هذا البيان يعتبر طعناً بأعضاء المحكمة الاتحادية. ممكن فقط بحال أن يشار إلى شخص محدد يتبين من تصرفاته أنه غير قادر من الناحية الصحية ومن الناحية الطبية وعندها لا بد من تدارك الأمر، لكن إخضاع الجميع مرة واحدة للفحص هو طعن بالمحكمة".

وتابع "هذا الأمر يحتاج إلى نص أو يجب أن يصدر مجلس النواب قانوناً بذلك وليس بإرادة نائب أو عشرة نواب أو عشرين أو خمسين نائباً، لأن هذا الموضوع يستوجب إصدار قانون به".