الصين تفصل الأطفال المسلمين عن عائلاتهم بشينغيانغ

"رايتس ووتش": الصين تفصل الأطفال المسلمين عن عائلاتهم بشينغيانغ

16 سبتمبر 2019
تشديد السياسات ومنع تعلم أطفال الإيغور لغتهم الأصلية(فريديريك.ج.براون/فرانس برس)
+ الخط -


دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" السلطات الصينية لإعادة الأطفال المحتجزين في مؤسسات "رعاية الطفل" والمدارس الداخلية في شينغيانغ إلى أسرهم فوراً، مطالبة الحكومة الصينية بإيقاف الفصل غير الضروري لأطفال الإيغور والمسلمين الآخرين الأتراك عن أسرهم.

وذكرت المنظمة في تقرير نشرته أمس الأحد، أن الصين في إطار "الحملة الصارمة ضد الإرهاب العنيف" التي تشنها تحتجز تعسفا ما يُقدّر بمليون مسلم من الإثنيات التركية في معسكرات التثقيف السياسي غير القانونية في شينغيانغ منذ عام 2017، فضلا عن عدد آخر غير معروف في مراكز الاحتجاز والسجون. وأشارت إلى أن السلطات الصينية تضع عددا كبيرا من الأطفال، احتجز آباؤهم أو نُفوا، في مؤسسات رعاية الأطفال والمدارس الداخلية الحكومية دون موافقة أهلهم أو قدرتهم على الوصول إليهم.

وقالت مديرة قسم الصين في "هيومن رايتس ووتش"، صوفي ريتشاردسون: "قد يكون فصل الحكومة الصينية القسري للأطفال عن أهلهم العنصر الأكثر قسوة في قمعها في شينغيانغ. ينبغي إما إعادة الأطفال فورا إلى وصاية أقاربهم في الصين أو السماح لهم بالالتحاق بأهلهم خارج البلاد".

وقابلت "هيومن رايتس ووتش" خمس عائلات من شينغيانغ ممن يعيشون حاليا خارج البلاد وانقطع تواصلها مع أطفالها، ويعرف بعضهم ويعتقد آخرون بأن السلطات وضعت أطفالهم في مؤسسات تديرها الدولة دون موافقة أسرهم.

إحدى الشهادات التي عرضها التقرير تشير إلى أن "عبد الرحمن توهتي، وهو من الإيغور ويعيش في تركيا، لا يستطيع الاتصال بابنه، وعمره أربع سنوات، وابنته، وعمرها ثلاث سنوات، منذ اعتقال السلطات زوجته في أغسطس/آب 2016. وفي يناير/كانون الثاني، لمَح ابنه في مقطع فيديو على الإنترنت في مدرسة وهو يجيب على الأسئلة بالصينية". قال توهتي: "أشتاق إلى أولادي وزوجتي، وأودُّ رؤيتهم بشدة. أخشى ألا يتعرّف أطفالي عليّ لو قابلتهم مستقبلا، وأن يتم احتواؤهم استيعابهم كصينيين ويظنون أنني عدوهم".

وأشار التقرير إلى أنه لا يُعرف عدد الأطفال المودعين في مؤسسات رعاية الأطفال الحكومية والمدارس الداخلية بلا موافقة أسرهم في شينغيانغ، إذ تحول سيطرة الحكومة ومراقبتها للمنطقة، وأيضا العقوبات الشديدة ضد من يتحدثون أو يتواصلون مع الخارج، دون معرفة كافة التفاصيل. وفقد العديد من المسلمين التُرك ممن يعيشون خارج الصين الاتصال بعائلاتهم في شينغيانغ بالكامل. ولفت إلى أن موقع "قاعدة بيانات ضحايا شينغيانغ" جمع شهادات أكثر من 5 آلاف شخص في شينغيانغ، منهم أكثر من 100 طفل، سُجنوا أو احتُجزوا في معسكرات التثقيف السياسي، أو تعرضوا لقيود أخرى على الحركة.

ولا توفر وثائق حكومة شينغيانغ معلومات كافية حول قرارات إرسال الأطفال إلى منشآت تديرها الدولة. فهي لا تذكر الشخص الذي يجب أن يوافق، أو الهيئات الحكومية التي تتخذ قرارات الترحيل إلى مؤسسات الدولة، أو ما إذا كانت هناك إجراءات لتحديد ما هي الموافقة على مثل هذه القرارات أو للطعن فيها. كما أفادت هيومن رايتس ووتش سابقا، تلقت بعض المناطق تعليمات حول أعداد محددة للأيتام الذين يجب إدخالهم إلى المؤسسات.

وأعربت "هيومن رايتس ووتش" عن القلق البالغ إزاء الممارسات في هذه المنشآت التي يظهر أنها تحرم الأطفال من حقوقهم الأساسية وتراثهم الثقافي. واستندت إلى ما ورد عبر وسائل الإعلام والمواقع الحكومية الصينية لتشير إلى أن تعليم الأطفال في المدارس الداخلية في شينغيانغ يتم بالصينية، ما يثير مخاوف بشأن حق الأطفال في تعلم لغتهم الخاصة. كما تحتفي الدعاية الحكومية بميزات عيش الأطفال ضمن مؤسسات فيها منامة على أنها تمنع تأثرهم "بالفكر المتطرف" وتطور لديهم النظافة الشخصية والأخلاق الأفضل.

وأكد التقرير أن الصحافيين الأجانب الذين زاروا شينغيانغ في 2018 و2019 لم يتمكنوا من زيارة المدارس أو تصويرها للإبلاغ عن التعليم المقّدم فيها. كما بدت الأسلاك الشائكة، والأسوار، وكاميرات المراقبة وكأنها لتأمين مركز احتجاز بدلا من كونها لسلامة الأطفال.

تشير مؤشرات عديدة إلى قيام سلطات شينجيانغ بضخ موارد أكثر في مؤسسات رعاية الأطفال والمدارس الداخلية منذ بدء "الحملة الصارمة". كشفت هيومن رايتس ووتش وباحثون مستقلون ومؤسسات إعلامية دولية عن وجود العديد من التوجيهات السياسية بشأن إدخال الأطفال المُحتجز آباؤهم إلى مؤسسات، ووثائق حكومية حول إدارة الأطفال في مؤسسات رعاية الأطفال والمدارس الداخلية، وإشعارات الشراء لبناء هذه المرافق.

ووفقا لدراسة حديثة، تُظهر الإحصاءات الحكومية زيادة كبيرة في الإنفاق التعليمي، والتسجيل في حضانات الأطفال، ومساحة المدارس في المناطق ذات الكثافة السكانية المسلمة التركية في شينغيانغ في السنوات الثلاث الماضية.

ورأى التقرير أن ترتيبات الرعاية البديلة تتبع للضرورة، ويجب إعطاء الأولوية في الرعاية لأفراد الأسرة المقربين، وأن يكون إبعاد الطفل عن رعاية الأسرة هو الملاذ الأخير، ويجب أن يكون مؤقتا ولأقصر مدة ممكنة كلما أمكن. وينبغي للمسؤولين ضمان أن تكون لدى الطفل القدرة على تكوين وجهات نظره الخاصة الحق في التعبير عن آرائه بحرية في جميع الأمور التي تؤثر عليه. ينبغي إيلاء آراء الطفل الاعتبار الواجب وفقا لسنه ونُضجه.

وشدد التقرير على أن تراعي جميع القرارات المتعلقة بالرعاية البديلة الميزة، من حيث المبدأ، الناتجة من إبقاء الطفل أقرب ما يمكن من مكان إقامته المعتاد، وتسهيل التواصل مع أسرته وإمكانية إعادة الاندماج معها، وتقليل اضطراب حياة الطفل التعليمية، والثقافية، والاجتماعية إلى الحد الأدنى.