حقوق الإنسان في المدرسة

حقوق الإنسان في المدرسة

16 سبتمبر 2019
الدمار وحده في إحدى مدارس درعا السورية (فرانس برس)
+ الخط -
بدأ العام الدراسي، أو يكاد، في جميع الدول العربية. الأوضاع تبدو هادئة في أغلبها، وإن مع مؤثرات حروب مستمرة في بعضها، وتشكيلة من القمع والفوضى والفقر في معظم بقيتها. هي أوضاع تطرح عاماً بعد عام، وربما لسنوات لاحقة إشكالية حقوق الإنسان ومنظومتها في الوطن العربي، ومدى تطبيق المتفق عليه، أي المستند إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948)، واتفاقيات مختلفة ترتبط بالفئات الإنسانية المندرجة في إطار الإعلان، لا سيما اتفاقية حقوق الطفل (1989)، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (1979)، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (2006)، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (1969) وغيرها.

والطرح لا يرتبط بالانتهاكات المستمرة لجميع هذه العهود الدولية، فهو دأب عربي مستمر في معظم الدول وفي مختلف الحالات؛ حرباً وسلماً، لكنّه يقترب أكثر من الفهم العام لهذه الحقوق، وما المدرسة غير المؤسس الأول لهذا الفهم من خلال إعداد الأجيال وتنشئتهم على حقوق الإنسان واحترام الآخر. فالمدرسة بصفتها المنظومة الأساسية التي تعيد إنتاج القيم في المجتمع تواجه في العديد من الدول العربية، وفي غيرها، تحديات عدة ترتبط بالمؤثرات التربوية غير المدرسية. وهكذا يساهم الأهل والمركز الديني والنادي الاجتماعي أو الرياضي ورفاق الحيّ والمقهى وصولاً إلى التلفزيون والإنترنت بتشتيت ذهن التلميذ حيال وجبته التربوية التي يتلقاها في المدرسة. وإذا ما تمكن من استيعاب كلّ الآراء التي قد تكون متضاربة إلى حدّ التناقض أحياناً، قد يكون ذلك مفيداً في تشكيل عقل نقدي لديه، لكن ماذا إن لم يتمكن من استيعاب كلّ هذا التضارب؟ الردّ ليس إيجابياً بالتأكيد هذه المرة، وربما يصل الأمر إلى حدّ الاضطراب القيمي لديه.

تلك القيم يرتبط كثير منها بالقوانين وما يندرج في إطارها من موجبات، ومنها ما يرتبط بالحقوق وما يندرج في إطارها من قضايا مختلفة تخص كلّ شريحة من شرائح المجتمع. والتربية على حقوق الإنسان في هذا الإطار "لا تكتفي بحشد الذهن بمعلومات حول الكرامة والحرية والمساواة والاختلاف، وغير ذلك من الحقوق؛ بل إنّها تقوم أيضاً على أساس أن يمارس المتعلم (الإنسان) تلك الحقوق، وأن يؤمن بها وجدانياً، وأن يعترف بها كحقوق للآخرين وأن يحترمها كمبادئ ذات قيمة عليا" كما يقول الباحث المغربي عبد المجيد الانتصار.




لكنّ الأزمة الأخطر أن نحارب تلك الحقوق بحجة تمثيلها انهزاماً وخنوعاً لسطوة الدول الكبرى وفرضها تشكيل الإنسان العربي بما يتناسب مع أهداف الدول الكبرى وغاياتها، من دون أن نقدم في المقابل غير تبريرات القتل والتعذيب والإخفاء والقمع والتهجير وغيرها من "قيم" عربية.

المساهمون