سرقات في وسائل النقل العمومي بتونس

سرقات في وسائل النقل العمومي بتونس

12 سبتمبر 2019
الجرائم تُنفَّذ فقط في خلال الازدحام (تييري موناس/ Getty)
+ الخط -

في الفترة الأخيرة، راحت العناصر الأمنية تكثّف عمليات التفتيش في محطات المترو في العاصمة تونس، خصوصاً في الأوقات التي تشهد اكتظاظاً كبيراً، بهدف التثبّت من الأشخاص المشتبه في ارتكابهم عمليات سرقة داخل المركبات

تتوالى الأخبار حول عمليات سرقة في وسائل النقل العمومي في تونس، من حافلات أو قطارات أو مترو، يقع ضحيتها عشرات من مستخدميها. وتلك العمليات تقع خصوصاً في أوقات الذروة، مع استخدام السارقين الغاز المسيل للدموع أو الأسلحة البيضاء لتنفيذ جرائمهم. ويشكو المواطنون أكثر فأكثر من تلك العمليات التي تتزايد في البلاد في خلال الأعوام الأخيرة، علماً أنّها بمعظمها تُرتكب في عربات المترو بالعاصمة التونس وتشمل أكثر من راكب في المرّة الواحدة.

وتُنفَّذ تلك العمليات من قبل مجموعات، سواء كان الأمر يتعلق بسرقة هاتف أو حليّ أو غير ذلك. ويتقاسم أفراد المجموعة الأدوار، فيقوم أحدهم بالسرقة في حين يهتمّ آخرون بتسهيل هروبه عبر فتح الأبواب أو عبر الضغط على مكابح الفرامل أو حتى استخدام الغاز المسيل للدموع. وهذه الطرق التي تُعَدّ مستجدَّة، راحت تقلق كثيرين من مستخدمي وسائل النقل العمومي خصوصاً الذين لا يملكون بديلاً منها في تنقلاتهم إلى مقرات العمل أو الدراسة يومياً.

وفي حادثة أخيرة، سُجّلت عملية سرقة في خلال الشهر الماضي في إحدى عربات المترو في العاصمة، نفّذتها مجموعة مستعينة بالأسلحة البيضاء. يأتي ذلك وسط امتعاض كبير من قبل المواطنين إزاء ارتفاع وتيرة تلك العمليات. ويشكو إبراهيم المرزوقي وهو من مستخدمي النقل العمومي يومياً، لـ"العربي الجديد"، من أنّ "السرقات في المترو ارتفعت بشكل كبير فعلاً، وصارت تحدث يومياً في مختلف وسائل النقل، خصوصاً عند الصباح، نظراً إلى الاكتظاظ وغياب الأمن في معظم المحطات". ويشير إلى أنّ "اتخاذ الناس احتياطاتهم اللازمة تحسباً لأيّ عمليات سرقة، جعل منفّذيها يعمدون إلى طرق مختلفة من خلال التحرّك في جماعات واللجوء إلى الغاز المسيل للدموع أو الأسلحة البيضاء"، مشدداً على "ضرورة تخصيص جهاز أمني مهمّته توفير الأمن في وسائل النقل العمومي، خصوصاً في أوقات الذروة".



ولا يختلف رأي رانية حريزي في عمّا قاله إبراهيم، في ما يتعلق بارتفاع وتيرة عمليات السرقة في خلال الأعوام الأخيرة. وحريزي بحسب ما تخبر "العربي الجديد" تعرّضت من جهتها إلى "السرقة أربع مرات في خلال الشهر الماضي في عربات المترو". وتقول: "في كلّ مرة كنت أفقد كلّ ما في جعبتي"، مؤكدة أنّ "الاكتظاظ في وسائل النقل يساهم بشكل كبير في كثرة عمليات السرقة وعدم قدرة كلّ ضحية على التعرّف إلى المعتدي عليها". بالنسبة إليها، فإنّ "فصل أمنيين بزيّ مدني صار أمراً ضرورياً ولا بدّ من أن يشمل كل وسائل النقل وفي كل الأوقات".

ومن أبرز وأكبر العمليات التي سُجّلت في هذا السياق ما حصل في 28 مايو/ أيار من عام 2018، عندما تظاهرت مجموعة من الشباب بأنّها تتخاصم في ما بينها مستخدمة الغاز المسيل للدموع في مترو العاصمة، ونفّذت بالتالي عملية سرقة واسعة النطاق طاولت عدداً كبيراً من الركاب، وفق ما أعلنت في حينه وزارة الداخلية التونسية.

ولا ينفي مسؤولو شركة النقل في تونس، وهي شركة حكومية مكلّفة بالنقل العمومي في تونس الكبرى، ما يُسجّل في وسائلها. ويقول مدير الاتصال في الشركة محمد الشملي لـ"العربي الجديد" إنّ "أكثر من 250 عملية سرقة سُجّلت في وسائل النقل العمومي في عام 2016، مقابل 217 عملية في عام 2015، وذلك استناداً إلى الشكاوى المقدّمة من الركاب". ويلفت إلى أنّ "العدد قد يكون أكبر من ذلك، نظراً إلى عمليات السرقة التي لا يُبلَّغ عنها أو لا يقدّم ضحاياها شكاوى لدى الأجهزة الأمنية". يضيف الشملي أنّ "الشركة زوّدت عدداً من حافلات العاصمة بكاميرات مراقبة إلكترونية قبل ثلاثة أعوام، بهدف رصد عمليات السرقة التي قد تقع في داخلها. ويشمل ذلك الخطوط التي تشهد عمليات سرقة مستمرة، في انتظار أن يُعمّم الأمر في كل أسطول النقل العمومي، على الرغم من أنّه كلفته المرتفعة".



ويتابع الشملي أنّ "شركة النقل أرست قبل ثلاثة أعوام كذلك، منظومة أمنية تساند أعوان شركة النقل وتدعمهم في كلّ المحطات. ومنذ عام 2016، تمّ تدريب أكثر من 70 عوناً حول السلامة الأمنية، بالتعاون مع وزارة الداخلية، وتمّ توزيعهم على مختلف النقاط السوداء لا سيّما في أوقات الذروة. واستُحدثت كذلك برامج للتدخل من خلال التعاون مع مختلف مصالح وزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية، مع إمكانية التواصل المباشر مع قاعة العمليات التابعة لوزارة الداخليّة لضمان التدخّل السريع للدوريات الأمنية في حال حصول إشكالات في داخل المحطات أو في إحدى وسائل النقل".

تجدر الإشارة إلى أنّ ثمّة مواطنين وثّقوا عدداً من عمليات السرقة بواسطة هواتفهم النقالة، ونشروها على شبكات التواصل الاجتماعي، لا سيّما على الصفحات الخاصة بالكشف عن عمليات السرقة ومرتكبيها. وتُنشر الصور وتُبثّ تسجيلات فيديو باستمرار على تلك الصفحات، الأمر الذي يدفع وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية إلى التدخل، فتعلن في أحيان كثيرة إلقاء القبض على المتورّطين.

دلالات