لا غنى عن الأضحية في فلسطين

لا غنى عن الأضحية في فلسطين

09 اغسطس 2019
ليس سهلاً اختيار خروف للعيد (العربي الجديد)
+ الخط -

اضطرّ الموظف الفلسطيني في القطاع الحكومي أحمد عوض، وهو من إحدى قرى نابلس، شمالي الضفة الغربية، إلى أن يقتصد مصاريفه كي يشتري خروفاً قبل حلول عيد الأضحى المبارك، على الرغم من الظروف المالية الصعبة التي يمر بها على غرار بقية الموظفين الحكوميين منذ قرصنة إسرائيل أموال المقاصة الفلسطينية قبل أشهر عدة، وما تلاها من عدم إيفاء السلطة الفلسطينية بصرف رواتب موظفيها كاملة.

يقول عوض لـ "العربي الجديد" إنّه يصرّ على شراء الأضاحي، إذ إنّها "عادة ورثتها عن أبي، حتى أشيع الفرح بين أطفالي، خصوصاً أنّهم يحبون فكرة الاهتمام بخروف إطعامه ليكبر قبل ذبحه، عدا عن الشقّ الروحاني". يضيف أنّ "الأضحية من الشعائر التي حضّ عليها الإسلام، لذلك أحاول الحفاظ عليها في ظل الأوضاع الصعبة، فأنا أسوة بزملائي الموظفين الحكوميين أتقاضى منذ أشهر طويلة نصف راتب فقط". ويؤكد أنّه "على الرغم من ذلك اقتصدت مصروف العائلة واشتريت خروفاً للعيد".

في سوق الحلال الواقع عند الأطراف الشرقية لمدينة نابلس، يُحضر التجار ما لديهم من مواش، خراف وماعز، ويعرضونها للبيع، على الرغم من أنّ الحركة الشرائية ليست على ما يرام. ويقول تاجر المواشي عبد الله دويكات، وهو من قرية روجيب الواقعة إلى شرق نابلس، لـ "العربي الجديد"، إنّ "الأسعار لا ترضي التجار الذين ينتظرون هذا الموسم لبيع ما لديهم من خراف وماعز ربّوها قبل فترات طويلة". ويؤكد دويكات: "لم نعد نملك مراعي بسبب الاستيطان الإسرائيلي والتوسّع العمراني المحلي. بالتالي، استعضنا عن ذلك بالأعلاف. للأسف، من يتحكم بالسعر هو الاحتلال الذي يعدّ المورد شبه الوحيد للأعلاف في أسواق الضفة الغربية"، لافتاً إلى أنّ "المزارعين يدركون جيداً مدى صعوبة الأوضاع الاقتصادية وعدم قدرة كثير من الفلسطينيين على شراء الأضحية".

في سياق متصل، يتسابق أصحاب المزارع ومربّو المواشي والجزّارون على نشر إعلانات عبر وسائل الإعلام، خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وأبرزها موقع "فيسبوك"، يروّجون من خلالها لعروضهم التي تراعي الظروف المعيشية، على حد تعبيرهم.




من جهة أخرى، وكما الحال في الأعوام الماضية، أعلنت لجان الزكاة والجمعيات الخيرية عن إطلاق حملات الأضاحي، لتستقبل تبرّعات من المحسنين والراغبين بالأضحية. وتتولى تلك الجمعيات شراءها وذبحها وتوزيعها على العائلات الفقيرة. ويقول رئيس الهيئة الإدارية لجمعية التضامن الخيرية في نابلس، علاء مقبول، لـ "العربي الجديد"، إنّ "الجمعية، ومراعاة لظروف المواطنين، أطلقت مشروعها لاستقبال الأضاحي وتوزيعها على اليتامى والأسر الفقيرة في خلال أيام عيد الأضحى تحت عنوان: بلدي فيها الخير". ويشير مقبول إلى أنّ "هذه الأيام تُعَدّ فرصة لكثيرين، كالنساء الأرامل. ويجد فيها الموظف البسيط ما يلبّي بعض احتياجاته الأساسية، نظراً إلى عدم تمكّنه من توفير المال بسبب الظروف الاقتصادية التي تزداد صعوبة يوماً بعد يوم. من هنا، فإنّ الصدقة والزكاة لا تفقد اليتيم والمحتاج فرحة العيد". ويتابع مقبول أنّه "على الرغم من الأزمة المالية الحالية، فإنّ الإقبال على التبرع بالأضاحي ما زال في معدّله المقبول بالمقارنة مع العام الماضي"، مشيراً إلى "نحو خمسة آلاف عائلة ستستفيد من مشاريع الأضاحي التي تنفذها الجمعيات الخيرية على مستوى محافظة نابلس".

وتفتقر الأسواق المحلية إلى الرقابة الحقيقية على أسعار الأضاحي من قبل الجهات المعنية. فالجهات المسؤولة لم تحدّد سقفاً للأسعار، ما دفع جمعية حماية المستهلك على صفحتها على موقع "فيسبوك" إلى المطالبة بـ "ضرورة تحرك الجهات الحكومية من أجل تشديد الرقابة على أسعار الأضاحي واللحوم الحمراء في السوق، في ظل تراجع القدرة الشرائية نتيجة الحصار المالي والاقتصادي المفروض على الشعب الفلسطيني من الاحتلال". ودعت الجمعية إلى ضرورة تحديد سقف والتركيز على زيادة العروضات لخفض الأسعار، وتوسيع "الكوتا" في استيراد الخراف والعجول مع مراعاة معايير الشفافية.



وفي محاولة لإيجاد مخرج للضائقة المالية، تُطلق جمعيات خيرية في أستراليا ونيوزيلندا، من خلال مكاتبها في فلسطين، بعض المبادرات تلبية لرغبة الفلسطينيين في تقديم الأضاحي. ويتمّ الذبح تحت إشراف نخبة من العلماء المسلمين وبمواصفات شرعية، لتُنقَل من ثمّ الأضاحي لفقراء في فلسطين، بعد الانتهاء من عمليات الذبح والتقطيع والتعليب والتبريد في البلدَين المذكورَين.