إذا انقطعت سبل العيش

إذا انقطعت سبل العيش

07 اغسطس 2019
من بينهم من ترك اختصاصه الأصلي (حسام شبارو/ الأناضول)
+ الخط -
تعلن الأجهزة الأمنية اللبنانية بين فترة وأخرى عن فتح دورات لتطويع عدد كبير من الأفراد والرتباء. تقديم الطلبات له شروطه، من العمر إلى المستوى الدراسي وصولاً إلى فرض تجاوز محطات متنوعة، تبدأ من الفحص الطبي، وتمرّ بالاختبار الرياضي، ولا تنتهي بالاختبارات الخطية، إذ يبقى بعدها لمن تجاوزوا كلّ هذه المحطات ولم يتسربوا في أيّ منها، انتظار التعيين.

كلمة التعيين الأسطورية تلك، تخضع، ككلّ شيء آخر في لبنان، للتوازن الطائفي، وأساسها المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، والتوزيع الداخلي على المذاهب في كلّ ديانة، وهو توازن ظالم غالباً في حق كثيرين، خصوصاً الطوائف التي يتقدم منها عدد كبير جداً من الشباب، فمهما كان الشاغر كبيراً سيكون معظمهم في عداد غير المقبولين، لتكون الواسطة غالباً هي المفتاح.

لكن، قبل الوصول إلى تلك المرحلة، وفي بحث بقرار التطوع نفسه لدى الشاب، تجدر الإشارة إلى مثل لبناني شعبي يقول: "إذا انقطعت بكَ سبل العيش، عليك بالدرك أو بالجيش". لا شكّ أن سبل العيش مقطوعة في لبنان، إذ تصل البطالة في صفوف الشباب خصوصاً، إلى مستويات مرتفعة. لكنّ اللافت أنّ البطالة تترافق مع زيادة في نسب المتعلمين والخريجين الجامعيين، وحتى خريجي الدراسات العليا، ممن لا يجدون فرص عمل لهم.

في الظروف الاقتصادية السليمة، لن يكون مبرراً أن يعمل المتخصص في غير اختصاصه. فالمعاهد المهنية والجامعات وجدت في الأساس وتتابع عملها لهذا الغرض، وهو خلق الكفاءات القادرة على تسيير حركة الاقتصاد في البلاد في كلّ مجال من المجالات، وسدّ الفجوات الوظيفية في الإدارات الوطنية وفي القطاع الخاص.



لكنّ الظروف الاقتصادية اللبنانية، شأنها شأن الظروف السياسية والإدارية والاجتماعية والصحية، ليست سليمة، وكثيرون لا يجدون عملاً أساساً، وإذا وجدوا كانوا بالرغم من تعليمهم واختصاصاتهم، في الأجهزة الأمنية، وفي شركات الأمن الخاص، وفي توصيل الطلبات، وغيرها من الأعمال التي لا يستفيد الاقتصاد فيها من خبرتهم التي درسوا سنوات من أجل تكوينها.

اللافت في دورات الأجهزة الأمنية الأخيرة، التي طال انتظار نتائجها وبدأ الشباب المتقدمون إلى الدورات منذ أوائل العام الماضي في التحرك احتجاجاً على عدم الإعلان عنها بعد، أنّ عدداً كبيراً من المتقدمين إلى خانة الرتباء فيها، من الجنسين، لا يحملون فقط شهادة الإجازة، أو البكالوريوس، بل يحملون شهادة الماجستير، علماً أنّ الشهادة المطلوبة ليست أكثر من البكالوريا (الثانوية العامة).

غني عن الذكر أنّ الأجهزة الأمنية تلك، لن تستفيد من مؤهلات هؤلاء الخريجين - إذا ما قبلت تعيينهم - وسيتولّون مهام أمنية روتينية كزملائهم الآخرين ممن يحملون المؤهل الأدنى المطلوب، حتى تمضي سنوات وينسوا ما تخصصوا فيه أساساً، بينما يحاولون أن يطرقوا سبلاً للعيش انقطعت.

المساهمون