تحويلات روسية في صناديق تقاعد المهاجرين

تحويلات روسية في صناديق تقاعد المهاجرين

06 اغسطس 2019
يعمل المهاجرون في مختلف القطاعات في روسيا (إيغور علييف/Getty)
+ الخط -

يمضي مهاجرو آسيا الوسطى سنوات طويلة في روسيا للعمل، وبعد وصولهم إلى السنّ القانونية، لا يحظون برواتب تقاعدية كافية. لكنّ اتفاقاً جديداً سيسمح لهم بالحصول على راتب التقاعد الروسي وإن عادوا إلى بلادهم

تتجه الدول الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي الذي يضم روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان وأرمينيا وقرغيزيا، لاعتماد اتفاقية منح معاشات (رواتب) التقاعد للعاملين فيها قبل نهاية العام الجاري، ما سيمهد الطريق لاحتساب التحويلات التي يقوم بها أرباب العمل الروس إلى صناديق التقاعد الروسية ضمن رواتب المهاجرين التقاعدية بعد عودتهم إلى بلدانهم.

وما يزيد من أهمية مثل هذه الاتفاقية، هو أنّ ملايين الشباب من الجمهوريات السوفييتية السابقة في آسيا الوسطى، يتوجهون إلى روسيا بحثاً عن الرزق وحياة أفضل، لكنّهم قد يصطدمون بعد عودتهم بتدني قيمة رواتب التقاعد في دولهم بسبب عدم إجراء أي تحويلات إلى الصناديق الاجتماعية المحلية، علماً أنّ عدد المهاجرين الوافدين إلى روسيا سجل زيادة كبيرة في بداية العام الحالي، بعد تراجعه في العام الماضي، ومعظم مهاجري الاتحاد الأوراسي يتجهون إلى روسيا بالذات.




مع ذلك، ما زال الغموض سيد الموقف في ما يتعلق بآلية احتساب تلك التحويلات في ظل اختلاف قوانين التقاعد في كلّ بلد، وفق ما توضحه المحامية المعنية بالدفاع عن حقوق المهاجرين فالينتينا تشوبيك. تقول تشوبيك لـ"العربي الجديد": "في الواقع، لا سبيل أمام المهاجرين للحصول على رواتب التقاعد في دولهم، لأنّ أرباب العمل لا يحوّلون رسوماً إلى صناديق التقاعد إلا للموظفين الذين يعملون بشكل قانوني ورسمي، بينما لا تزيد نسبة مثل هؤلاء بين المهاجرين عن ثلاثة إلى أربعة في المائة لا أكثر".

وعلى الرغم من أنّ مواطني بلدان الاتحاد الاقتصاد الأوراسي لا يحتاجون إلى تأشيرات الدخول وتصاريح العمل في روسيا، فإنّ أرباب العمل يلجأون في أحيان كثيرة إلى حيل لعدم سداد الرسوم الاجتماعية عنهم. وتضرب تشوبيك مثلاً على ذلك: "قيمة الرسوم التي يجري تحويلها بالنيابة عن المهاجرين ضئيلة جداً، إذ يجري احتسابها وفق الراتب الأبيض (الرسمي) المذكور في عقد العمل. لذلك، يسعى أرباب العمل في أحيان كثيرة لكتابة أدنى مبلغ ممكن في العقد ودفع الفارق نقداً لموظفيهم" وهو ما يعفيهم لاحقاً من القيمة الأكبر لراتب التقاعد.

وحول العقبات البيروقراطية أمام حصول المهاجرين على الرواتب التقاعدية بعد العودة إلى بلدانهم، تضيف أنّ "هناك اختلافات في قوانين التقاعد، ففي روسيا سيبلغ سن التقاعد للرجال بعد رفعه 65 عاماً مقابل 60 عاماً في قرغيزيا"، مشيرة إلى أنّ موسكو وافقت على هذه الاتفاقية، مدركة مسبقاً أنّه لن يجري صرف أيّ رواتب لأحد.

وسبق للرئيس القرغيزي، سورونباي جينبيكوف، أن دعا أخيراً خلال لقاء بين رؤساء بلدان الاتحاد الاقتصادي الأوراسي في العاصمة الكازاخية نور سلطان (آستانا سابقاً)، إلى الإسراع في اعتماد اتفاقية رواتب التقاعد، وهو موقف أيّده الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي أكد أهميتها للمواطنين العاديين. وبعد قمة نور سلطان، أفادت المفوضية الاقتصادية الأوراسية بأنّ اتفاقية الرواتب بين دول الاتحاد، قد تدخل حيز التنفيذ اعتباراً من العام المقبل، 2020.

وعلى الرغم من مواجهة الاقتصاد الروسي صدمتي تدني أسعار النفط والعقوبات الغربية بسبب الوضع في أوكرانيا منذ عام 2014، فالأوضاع في روسيا ما زالت أفضل بكثير مقارنة بجاراتها في آسيا الوسطى، مما يدفع بشباب تلك الدول إلى الاغتراب في اتجاهها. ومن مؤشرات استمرار هذا التوجه، الارتفاع الحاد في عدد المهاجرين الوافدين إلى روسيا خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، ليبلغ 98 ألفاً مقابل 57 ألفاً فقط خلال الفترة نفسها من عام 2018، وفق دراسة أجرتها الأكاديمية الروسية للاقتصاد الوطني والخدمة العامة. وكان لأربع جمهوريات سوفييتية سابقة؛ كازاخستان وأوكرانيا وطاجيكستان وأرمينيا، النصيب الأكبر من حركة الهجرة الوافدة إلى روسيا. وذكر معدو الدراسة سببين محتملين لزيادة تدفق المهاجرين، أولهما عدم احتساب جميع من وصلوا في عام 2018 الذي سجل أدنى عدد من المهاجرين منذ سنوات طويلة بواقع 125 ألفاً فقط، مما أدى إلى تراجع إجمالي عدد سكان روسيا لأول مرة منذ عشر سنوات. أما السبب الثاني، فقد يعود إلى تعديل منهجية تسجيل المهاجرين.




من جهتها، أرجعت هيئة الإحصاء الروسية "روس ستات" هذه الزيادة التي وصفت بـ"غير الطبيعية"، إلى تحسن دقة البيانات الصادرة عن وزارة الداخلية الروسية بعد زيادة عدد المسجلين بشكل مؤقت. وأوضحت الهيئة أنّ أغلب هؤلاء جرى تسجيل إقامتهم لفترات تتراوح بين تسعة أشهر وعام، ما يعني أنّ روسيا قد تشهد في نهاية عام 2019 وبداية عام 2020 زيادة في عدد المغادرين. كذلك، نفت "روس ستات" تعديل منهجية إحصاء أعداد المهاجرين عن تلك الفترة.

المساهمون