فارق كبير في الأجور بين نساء الكويت ورجالها

فارق كبير في الأجور بين نساء الكويت ورجالها

31 اغسطس 2019
الكويت سبّاقة خليجياً بمنح النساء حقوقهن (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -

بالرغم من محاولة الحكومة الكويتية ردم الفوارق بين الذكور والإناث في الوظائف، فإنّ المشوار ما زال طويلاً بالنسبة إلى النساء الكويتيات، خصوصاً في مسألة الرواتب وتدنيها مقارنة بالرجال.

تشير الإحصائيات الحكومية الصادرة عن الإدارة المركزية للإحصاء في الكويت إلى أنّ الفارق ما بين راتب الكويتي وراتب الكويتية داخل القطاع الحكومي يصل إلى 41 في المائة لصالح الرجل، بينما يصل الفارق في القطاع الخاص إلى 63 في المائة. وتذكر الإحصائيات نفسها أنّ متوسط أجر المواطن الكويتي العامل في القطاع الحكومي بلغ 1807 دنانير (6 آلاف دولار أميركي تقريباً) فيما يبلغ متوسط أجر المواطنة الكويتية العاملة في القطاع الحكومي 1279 ديناراً (4200 دولار) وفقاً لتقارير الربع الأول من عام 2019. لكنّ الفارق بين الرواتب في القطاع الخاص يزداد ليصل إلى أكثر من 60 في المائة بسبب عدم خضوع سلم الرواتب في الشركات والمؤسسات الخاصة والمصارف إلى أيّ إجراءات حكومية صارمة تضمن التساوي بين الذكور والإناث كما هو معمول به في الكثير من الدول كما يقول حقوقيون كويتيون.

ونظمت الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية التابعة لمجلس الوزراء بالتعاون مع بورصة الكويت والأمم المتحدة مبادرة "تمكين المرأة في الكويت" المعنية بمحاولة تقليل الفارق بين الجنسين في العمل وتشجيع أصحاب العمل على توظيف النساء، إذ تبلغ نسبة النساء في الوظائف القيادية والتشريعية والإدارة العليا في الكويت 13 في المائة فقط، بالرغم من أنّ النساء يمثلن 45 في المائة من المواطنين العاملين وفق الإحصائيات الحكومية. ويبلغ عدد الأساتذة الذكور في "جامعة الكويت"، وهي الجامعة الحكومية الوحيدة في البلاد، أكثر من 1100 أستاذ، بينما يبلغ عدد الأستاذات 458 بالرغم من أنّ عدد الطالبات أكبر من عدد الطلاب الذكور وفق إحصائيات الجامعة.

وكانت الحكومة الكويتية قد ردت على تقارير صحافية وحقوقية داخل البلاد تحدثت عن الفجوة الكبيرة في الأجور بين الذكور والإناث: "الفجوة ليست بسبب الرواتب والمسميات الوظيفية بل بسبب أشكال الدعم الاجتماعي التي يتلقاها المواطن الكويتي الذكر كونه رب أسرة، وهو دعم تضعه الحكومة الكويتية في خانة الراتب، فيحصل المواطن الكويتي العامل والذي لا يملك منزلاً خاصاً به على "بدل إيجار" كونه المسؤول عن توفير سكن لعائلته، بالإضافة إلى بدل زوجية إذا تزوج، وبدل علاوة اجتماعية، وبدل نقدي يصرف له شهرياً عن كلّ ولد له، وهو ما لا يتوفر للمرأة كون الرجل هو المسؤول عن النفقة عليها وفق قانون الأحوال الشخصية.




في هذا الإطار، تقول وزيرة التجارة والصناعة وأستاذة التمويل في جامعة "الكويت" أماني بورسلي، إنّ الفجوة القائمة في سلم الرواتب تعود إلى أسباب اجتماعية وليست فنية، لكن في المجمل العام، فإنّ المرأة الكويتية لم تأخذ حقها الكافي في سوق العمل بالرغم من أنّها تمثل نصفه تقريباً.

من جهتها، تقول الناشطة والأكاديمية الكويتية، نورة الشمري، لـ"لعربي الجديد": "الفارق الهائل في سلم الرواتب يوضح لنا كمية عدم تقدير كبيرة لعمل المرأة الدؤوب في القطاعين الخاص والعام، إذ إنّ النساء يقمن بالعمل الصعب والجاد في وزارات الدولة من تخليص للمعاملات وتحقيق في الملفات والأوراق والقضايا، بينما يتولى كثير من القياديين الرجال المناصب العليا من دون عمل حقيقي يُذكر". تضيف الشمري: "الحكومة لا تنفي هذه الفجوة، بل تعترف، لكنّها تقول إنّها ضرورية، ومن غير الممكن حلها بسبب وجود فوارق اجتماعية بين الرجل والمرأة، بما فيها أنّ الرجل هو رب الأسرة، ما يقودنا كنساء واعيات بحقوقهن للمطالبة بتعديل في قانون الأحوال الشخصية يسمح بتسمية المرأة ربة للأسرة أيضاً، ويقسم العلاوات الاجتماعية المخصصة للزواج والأبناء بين الزوج والزوجة لتحقيق المساواة التامة بينهما، وهو أمر قامت به السعودية أخيراً عبر تسمية المرأة ربة للأسرة أيضاً".

تروي هدى الكندري، وهي خريجة كلية العلوم الإدارية في جامعة "الكويت"، قصة توظيفها في إحدى شركات القطاع الخاص الكبرى. تلقي باللوم على الثقافة السائدة لدى المديرين والقياديين الذكور في القطاع الخاص، وتقول لـ"العربي الجديد": "عندما حصلت على وظيفتي الأولى في إحدى المؤسسات المالية المهمة فوجئت بأنّ راتبي أقل من رواتب زملائي الذكور، بالرغم من أنّنا تخرجنا من الكلية نفسها، وعملنا في الوقت نفسه، وبمواجهتي لمسؤول التوظيف قال إنّ المؤسسة المالية لا تثق بقدرة النساء على مواجهة العمل". تقول الكندري إنّ المسؤول أخبرها بأنّ القطاع الخاص لا يثق بعمل النساء ويعتقد أنّهن سيتركن العمل فور زواجهن أو حملهن، ما يؤدي إلى إهماله لهن وعدم تقديمه رواتب مساوية للرجل.



أمّا الناشطة النسوية شيخة العلي فتقول لـ"العربي الجديد": "هذا الاعتقاد السائد لدى بعض المسؤولين في القطاع الخاص هو اعتقاد ذكوري يقوم على أحكام مجتمعية مسبقة تجاه المرأة، لكن المصيبة هي أن تصمت الحكومة على هذا التمييز ولا تقوم بسن قوانين صارمة تلزم الشركات تقديم أجور للنساء مساوية لأجور الرجل وهو الإجراء المعمول به في الدول التي تحترم الجميع وتحقق المساواة بين الرجل والمرأة. ولا تعتقد العلي أنّ في إمكان الحكومة أن تقر قانوناً مثل هذا لأنّ أصحاب الشركات وذوي النفوذ المالي سيضغطون تجاه أيّ قانون يؤدي إلى دفعهم المزيد من الأموال للنساء، وهم اليوم يحصلون على أيدٍ عاملة نسائية رخيصة تتقاضى نصف المبالغ التي يتقاضاها الرجال.

دلالات