الأمازون

الأمازون

28 اغسطس 2019
هنا... كانت ثمّة حياة (كارل دي سوزا/ فرانس برس)
+ الخط -

غابات الأمازون. عنوان مثير يُضاف اليوم إلى عناوين أخرى تظهر بين حين وآخر فتتحوّل "قضايا كبرى" يكثر متبنّوها. حرائق غابات الأمازون التي سُلّط الضوء عليها في الأيّام الأخيرة تُعَدّ القضيّة الأخيرة المستجدّة، علماً أنّها ليست كذلك بالمعنى الحرفيّ لكلمة "مستجدّة"، فهي تتكرّر في كلّ عام في مثل هذه الفترة الزمنيّة. ذلك لا يعني أنّ ما حصل أخيراً لا يستحقّ التوقّف عنده، خصوصاً أنّ عدد الحرائق فاق ما كان يُسجَّل في الأعوام الماضية بنسب كبيرة. بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، تخطّت نسبة الحرائق اليوم ثمانين في المائة، وهو أمر يدعو بالتأكيد إلى القلق والاستنفار.

كثيرون من الذين يرفعون اليوم لواء نجدة تلك الغابات يغفلون حقائق كثيرة عنها. لا أحد مطالَب بامتلاك كلّ المعلومات المتعلّقة بموضوع يُطرَح، غير أنّه من البديهيّ الإحاطة بتفاصيل أيّ قضيّة يُعلِن الواحد منّا تبنّيها. ومن التفاصيل المتعلّقة بقضيّة غابات الأمازون، التي يتوجّب على المتباكين على مأساتها الكبيرة إدراكها على أقلّ تقدير، واقع أنّ حدودها غير محصورة بدولة البرازيل. تلك الغابات تمتدّ على كامل حوض الأمازون بأميركا الجنوبيّة والذي يضمّ بوليفيا وكولومبيا والإكوادور وغويانا وبيرو وسورينام إلى جانب البرازيل. مجرّد معلومة جغرافيّة لمن يهمّه الأمر.

على مواقع التواصل، في إمكان المراقب رصد عدد كبير من الناشطين البيئيّين المستجّدين. هنا، تأتي كلمة "مستجدّين" بمعناها الحرفيّ. حرائق غابات الأمازون قضيّة "على الموضة" اليوم، وبالتالي لا ضير من التباكي على ما تخلّفه الكارثة البيئيّة التي لا تضرب منطقة تلك الغابات فحسب بل كوكب الأرض كلّه. والناشطون المستجدّون الذين عدّلوا في صور "البروفايل" الخاصة بهم، راحوا ينشرون معلومات تُعَدّ "كليشيهات"، من قبيل أنّ الأمازون تمثّل رئتَي كوكب الأرض اللتَين تنتجان نحو عشرين في المائة من أوكسجين العالم. كذلك عمدوا إلى مشاركة روابط خاصة بعرائض ذات صلة.




لا شكّ في أنّ جهات كثيرة معنيّة بالبيئة نشطت في الأيّام الأخيرة من ضمن اختصاصها، غير أنّه لا يمكن غضّ الطرف عن متطفّلين - ليسوا بقلّة - حاولوا ركوب الموجة. إلى جانب "كليشيهات" مقلقة شاركها هؤلاء في معرض "اهتمامهم" بالكارثة البيئيّة، ثمّة وقائع مقلقة أخرى تستوجب التوقّف عندها. هل يعلم هؤلاء أنّ النيران التي تلتهم مساحات شاسعة من تلك الغابات لا تقضي فقط على النبات والحيوان في تلك البقع المشتعلة، بل تهدّد مجموعات من البشر؟ في تلك البقاع التي دمّرتها حرائق تتعدّد بواعثها ومصادر تسريعها، ثمّة مجموعات من السكّان الأصليّين الذين ما زالوا يقاومون محاولات اقتلاعهم من أرضهم. تلك الحرائق تهديد إضافيّ لوجودهم. معلومة إضافيّة لمن يهمّه الأمر.

دلالات

المساهمون