نزوح جديد من مخيمات سورية

نزوح جديد من مخيمات سورية

27 اغسطس 2019
بعض النازحين عالقون (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -

إضافة إلى معاناة النازحين في المخيّمات في ريف معرة النعمان الشرقي، ينزح هؤلاء مرة أخرى هرباً من القصف، ما يُضاعف مأساتهم    

كانت منطقة ريف معرة النعمان الشرقي الواقعة في جنوب إدلب تضمّ عدداً من المخيمات التي تؤوي نازحين ومهجّرين من محافظات سورية عدة، غالبيتها من ريف حماة الشرقي، والذين كانوا قد نزحوا بعد سيطرة قوات النظام على الريف أواخر عام 2017. ويقطن في هذه المخيمات نحو 15 ألف نازح، يتوزعون على 13 مخيما، هي "الطليعة" و"الفداء" و"الناعورة" و"بينين" و"النواعير" و"شرق كفروما" و"العمام" و"سوق الغنم" و"معرة شمشة" و"بابيلا" و"معصران" و"حرش الدانا" و"شرق الدانا". ويقطن في كل واحد منها ما بين 600 و1200 نازح تقريباً، بحسب حجم كل مخيم. وتبلغ نسبة النازحين من ريف حماة الشرقي نحو 90 في المائة من إجمالي سكان المخيمات.

مرعي الغانم أحد النازحين من ريف حماة، والمقيم في تلك المخيمات، يقول لـ"العربي الجديد": "عانت هذه المخيمات منذ تشييدها حالة إنسانية صعبة للغاية، بسبب تخلي إدارة شؤون المهجرين عنها، وعدم تقديم المساعدات لها، إضافة إلى شح المساعدات الإنسانية من قبل المنظمات الإنسانية، عدا عن التعتيم الإعلامي على أوضاعها". يضيف: "تعدّ هذه المخيمات من أكبر التجمعات التي تضم نازحين ومهجّرين من منطقة ريف حماة الشرقي، علماً أن غالبية هؤلاء النازحين كانوا يعيشون بشكل جيد قبل نزوحهم، نتيجة عملهم في تربية المواشي وكثرة أراضيهم الزراعية. إلا أن أوضاعهم بدأت تتردى بعد مضي أكثر من عام ونصف العام على نزوحهم. ومنذ منتصف العام الماضي، بدأت المخيمات تشهد تراجعاً كبيراً في الخدمات وانتشار الأمراض. ووصلت الأحوال فيها إلى درجة صعبة لم يعد يحتملها النازحون".

مأساة (دليل سليمان/ فرانس برس) 


أما سالم عطا الله الذي نزح للمرة الثانية، فيقول لـ"العربي الجديد" إنه مع بدء عمليات التصعيد الأخيرة والقصف المكثف الذي شهدته المنطقة بشكل عام، والذي زادت وتيرته مطلع مايو/أيار الماضي، ومع تقدم قوات النظام بغطاء جوي روسي وسيطرته على عدد من البلدات والقرى في ريف إدلب الجنوبي، بدأت هذه المخيمات تشهد حركة نزوح كبيرة لغالبية سكانها مرة أخرى، وقد نزح سكان ثماني مخيمات بشكل كامل، وبقي نحو 4 آلاف نازح في خمسة مخيمات. ويعاني هؤلاء أوضاعاً مأساوية بسبب القصف الذي يطاول المنطقة المحيطة بهم، ومدينة معرة النعمان على وجه الخصوص. يضيف عطا الله: "في ظل هذه الأوضاع المأساوية، لم أجد بديلاً عن النزوح مع العائلات التي نزحت باتجاه الشمال السوري. استقررت في بلدة حزانو في ريف إدلب الشمالي مع معظم العائلات التي نزحت من شرق المعرة. نقيم حالياً في خيم مبعثرة بدائية وعشوائية وتحت أشجار الزيتون وفي العراء، ونعاني نقصاً كبيراً في الغذاء والدواء ومياه الشرب".

محمد الدرويش نازح من ريف حماة الشرقي، كان يقطن في مخيمات شرق معرة النعمان، قبل أن ينزح منها مرة أخرى باتجاه الشمال السوري، وتحديداً إلى بلدة حزانو. يقول لـ "العربي الجديد": "نزحنا منذ نهاية عام 2017 إلى منطقة شرق معرة النعمان، وشاركت في إنشاء العديد من المخيمات لإيواء النازحين الفارين من القصف والمعارك التي دارت هناك في تلك الأثناء، والتي انتهت بسيطرة قوات النظام على كامل الريف. سكنت أنا وعائلتي في خيمتين، وقد عانت جميع العائلات بسبب الانقطاع شبه التام للمساعدات الإنسانية. وذاق النازحون في هذه المخيمات طيلة أكثر عام ونصف العام مرارة العيش، حتى بدأت عمليات التصعيد الأخيرة.



بدأت العائلات بالخروج من المخيمات بشكل تدريجي، إلى أن سيطرت قوات النظام على بلدات عدة وقرى في ريف إدلب الجنوبي، كان آخرها مدينة خان شيخون. وشهدت المخيمات حركة نزوح هي الأكبر من نوعها، ولم يبق إلا أقل من ثلث أعداد النازحين. وما يمنعهم من النزوح هو الحالة المادية الضعيفة والقصف المتكرر الذي يستهدف الطرقات الرئيسية. "استقر بنا الحال مع عدد كبير من العائلات في بلدة حزانو شمال إدلب. نجلس في خيم مبعثرة قمنا بتشييدها، وما زال كثيرون في العراء وتحت الأشجار. نحتاج إلى الكثير من المستلزمات مثل الخيام والمواد الغذائية والطبية ومياه للشرب. الوضع صعب للغاية من نزوح إلى نزوح آخر، ولا نعلم إلى أين سنتوجه. الحالة مأساوية بكل معنى الكلمة، ولا بد من تأمين خروج آمن للعائلات المتبقية شرق المعرة بسبب القصف الشديد".



وعن العدد المتبقي من المخيمات في منطقة شرق مدينة معرة النعمان جنوب إدلب، يعاني الأهالي بالدرجة الأولى بسبب القصف الشديد. الطيران الحربي لا يكاد يغادر الأجواء، وتتحضّر الكثير من العائلات للنزوح، لكن تمنعها كثافة القصف واستهداف الطرقات الرئيسية. كما تواجه العائلات صعوبة في التنقل والخروج إلى المخيمات لتأمين متطلباتها من مياه للشرب ومواد غذائية وطبية، عدا عن الخوف بسبب أصوات الغارات الجوية المكثفة التي تستهدف المنطقة. ويناشد عدد من القائمين على هذه المخيمات بضرورة تأمين خروجهم إلى الشمال السوري.

المساهمون