عالمتا فضاء هنديتان تقودان مهمة "تشاندرايان 2" للقمر...من هما؟

عالمتا فضاء هنديتان تقودان مهمة "تشاندرايان 2" للقمر...من هما؟

24 اغسطس 2019
عالمتا الفضاء موثيا فانيثا (يسار) وريتو كاريدال (تويتر)
+ الخط -
دخول الهند عالم الفضاء ليس جديداً، لكن تاريخ هذا البلد سيشهد لأول مرة قيادة نساء أحدث مهماته الفضائية وهي المركبة غير المأهولة "تشاندرايان 2". وتقود المهمة عالمتا فضاء مع فريق تشكل النساء نسبة 30 في المائة من أفراده.

العالمتان الهنديتان موثيا فانيثا وريتو كاريدال، متجذرتان في منظمة أبحاث الفضاء الهندية ISRO وهي المقابل الهندي لوكالة ناسا الأميركية NASA، تسلمتا المهمة التي تهدف إلى استكشاف القطب الجنوبي للقمر ورسم خارطته، وقياس وفرة مياهه وزلازله ودرجة حرارة تربته، وهو جزء من القمر لم يسبق لأي دولة أن وصلت إليه. وفي حال تمت المهمة بنجاح وهبطت المركبة يوم 7 سبتمبر/أيلول المقبل، وفق الخطة، ستكون الهند رابع دولة تهبط على سطح القمر بعد الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة والصين.

نسبة النساء في منظمة أبحاث الفضاء الهندية 8 في المائة فقط، وللمرة الأولى منذ تأسيسها عام 1963 تقود النساء مهمة فضائية تسجل في تاريخها.

أصبح للهند موطئ في الفضاء، إلى القمر اليوم، والمريخ من قبله، وهذا يحسب لها بالتأكيد. وإذا كانت "مهمة تشاندرايان 2 ستفيد الهند والبشرية بأسرها"، بحسب بيان المنظمة، فلا بد أن نساء الهند يتطلعن إلى فرص أكبر وحقوق أكثر على امتداد وطنهن.


رحلة الهند إلى القمر

أولى مهمات الهند "القمرية" أنجزت في عام 2008، عبر المركبة الفضائية "تشاندريان1"، التي دارت حول القمر عاماً كاملاً، وأسفرت عن اكتشاف جزيئات الماء على سطحه.

المركبة الفضائية "تشاندرايان 2"، أطلقت يوم 22 يوليو/تموز 2019، ودخلت مدار القمر بنجاح يوم 20 أغسطس/آب الجاري، ومن المخطط لها أن تدور مدة أسبوعين في فلكه، على أن تهبط في قطبه الجنوبي يوم 7 سبتمبر/أيلول المقبل. وهبوط المركبة المحفوف بالمخاطر يستغرق يوماً قمرياً واحداً أي أسبوعين أرضيين، وذلك بحسب موقع Space.


عند الهبوط تنفصل عن المركبة الأم، مركبة مدارية مصممة لتبقى في مدار القمر مدة عام كامل. أما المركبة المصممة للهبوط فاسمها "فيكرام" ومعناها الشجاعة بالسنسكريتية، وينفصل عنها "براغيان" المركبة الآلية الجوالة بست عجلات ومهمتها استكشاف السطح والتضاريس وتغذى بالطاقة الشمسية، ويقودها جهاز تحكم عن بعد، ويعني اسمها "الحكمة". أما تشاندريان فتعني مركبة القمر، وبالسنسكريتية، تشاندرا معناها القمر، ويان معناها العربة أو المركبة.


وتتطلع الهند إلى إنشاء محطة فضاء خاصة بها، بعد إنهاء أول مهمة مأهولة في الفضاء عام 2022، بحسب منظمة الفضاء الهندية.

قائدة "تشاندرايان 2"

إنّها عالمة الفضاء موثيا فانيثا، وأول امرأة هندية تشغل منصب مدير مهمة فضائية. تعمل في منظمة أبحاث الفضاء، منذ 32 عاماً، وكان أحد أهدافها إنفاق أقل قدر ممكن من الكلفة على مهمة "تشاندرايان 2"، بالمقارنة مع ما تتكبده منظمات الفضاء الأخرى في العالم على مثل تلك المهمات.

حصلت فانيثا على جائزة أفضل امرأة عالمة في عام 2006 من قبل الجمعية الفلكية في الهند، وبحلول عام 2018 اختارتها مجلة Nature، ضمن قائمتها السنوية التي تضم عشرة أشخاص "مهمين" في مجال العلوم.

أصلها من تشيناي عاصمة ولاية تاميل نادو شرق الهند، ابنة مهندس مدني ومهندس إلكترونيات واتصالات. تتمتع بمهارات في حل المشكلات، وقدرات على إدارة الفريق وتحمل المسؤولية، بحسب العالم الهندي ميلسوامي أنادوراي، الذي قاد مهمة "تشاندرايان 1"، في عام 2008.


ترددت فانيثا في تولي مسؤولية إدارة مشروع "تشاندرايان 2"، في البداية، لكنها قبلت بعد تأثير هائل من أنادوراي، الذي كان يعلم إمكانيات فانيثا المناسبة تماماً للمهمة. ويقول عنها في تصريح تناقلته الصحافة "لديها خبرة مثيرة للإعجاب في معالجة البيانات، وفي قسم الأجهزة والأجهزة الرقمية. ترددت لأن هذا الدور لا يقتصر على ما يقرب من 18 ساعة من العمل في اليوم خلال الذروة، وما يعنيه ذلك من تضحيات كثيرة، ولكن المهمة تبقيها في دائرة الضوء على المستوى الوطني أيضاً".


كانت فانيثا مشاركة رئيسية بعملية إطلاق القمر الصناعي "مانغاليان" إلى مدار المريخ في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2013. كما شاركت في إدارة مشروع لأقسام القياس عن بعد والاتصالات في مجموعة الأنظمة الرقمية في ISRO، كونها مهندسة في نظم الإلكترونيات. كما كانت نائبة مدير مشروع لأنظمة النطاق الأساسي TTC للأقمار الصناعية Cartosat-1 و Oceansat-2 وMegha-Tropiques.

وعن تطورها في العمل، ذكرت في مقابلة، أنها "التحقت بمنظمة أبحاث الفضاء منذ 32 عاماً مهندسة مبتدئة، لذلك عملت في المختبر، واختبار المركبات الفضائية، وصنع الأجهزة، وتصميمها وتطويرها، ثم وصلت إلى مناصب إدارية"، وبمهمتها الأخيرة تدخل التاريخ في عالم الفضاء.

مديرة المهمة "تشاندرايان 2"

اسمها ريتو كاريدال، ملقبة بـ "امرأة الصواريخ"، ولدت في لكناو في شمال البلاد، وتعمل في منظمة أبحاث الفضاء الهندية منذ 22 عاماً. تخرجت في الفيزياء من جامعة لكناو، وحصلت على درجة الماجستير في هندسة الفضاء الجوي من المعهد الهندي للعلوم (IIS).

عملت في مجموعة مشاريع في المنظمة، وكان أكبرها مشروع القمر الصناعي "مانغاليان"  إلى المريخ الذي أطلق في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2013. إلى أن تسلمت الآن إدارة مهمة "تشاندرايان 2".


ورداً على السؤال في مقابلة صحافية مع موقع IDIVA، حول كيفية نجاح الهند في أن تكون رابع دولة في العالم تصل إلى المريخ، أجابت ريتو كاريدال، أنّ "أكبر صعوبة واجهتني أنا والفريق كانت المدة الزمنية المتاحة وهي 18 شهراً لاستكمال العمل لمهمة المريخ. مع وجود وقت محدود في متناول اليد، تشاورت مع مهندسي الكهرباء والإلكترونيات والميكانيكيين وأنشأت البرنامج في 10 أشهر، وبتكلفة أقل بكثير من أي مشروع مماثل تنجزه الدول الأخرى. وكان المشروع نقطة تحول في مسيرتي المهنية، ومنحني شعورا هائلا بالرضى". وكانت ميزة "مانغاليان" بأنّه القمر الصناعي الهندي الأول الذي يتمتع باستقلالية واسعة النطاق ولديه القدرة على تصحيح مشاكله، والأهم من ذلك، أنني عملت في فريق يضم علماء إناث جنباً إلى جنب مع العلماء الذكور لإنجاح هذه المهمة، أضافت كاريدال.


نشأت ريتو في أسرة من الطبقة المتوسطة التي تضع التعليم في مقدمة أولوياتها. عمل والدها في خدمات الدفاع، ولم تكن للأسرة الكثير من الموارد، لتغطي الرسوم الدراسية الإضافية أو برامج تدريب. وكان حماسها يقودها للنجاح، خصوصاً أنّها تعلقت بالفضاء وألغازه منذ طفولتها.

حصلت على درجة الماجستير في هندسة الفضاء الجوي، وتم قبولها في ISRO. ونالت العديد من الجوائز منها جائزة عالم الشباب (2007)، وجائزة فريق ISRO عن "مانغاليان" (2015)، وجائزة المرأة الناجحة في مجال الفضاء (2017) من قبل جمعية تكنولوجيا وصناعات الطيران والفضاء الهندية (SIATI).

وتقول كاريدال عن مسيرتها "لم يكن هناك الكثير من النساء في ISRO عندما انضممت لفريقها. لكنني لم أعامل أبداً بشكل مختلف أو تمييزي لأنني أنثى. في مجتمع العلماء هنا، الشيء الوحيد المهم هو مقدار وجودة العمل الذي تقوم به".


وعن وقع مشاركتها في إطلاق "تشاندرايان 2"، قالت "تلقيت دعوة للحديث في TED وسأكررها في مؤتمر TED في نسخته السادسة المرتقبة في مومباي يوم 5 ديسمبر/أيلول المقبل، وأجريت لقاءات في الجامعات، واحتشد الطلاب من حولي بحماس لطرح الأسئلة، وهذا أسعدني كثيراً".


وتختم بالقول: "أقاربي الذين لم يهتموا أبداً بعملي، أرادوا فجأة معرفة المزيد عن دوري في المشروع. كان أطفالي متحمسين لدرجة أنهم أخبروا الجميع في مدرستهم أنّ والدتهم كانت جزءاً من هذا المشروع، ولكن الأفضل من ذلك كله، عندما قال لي ابني "أمي أنا فخور بك".

دلالات

المساهمون