"الشبكة العربية" بمصر: التعذُّرات الأمنية إخلال بالقانون والمواثيق الدولية

"الشبكة العربية" في مصر: التعذُّرات الأمنية إخلال بالقانون والمواثيق الدولية

18 اغسطس 2019
حجج لعدم نقل المحتجزين بغير حق (Getty)
+ الخط -
أصدرت "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" المصرية اليوم الأحد، ورقة موقف عن ظاهرة امتناع وزارة الداخلية عن نقل المتهمين للمحاكم والنيابات والمستشفيات، رغم وجوب عقْد جلسات المحاكمات وتجديد الحبس أو ضرورة تلقِّي العلاج والرعاية الصحية، بزعم وجود عذر أمني، تلك الظاهرة التي سنّتها وزارة الداخلية دونما وجود سند قانوني لها، ما يجعلها خطوة جديدة لدهس القانون في مصر.

وتقول الورقة التي صدرت بعنوان "نعتذر: لن نحترم القانون اليوم، عن ظاهرة التعذرات الأمنية وتغييب القانون في مصر"، إن وزارة الداخلية كانت تتعلل في بعض الأوقات بوجود مانع أمني يحول بينها وبين نقل هؤلاء المتهمين إلى مقار النيابة أو المحاكم أو المستشفيات، ولكن نتيجة لغياب المحاسبة والمساءلة، فقد توسّعت بشدة في عدم نقل المتهمين من أماكن احتجازهم المختلفة إلى مكان انعقاد جلساتهم سواء إلى النيابات أو إلى المحاكم باختلاف درجاتها أو المستشفيات لتلقي العلاج، خلال انعقاد بطولة الأمم الأفريقية لكرة القدم، لتصبح العادة ظاهرة، مثلها مثل تجاوُز مُدد الحبس الاحتياطي للحد الأقصى القانوني وتفشّي الحبس الانفرادي، والتعسف في تقديم الرعاية الصحية والعلاج في السجون.

وحسب الورقة "برغم عدم قانونية التعذرات الأمنية وما في ذلك من إهدار لحقوق المتهم والدفاع، بل ولسيادة القانون والقضاء، إلا أن وزارة الداخلية وبعد أن كانت تتعامل مع هذا القرار على استحياء خلال العامين المنصرمين، خاصة في المناسبات المختلفة كالاحتفالات العامة والرسمية بزعم ضرورة تكثيف التعزيزات الأمنية وما شابه ذلك، إلا أنه وفي غياب المساءلة والحساب، باتت وزارة الداخلية تتعامل مع قرار التعذرات الأمنية وكأنه أصبح أمرا واقعا له مسوغ قانوني وذلك على خلاف الحقيقة".

مؤخرا وتحديدا في منتصف شهر يونيو/حزيران من العام الحالي 2019 توصل المحامون المترددون على نيابة أمن الدولة العليا لمتابعة قضاياهم إلى معلومة تفيد بحدوث تعذرات أمنية لنقل المتهمين من أماكن احتجازهم إلى نيابة أمن الدولة في الفترة من 21 يونيو/حزيران إلى 19 يوليو/تموز، وذلك بزعم الاستعدادات الأمنية التي أعدتها مديرية أمن القاهرة لتأمين فعاليات بطولة كأس الأمم الأفريقية المقامة في مصر.

وعن إشكالية التعذرات الأمنية والقانون، أوضحت الشبكة أنه لا يوجد تعريف أو تنظيم لآليات تطبيق التعذرات القانونية بنص صريح في القانون المصري، ولكن هناك نصوصا قانونية خاصة بتنظيم أوامر الحبس ومددها، وحق المتهم ومحاميه وآليات تطبيقها في قانون الإجراءات الجنائية المصري، الذي نص في المادة 136 منه على أنه: "يجب على قاضي التحقيق قبل أن يصدر أمرا بالحبس أن يسمع أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم، ويجب أن يشتمل أمر الحبس على بيان الجريمة المسندة إلى المتهم والعقوبة المقررة لها، والأسباب التي بني عليها الأمر، ويسري حكم هذه المادة على الأوامر التي تصدر بمد الحبس الاحتياطي وفقا لأحكام هذا القانون".

كما نصت المادة 142 من ذات القانون على أنه "ينتهي الحبس الاحتياطي بمُضي خمسة عشر يوما على حبس المتهم، ومع ذلك يجوز لقاضي التحقيق قبل انقضاء هذه المدة وبعد سماع أقوال النيابة العامة والمتهم أن يصدر أمرا بمدِّ الحبس مدة أو مُددا مماثلة بحيث لا تزيد مدة الحبس في مجموعها على خمسة وأربعين يوما".

وعلقت الشبكة "إذًا بنص القانون يجب عرْض كل متهم محبوس احتياطيا على ذمة إحدى القضايا على النيابة العامة مصدِرة الأمر بحبسه أو قاضي التحقيق قبل انتهاء مدة حبسه للنظر في ذلك الأمر، وذلك بعد سماع أقوال النيابة العامة وسماع أقوال المتهم في حضور محاميه، الذي يجب أن يمكن من تقديم كافة دفوعه ودفاعه كما نص القانون".

وتابعت "إشكالية التعذرات الأمنية ليست فقط في الإخلال الجسيم بمقتضيات حقوق المتهم وحقوق الدفاع فقط، وإنما تقع الإشكالية أيضا في صمت القضاء -النيابة العامة والقضاة- على هذا العبث بالقانون والتغاضي عن ممارسات تخرق القانون نفسه، حيث يتم حرمان المتهم من المثول القانوني أمام قاضيه الطبيعي في مواعيده القانونية التي قد تكون فرصة لإخلاء سبيله حيث تحول التعذرات الأمنية بينه وبين هذا الحق".

واعتبرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان هذه التعذرات الأمنية "إهدارا لكافة القوانين والمواثيق والعهود الدولية التي وقّعت عليها مصر، التي يجب عليها كحد أدنى احترامها والعمل على عدم التلاعب والتحايل عليها أمنيّا".

وأوصت الشبكة بضرورة احترام الدستور والقوانين المنظمة لإجراءات المحاكمات، والحدّ من إطلاق يد وزارة الداخلية للتحكم في تلك الإجراءات بشكل غير قانوني يضير العدالة حاليا ومستقبلا. كما طالبت السلطات المصرية بالإفراج غير المشروط عن كل مَن سقطت أوامر حبسه لتخطيه المدة القانونية المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية بسبب التعذرات الأمنية.

ودعت النائب العام لمساءلة وحساب المسؤولين المتعللين بالتعذرات الأمنية لإهدار القانون والدستور، حيث لا ينبغي أن تكون ظروف أو تراخي أو كسل هؤلاء المسؤولين سببا في وقف العمل بالقانون والإخلال به.