زواج سوري بعيداً عن التقاليد

زواج سوري بعيداً عن التقاليد

18 اغسطس 2019
عرس بعد استعادة الرقة من تنظيم "داعش"(دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

الحرب
الدائرة في سورية طاولت كل مناحي الحياة فيها، الأمر الذي أثّر سلباً على تفاصيل كثيرة من يوميات أهل البلاد

للزواج في سورية، تماماً كما هي الحال بالنسبة إلى الزواج في كلّ بقعة من بقاع الأرض، عادات وتقاليد توارثها السوريون لأجيال، علماً أنّها تتمايز بعض الشيء بحسب المدن والمحافظات. لكن، بعد عام 2011، في ظلّ الأحداث الدائرة في البلاد، تأثرت تلك العادات والتقاليد بالواقع، فتخلّى السوريون عن جزء كبير منها، لا سيّما أنّ الأحوال المعيشية اختلفت عمّا كانت عليه في السابق.

في محافظة السويداء التي تقطنها غالبية من طائفة الموحّدين الدروز، كانت التقاليد تقوم بداية على الخطوبة عبر حفل يُدعى إليه الأقارب والأصدقاء من طرفَي العريس والعروس، لكنّ تلك العادة تغيّرت في السنوات الأخيرة. حسام عربي من السويداء، يقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "حفل الخطوبة ألغي اليوم، وصار الأهالي يكتفون بجلسة عائلية تقتصر على الأقارب، فيما قُلّصت النفقات. كذلك، عمد أهل السويداء إلى التخفيف من كميات الذهب التي يطلبها أهل العروس من العريس إلى أقلّ حدّ ممكن، وصارت عائلات عدّة تطلب فقط خاتم الزواج كتشجيع للشاب المقبل على الارتباط". يضيف أنّ "الدعوة إلى حفل الزفاف في السابق كانت موسّعة جداً، فيحضر كثيرون ويقدّم في خلال الحفل الطعام للجميع كما تقتضي العادات. أمّا اليوم، فلم تعد تقام وليمة الزواج أو يقدّم الطعام، بل يكتفي المحتفلون بتقديم الحلويات فحسب".




وفي مدينة دوما بريف دمشق، يخبر صبحي بزينة "العربي الجديد" أنّ "شراء أطقم من أواني الخزف الصيني من الأمور المهمة والأساسية للزواج، لكنّ الناس تخلّوا عن هذا التقليد بعد عام 2011". ويشير إلى أنّ "الشروط التي كانت تفرضها العادات والتقاليد، صعبة. أنا على سبيل المثال، تزوّجت قبل عام 2011 وأهل زوجتي اشترطوا أن أعيش أنا وزوجتي في منزل خاص بنا، فضلاً عن المهر الذي تجاوز نصف مليون ليرة سورية (نحو ألف دولار أميركي) بالإضافة إلى كميات من الذهب". يضيف: "لي أصدقاء بلغت مهورهم قبل عام 2011 مليون ليرة (نحو ألفَي دولار)، وهذا مبلغ يُعَدّ مرتفعاً جداً في الواقع، لكنّ العادات والتقاليد كانت هي التي تحكم، في حين كانت ثمّة عائلات تخرج عنها". ويتابع بزينة: "لكن بعد عام 2011، اختلف كل ذلك وصارت الأمور ميسّرة أكثر. فقد تراجعت قيمة المهور وتخلّى الأهل عن الذهب"، مؤكداً أنّ "ثمّة إيجابية استجدّت بالمقارنة مع ما كانت تفرضه التقاليد السابقة، لا سيّما المطالب والتكاليف المرتفعة التي لا تتيح لجميع الشبان الإقدام على الزواج". ويلفت إلى أنّه "في حال كانت المهور المرتفعة ضمانة لعدم حصول طلاق، فهذا ليس مبرراً بالنسبة إليّ".

أمّا في منطقة الحولة بريف حمص، فتقول سميّة، أمّ حسان، لـ"العربي الجديد"، إنّ "التقاليد قبل 2011 كانت تقتضي بداية أن يتقدم الشاب لخطبة الشابة من أهلها، ثمّ يتّفق الطرفان على المهر ومصاريف الزواج التي يتكفّل بها العريس والتي تسمّى عادة فصل النقد". وتشرح أنّه "في ما يخصّ المهر، فهو يقسم إلى قسمَين المقدّم والمؤخّر، بالإضافة إلى الذهب وتجهيز العروس". تضيف أمّ حسان: "بعد ذلك يحدّد الطرفان موعداً لكتب الكتاب، ويحتفلون بهذه المناسبة ويُدعى إليها الأقارب ويحضرها كذلك أهالي الحيّ. ومن العادات القديمة كذلك، التلبيسة التي كانت تقام في يوم مختلف عن يوم الزفاف، وهي عندما يحضر العريس الذهب ويلبسه لعروسه. وهذا التقليد كان يتمّ بحضور المقرّبين فقط، وفي بعض الأحيان كان يتم في يوم الزفاف نفسه". لكنّ أمّ حسان ترى أنّ "الأمور صارت أكثر بساطة بعد عام 2011، فيتمّ حفل الخطوبة حالياً في يوم والزفاف في يوم آخر، مع تقليص التكاليف إلى أقلّ حدّ ممكن. كذلك، في الماضي، كانت الموسيقى تشعل حفل الزفاف، لكنّ هذا الأمر صار مستهجناً بسبب الحالة التي يعيشها الأهالي، فاستعيض عنه بأهازيج. وصار الحفل مقتصراً على المقرّبين من العريس. أمّا المهر، فصارت العائلات تكتفي بمبلغ بسيط يصل إلى نحو 400 دولار أميركي فقط، بالإضافة إلى كمية قليلة من الذهب".




من جهته، يخبر عبد الغفار عثمان "العربي الجديد" أنّه تزوّج بعدما لجأ إلى تركيا. يضيف: "كنت أبلغ من العمر حينها 26 عاماً، فزرت أهل زوجتي وجلست مع والدها في اليوم الأول وكانت والدتي معي. وفي الصباح أبلغتهم عن الخطوبة، ودعوت أقاربي وبعض أهالي بلدتي في ريف حمص، وتمّ عقد القران، أو كتب الكتاب، الذي يتطلب وجود شهود على المقدّم والمؤخّر". ويتابع عثمان أنّ "الأمور كانت ميسّرة بخلاف ما كان يجري في المنطقة. وبعد نحو ثلاثة أشهر، أقمنا حفل الزفاف الذي كان مماثلاً لحفل الخطوبة، إذ إنّنا حاولنا تقليص التكاليف".