روسيا نحو حظر الهواتف الذكية في المدارس

روسيا نحو حظر الهواتف الذكية في المدارس

16 اغسطس 2019
في إحدى مدارس روسيا (ييغور ألييف/ Getty)
+ الخط -
أثيرت في روسيا في الآونة الأخيرة نقاشات حادة حول دعوة رئيسة مجلس الاتحاد (الشيوخ) الروسي، فالينتينا ماتفيينكو، إلى حظر الهواتف الذكية في المدارس. ويعتبر البعض أن مثل هذه الخطوة ضرورية لتركيز التلاميذ على الدراسة، في وقت يرى آخرون أن التكنولوجيا الرقمية باتت جزءاً من حياتنا اليومية ولا مجال للاستغناء عنها.

واقترحت لجنة التعليم في مجلس الدوما (النواب) الروسي على مؤسسة "روس تيخ" تصميم أجهزة ذكية خاصة للمدارس، غير متصلة بالإنترنت، ويمكن استخدامها أثناء الدروس، على أن يقتصر استعمالها على البحث عن بيانات مفيدة ضمن الشبكة المحلية والتواصل مع الأصدقاء.
وفي الوقت الذي يستشهد فيه أنصار فكرة الحظر بتجربة فرنسا التي منعت الهواتف في المدارس الابتدائية والثانوية منذ عام، أظهر استطلاع رأي حديث أن 87 في المائة من المستطلعة آراؤهم يعتبرون أن الهاتف المحمول ضروري لتأمين الاتصال الدائم مع الطفل.

وبحسب الاستطلاع الذي أعدته خدمة "الأطفال" لدى الإنترنت الروسي "ميل.رو"، فإن 43 في المائة من أولياء الأمور يعارضون فكرة حظر الهواتف الذكية في المدارس، فيما يرى 38 في المائة أنه ينبغي حظر الهواتف الذكية مع السماح فقط باستخدام الهواتف البدائية.
وأعرب 12 في المائة فقط عن قناعتهم بضرورة حظر كل أنواع الهواتف المحمولة، بينما يرى 50 في المائة أنها تعطل الدراسة. مع ذلك، يؤكد 84 في المائة أنهم يسمحون لأبنائهم باصطحاب هواتفهم إلى المدارس. وهناك سوابق حتى داخل روسيا لحظر استخدام الهواتف المحمولة في المدارس، بما في ذلك في جمهورية الشيشان ذات الغالبية المسلمة في شمال القوقاز الروسي.

علي خان دينايف، أستاذ في إحدى مدارس العاصمة الشيشانية غروزني، كان يشكك سابقاً في جدوى حظر الهواتف الذكية، إلا أنه غيّر رأيه بعد زيارته عشرات المدارس في مختلف أنحاء روسيا عقب نيله لقب "مدرس العام في روسيا ــ 2018".



ويقول دينايف لـ "العربي الجديد": "رأيت في مدارس موسكو أن الأطفال لا يلعبون ولا يجرون ولا يتحدثون كثيراً بعضهم مع بعض أثناء الفواصل بين الدروس، بل ينظرون إلى شاشات هواتفهم، كما يضع عدد كبير منهم سماعات. الأطفال، شأنهم في ذلك شأن البالغين، يعانون إدمان الهواتف والإنترنت، فتؤثر الأجهزة سلباً على العملية التعليمية".

ويحذّر من أن الهواتف الذكية تكشف في أحيان كثيرة الفجوة المادية والاجتماعية بين التلاميذ، مضيفاً: "سيتسبب تلميذ يحمل أحدث جهاز من طراز آيفون ويزيد ثمنه عن ألف دولار، بحسد بل عداوة الآخرين له لأنهم يرغبون في الحصول على مثله. وفي أحيان كثيرة، تنفق الأم آخر ما تبقى لديها من المال لشراء هاتف ذكي من طراز حديث لابنها".

وحول التداعيات السلبية للحظر المحتمل، يقول: "هناك تجاوزات لفظية وأحياناً ضرب من الأساتذة بحق التلاميذ. وقد علمنا بها من تسجيلات الهواتف الذكية، وإلّا لكانت هذه الحوادث قد مرت مرور الكرام. وفي أحيان كثيرة، يقول الأساتذة إن "الهواتف الذكية ضرورية لاستخدام بعض المواقع والبرامج والتطبيقات التعليمية، ناهيك عن الحد من استهلاك الورق".
ويخلص دينايف إلى أن عشر مزايا لاستخدام الهواتف الذكية في المدارس تقابلها عشرة عيوب، في وقت تكمن المشكلة الرئيسية في انعدام حل وسط بين السماح والحظر.

إلى ذلك، ترى باحثتان في معهد التربية التابع للمدرسة العليا للاقتصاد في موسكو في ورقة بحثية سابقة، أن التعليم المدرسي يمر حالياً بـ "الموجة الثالثة من تطبيق تكنولوجيا المعلومات"، والتي يبادر بها التلاميذ لا الأساتذة.



وخرجت الورقة بنتيجة مفادها أن منظومة الممنوعات التي تفرضها المدارس لا تسهم في تحسن نتائج التلاميذ، بينما لا تعد الهواتف بين أيديهم ذريعة للعقاب، وإنما مؤشراً للأستاذ بأن يفقد انتباه تلاميذه.

وكانت ماتفيينكو قد طرحت في مطلع يوليو/ تموز الماضي، فكرة الحظر الكامل على الهواتف النقالة في المدارس، مرجعة ذلك إلى عدم توفر الظروف لحفظها، متسائلة عما إذا كان الطفل سيدرس في حال إحضار الهاتف إلى الدرس.

ويذكر أن استطلاعاً سابقاً أعدّه "مركز عموم روسيا لدراسة الرأي العام" في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، أظهر أن 69 في المائة من الروس يعتبرون أن حظر الهواتف الذكية في المدارس سيرفع من أداء التلاميذ. كما رأت النسبة نفسها من المستطلعة آراؤهم أنه يجب تطبيق الحظر على التلاميذ من جميع الفئات العمرية.