18 عاماً... سنّ "إسقاط الولاية" في السعودية؟

18 عاماً... سنّ "إسقاط الولاية" في السعودية؟

09 يوليو 2019
القرار مقدّمة لـ"التحرّر" ربّما (عامر الهلابي/ فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت صحيفة "عكاظ" السعودية اليوم الثلاثاء في التاسع من يوليو/ تموز أنّ السلطات شكّلت لجنة لدراسة إضافة حكم إلى نظام المرافعات الشرعية يقضي بانتهاء الولاية على القاصر عند بلوغه الثامنة عشرة من عمره، ما لم تحكم المحكمة باستمرارها عليه، وفي حال رغب القاصر في إثبات رشده قبل هذه السنّ فإن ذلك يكون عبر المحكمة المختصة. وهو ما يعني أنّ القرار سوف يعطي المرأة السعودية عند بلوغها 18 عاماً حقّ اتخاذ قراراتها بنفسها، والتي تشمل استخراج جواز سفر والسفر إلى خارج البلاد بالإضافة إلى حقّ السكن والعمل من دون إذن وليّ الأمر. تجدر الإشارة إلى أنّ نظام الولاية يُطبَّق في السعودية حتى 21 عاماً، على الذكور والإناث على حدّ سواء.

وقرّرت السلطات كذلك دراسة إضافة تعديلات على قانون وثائق السفر يقضي بإصدار جواز سفر للخاضعين للحاضنة، وهذا يعني أنّ المرأة التي تملك حكماً قضائياً بحضانة أولادها في حالة الطلاق تستطيع استخراج جوازات سفر لأبنائها القصّر بخلاف المعمول به اليوم، إذ إنّ القانون الحالي يقتضي موافقة الأب على استخراج جوازات السفر للأبناء. يُذكر أنّ الأمر يتحوّل غالباً إلى انتقام من قبل الرجل لطليقته عبر رفضه منح أبنائهما جوازات سفر.

ونظام الولاية على المرأة، المستند إلى "تفسيرات دينية متشددة وغير معهودة" بحسب ما تؤكد ناشطات سعوديات، يمكّن الرجل من التحكّم بحياة المرأة ومنعها من الدراسة والتوظيف والزواج والسفر إلا بإذنه. ووليّ المرأة قد يكون والدها أو زوجها أو شقيقها أو ابنها. وفي عام 2016، أطلقت ناشطات سعوديات حملة لإسقاط الولاية عن المرأة حظيت بترحيب كبير وأدّت إلى انتصارات نسوية، لعلّ أبرزها التعديلات التي أدخلت على نظام الولاية في شهر مايو/ أيار من عام 2017، عندما أمر العاهل السعودي "بعدم مطالبة الجهات الحكومية بموافقة وليّ الأمر في حال تقديم خدمات للمرأة ما لم يكن هناك سند نظامي لهذا الطلب وفقاً لأحكام الشريعة". بالتالي أعفيت عشرات الجهات الحكومية والخاصة من طلب موافقة وليّ الأمر في ما يخصّ إجراءات كثيرة خاصة بالمرأة.




وبعيد نشر صحيفة "عكاظ" خبر إنهاء الولاية ببلوغ الثامنة عشرة، انقسم الناشطون والناشطات الحقوقيون السعوديون ما بين متفائل بالقرار وبين متخوف من صياغة خبر صحيفة "عكاظ" إذ إنّ القرار بالنسبة إلى الأخيرين قد يكون مقتصراً على الذكور دون الإناث. لكنّ الجميع اتفق على أنّه في حال صحّ الخبر على الجنسَين، فسوف يكون انتصاراً كبيراً للمرأة السعودية.

تقول الناشطة السعودية هيا البلوي لـ"العربي الجديد" إنّ "القرار الذي سوف تستفيد منه الإناث اللواتي يعانينَ من نظام الولاية، لن يكون مكتملاً لأنّ الحكومة سوف تحاول التلاعب فيه وإعطاء المرأة حقوقاً معيّنة دون حقوق أخرى خوفاً من استمرار صعود الحركة النسوية". بالنسبة إلى ناشطة سعودية أخرى فضّلت عدم الكشف عن اسمها لـ"العربي الجديد"، فإنّ القرار "محاولة تجميلية لمحمد بن سلمان (ولي العهد) أمام العالم الغربي، وهو لن يسمح بسفر المرأة مع إسقاط ولاية عنها، لأنّ السماح بسفر المرأة من دون وليّ يعني أنّ آلاف السعوديات سوف يسافرنَ، الأمر الذي سوف يشكّل معارضة ضدّه (بن سلمان) على خلفية سجنه ناشطين وناشطات". تضيف الناشطة نفسها أنّ "الحركة النسوية في داخل السعودية مضت في طريق بعيد وهذه محاولة للالتفاف عليها وإنهائها".

من جهته، يعلّق محامٍ وباحث قانوني سعودي فضّل عدم الكشف عن اسمه لـ"العربي الجديد" على الخبر قائلاً إنّه "تقدّم كبير بالنسبة إلى المرأة السعودية"، مضيفاً أنّ "تسريب الخبر في صحيفة مثل عكاظ يعني أنّ قضية الولاية على المرأة في طريقها إلى الحل قريباً، إنّما وفقاً لشروط الحكومة. ويتابع أنّه "من شأن إنهاء الولاية على من بلغ 18 عاماً أن يمكّن أيّ امرأة سعودية من استخراج جواز سفر والسفر والحصول على وظيفة بالإضافة إلى حقّ السكن الخاص والتنقل بين المدن وعدم تسجيل حالة هروب في حال سكنها في خارج منزل والدَيها. وهو ما يعني إنهاء الولاية نهائياً". ويكمل: "أمّا بالنسبة إلى الشقّ الثاني، فإنّ المرأة المطلقة التي تملك صكّ حضانة أبنائها من القضاء الشرعي قادرة على إدارة كل شؤون حياتهم، بما في ذلك استخراج جوازات سفر لهم، بدلاً من اشتراط موافقة والدهم أي طليقها". ويشير المحامي والباحث القانوني نفسه الذي سبق أن عمل محققاً في جهاز الدولة الأمني، إلى أنّ "القانون لن يُطبّق بسرعة، بل بالتدريج. وأظنّ أنّ القرار الملكي الصادر في عام 2017 والقاضي بتخفيف بعض القيود في قانون ولاية المرأة هو مقدّمة لليوم الذي انتظره سعوديون كثر وهو يوم إنهاء الولاية تماماً".



تجدر الإشارة إلى أنّ الحكومة السعودية والناطقين الرسميين باسمها لم يصدروا أيّ تعليق حول الخبر الذي نشرته صحيفة "عكاظ" اليوم الثلاثاء، غير أنّ حسابات عُرفت بنشاطها واتصالها مع الجهات الأمنية في النظام السعودي رحّبت بالقرار موضوع الخبر على مواقع التواصل الاجتماعي وقد وصفته بـ"الحكيم".