إيطاليا تحاكم رجل إطفاء إسبانياً ساعد مهاجرين

إيطاليا تحاكم رجل إطفاء إسبانياً ساعد مهاجرين

07 يوليو 2019
سفينة الإنقاذ لوفينتا المحتجزة لدى السلطات الإيطالية (تويتر)
+ الخط -
يواجه رجل الإطفاء الإسباني ميغيل رولدان تهمة مساعدة المتاجرين بالبشر من السلطات الإيطالية التي تصل عقوبتها إلى السجن 20 عاماً، لأنه شارك في عمليات إنقاذ المهاجرين السريين عند السواحل الإيطالية عام 2017.

بدأت قصة رجل الإطفاء الإسباني ميغيل رولدان في صيف عام 2017 حين قرر أن يمضي إجازته السنوية ومدتها 20 يومًا عند شواطئ إيطاليا المتوسطية، للمساعدة في عمليات إنقاذ المهاجرين الذين يحاولون الوصول إليها عابرين البحر من ليبيا في رحلات محفوفة بالمخاطر.

وأوضح رولدان أنه كان يرى الوجوه اليائسة للمهاجرين في تقارير الصحف والتلفزيون، لذلك قرر العمل على متن سفينة الإنقاذ "لوفنتا"، وهي قارب صيد بالأساس تديره المنظمة الألمانية غير الحكومية "يوجيند ريتيت" والتي ساعدت في إنقاذ نحو 5000 مهاجر سري حين كان رولدان معهم، بحسب ما أوضح لصحيفة "الغارديان" البريطانية اليوم الأحد. وأشار إلى ارتفاع عدد الذين أنقذهم طاقم السفينة إلى 14 ألف مهاجر سري، وذلك بعد أن عاد رولدان إلى وظيفته اليومية في وحدة مكافحة الحرائق في إشبيلية.

وقال: "رأيت الكثير من الألم والمعاناة والموت"، مضيفاً "كان مروعاً. حاولنا أن نفعل كل شيء بشكل قانوني، وواجهنا الكثير من البيروقراطية، وهذا في الواقع كلف الكثير من المهاجرين حياتهم. في بعض الأحيان، تُركوا يغرقون لأننا لم نمنحهم الإذن لإنقاذهم".

وما حصل بعد ذلك أن الشرطة الإيطالية استولت على السفينة "لوفنتا" في أغسطس/ آب 2017، معتمدة في ذلك على قانون مكافحة المافيا. في حين وجه القضاء الإيطالي إلى رولدان وستة آخرين من أفراد الطاقم تهمة دعم "الهجرة السرية، ومساعدة المتاجرين بالبشر"، ما يجعلهم يواجهون عقوبة السجن التي تصل إلى 20 عاماً.

كان رولدان (32 عامًا) في لندن الأسبوع الماضي للحديث عن تجربته، وقضية تجريم المنظمات غير الحكومية التي تحاول إنقاذ المهاجرين السريين. كذلك ألقى خطابًا أمام البرلمان الأوروبي أخيراً مركزاً على إيطاليا، بعد القبض على كارولا راكيتي، قبطان سفينة الإنقاذ "سي ووتش 3"، التي تحدت السلطات ودخلت إلى ميناء جزيرة لامبيدوز الإيطالية ومعها 42 مهاجراً ووضعوا تحت الإقامة الجبرية. ورغم إطلاق سراح كارولا، لكنها تواجه عقوبة السجن لادعاء رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني ضدها، بتهمة أن أفعالها كانت "ذات دوافع سياسية". وسالفيني مسؤول عن تطبيق سياسة "إغلاق الموانئ" الصارمة، رغم انتقادات الأمم المتحدة والناشطين له، تلك السياسة التي تترك المنقذين المتطوعين بمواجهة أحكام بالسجن لفترات طويلة وغرامات تصل إلى 14 ألف جنيه إسترليني (نحو 17540 دولاراً أميركياً).

وقال رولدان لصحيفة "الغارديان": "لا ينبغي أن يكون إنقاذ الأرواح متعلقًا بالسياسة بل الإنسانية. تقوم المنظمات غير الحكومية بإنقاذ المهاجرين لأن الحكومات تخلت عنهم. الأمر لا يتعلق بإيطاليا فقط بل في جميع أنحاء أوروبا. إنقاذ الأرواح ليس جريمة. إن مجرد إعادة المهاجرين إلى ليبيا لمواجهة المزيد من المعاناة ليس هو الحل، وكذلك استخدام السفن العسكرية لإبعاد المهاجرين ليس حلاً". وسأل: أين الأخلاق في كل هذا؟

وأوضح رولدان، الذي شارك في مهام الإنقاذ في بحر إيجه في عام 2016، أنه كان مدفوعًا للتطوع في البحر الأبيض المتوسط ​​بسبب الظلم الذي يعامل به المهاجرون والرغبة في إنقاذ الأرواح. وكشف أن أكثر ذكرياته المؤلمة كانت حين أنقذ أمًا كانت تصرخ من أجل إنقاذ طفلها الذي كان على متن قارب نصفه غارق ومحاط بأجساد طافية. عندما وصل إلى القارب وجد الطفل ميتاً. وأضاف: "وجه تلك الأم سيعيش معي إلى الأبد. يشعرني بالعجز الشديد".

وفقًا للبيانات الحديثة الصادرة عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة، وصل 1940 شخصًا إلى إيطاليا من شمال أفريقيا منذ بداية عام 2019 وتوفي حوالي 350 شخصًا في البحر، ما يجعل معدل الوفيات لمن يعبرون أكثر من 15 في المائة. في المجموع هناك ما يقرب من 600 ألف مهاجر سري عبروا المتوسط منذ عام 2014، مع أكثر من 14 ألف قتيل أو مفقود أثناء الرحلة.

وأكد رولدان "إن الأحياء وليس الموتى هم الذين يجعلونني أبقى مستيقظًا في الليل". قال: "الشخص الذي مات لن يعود. إنهم الأحياء الذين يتعين عليهم مواجهة كل الصدمات وإعادة بناء حياتهم. أنا دائما أتساءل ماذا يحدث للأشخاص الذين تم إنقاذهم؟ لقد مروا بمحن مروعة. كيف يتغلبون على شيء كهذا؟". 

وقال رولدان إنه لا يخشى الذهاب إلى السجن، رغم أن "دقيقة واحدة" خلف القضبان ستكون ظلمًا. إنه ممنوع من دخول إيطاليا، وفي حال تبرئته من التهم سيتجه مباشرة إلى البحر الأبيض المتوسط ​​ليفعل ما فعله سابقاً على أفضل وجه، حسب قوله للصحيفة. وختم: "أنا رجل إطفاء، أنقذ الناس وأنقذ الأرواح، وهذا في دمي".

المساهمون