"عقوبة الإرهاب": محاولة قضائية للحد من سلطة العشائر العراقية

"عقوبة الإرهاب": محاولة قضائية للحد من سلطة العشائر العراقية على النساء

06 يوليو 2019
مسعى للحد من سلطة العشائر على النساء (Getty)
+ الخط -



تسعى السلطة القضائية العراقية، إلى العمل على تشريع عقوبات قانونية للحدّ من سلطة العشائر على النساء، وبينما اتخذت قراراً بأن تكون عقوبة "النهوة" وفق قانون الإرهاب، دعا مختصون إلى نشر الوعي الثقافي بالمجتمع مع العقوبات لمنع الظواهر العشائرية من السيطرة على المجتمع.

و"النهوة العشائرية" هي تقليد عشائري في المجتمع العراقي، وخاصة محافظات الوسط والجنوب، إذ يتم منع الفتاة من الزواج برجل من خارج قبيلتها أو خارج حدود العوائل،

وتتسبب أحياناً "النهوة" بجرائم قتل في حال مخالفة الفتاة أو ذويها لهذا العرف.

وتحاول السلطة القضائية العراقية بسط سيطرتها على العشائر، إذ وجّهت أخيراً، المحاكم بـ"تشديد الأحكام على جريمة (النهوة العشائرية)، واعتبرتها فعلاً إرهابياً يحاسب بموجب قانون مكافحة الإرهاب"، مبينة وبحسب صحيفة القضاء التابعة لمجلس القضاء الأعلى، أنّ القرار "ينص على محاسبة كل من يقوم بهذا العمل وفق المادة الثانية من قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لسنة 2005".

وأوضحت أنّ "قضايا النهوة لم تعد مقتصرة على المناطق الريفية والبدوية، بل انتشرت في الكثير من محافظات العراق، لا سيما الوسط والجنوب"، مؤكدة أنّ "الظاهرة لم تقتصر على التهديد والوعيد، بل وصلت إلى استخدام الأسلحة من أجل منع النساء من الزواج من رجال ليسوا من قبيلتها".

ويرى أحمد جاسب الساعدي، قاض أول بمحكمة الأحوال الشخصية في الكرادة ببغداد، أنّ هناك ضرورة لـ"العمل على نشر الوعي الاجتماعي والثقافي، وكشف سلبية هذه الظاهرة عبر الإعلام ومنظمات المجتمع المدني، والجهات الاجتماعية والعشائر والمؤسسات الدينية"، مبيناً لصحيفة "القضاء"، أنّ "المستوى الثقافي والبيئة الصالحة المتعلمة لهما أثر كبير في انحسار وانتشار الظاهرة".

ووفقاً للتقليد، فإنّ الفتاة "تُحجز" عشائرياً لقريبها الذي يرغب بالزواج منها، حتى في حال رفضها أو رفض ذويها تزويجها له، بينما تلتزم العشائر الأخرى بعدم التقدّم لخطبة أي امرأة إلّا في حال الحصول على موافقة من أقاربها، وعكس ذلك فتكون هناك معارك عشائرية، الأمر الذي تسبب بمنع الكثير من الفتيات من الزواج حتى بلغن أعماراً قد لا يمكنهن الزواج فيها.

ويقول أبو عادل، وهو أحد أهالي محافظة ميسان (جنوبي العراق) لـ"العربي الجديد"، إنّ "ابن أخي قام بالنهوة على ابنتي التي رفضتُ تزويجها لها بسبب الفارق الثقافي، فهو لم يكمل تعليمه الابتدائي، بينما ابنتي حاصلة على شهادة الماجستير وتعمل في سلك التعليم"، مبيناً أنّ "أحد زملائها في العمل تقدّم لخطبتها، ومنعه ابن أخي، وحاولنا التوسط وإقناعه بترك النهوة، لكنّه رفض ومنع الزواج".

وأكد، "مرّ على ذلك أكثر من 15 عاماً، وقد تجاوز عمر ابنتي الـ 40 سنة ولم أستطع تزويجها، بينما تزوج ابن عمّها وما زال يمنعها من الزواج، بحجة أنّه يريد أن يتزوجها كامرأة ثانية"، مشيراً "القانون لم يحمنا من هذا التقليد، ولم نستطع التخلص من سلطة الأقارب على بناتنا".

وبينما تسببت "النهوة العشائرية" بمعارك بين العشائر خلال الفترة السابقة، يطالب وجهاء عشائريون بأهمية تطبيق القانون بالقوة على العشائر الرافضة له. وقال الشيخ فائق الربيعي، لـ"العربي الجديد"، "يجب على السلطة القضائية تشديد العقوبات على كل من يمارس هذه الظاهرة، إذ أنّها تسببت بكوارث ومعارك كبيرة خلال السنوات الماضية".

وأكد أنّ الكثير من العشائر لا تريد أن تغادر هذه التقاليد، ولا يمكن منعها منها إلا بسلطة القضاء"، مشدداً أن "المسؤولية تتحملها الجهات القضائية، وعليها أن تتعامل بحزم وقوة بتطبيق هذه القوانين".

يشار إلى أنّ العشائر فرضت سطوتها على المجتمع العراقي خلال السنوات الأخيرة، بسبب ضعف القوانين وسلطة الدولة.