حملات على المصحات الخاصة في ليبيا

حملات على المصحات الخاصة في ليبيا

01 اغسطس 2019
المخالفات في القطاع الطبي عديدة (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

يتجه المواطن في ليبيا بسبب انهيار الخدمات الطبية في المستشفيات والمراكز الطبية الحكومية إلى القطاع الخاص، سواء إلى المصحات أو المختبرات أو الصيدليات، بالرغم من مخالفاتها وغلاء أسعارها، فهناك اضطرار إليها

يعلق المواطن عماد هاشم، على الحملات الحكومية التفتيشية على المصحات والمختبرات الخاصة في ليبيا، وهو الذي لجأ إلى مركز تصوير أشعة خاص في طرابلس، بأنّها "مزاجية" فتلك الحملات "تظهر لفترة قصيرة ثم تختفي، وفي الغالب تكون وراءها بلاغات". يضيف: "القرار الصحيح لمقاومة المتاجرين بحياة المواطن هو الاهتمام بالقطاع الطبي العام". يشير إلى أنّه مضطر لدفع فاتورة صورة أشعة بسعر مرتفع جداً، لأنّ جهاز التصوير في مستشفى شارع الزاوية المركزي بطرابلس يتعطل بين الحين والآخر. يضيف: "مريضي لن ينتظر إصلاح ذلك الجهاز الوحيد في المستشفى المركزي للعاصمة".




آخر تلك الحملات ما أعلنت عنه بلدية زليتن (150 كلم إلى الشرق من طرابلس) عن إقفال الحرس البلدي عدداً من المصحات والمختبرات بسبب المخالفات القانونية. وجاء في بيان البلدية أنّ عناصر الحرس في زليتن نفذوا جولة تفتيشية للمصحات والمختبرات الطبية بالمدينة جرى خلالها ضبط العديد من المخالفات الطبية. وقال البيان إنّ الجولة التي جاءت بالتنسيق مع إدارة تفتيش متابعة المهن الطبية والمهن الطبية المساعدة بالبلدية، كشفت عن مخالفات خطيرة، منها استعمال أدوات طبية خاصة بالعمليات لأكثر من مريض، وعدم الاهتمام بالنظافة، بالإضافة إلى ظهور مواد منتهية الصلاحية، وعدم امتلاك العاملين شهادات بمزاولة المهنة.

ليست المرة الأولى التي تداهم فيها الجهات الرقابية مراكز طبية خاصة، ففي الرابع من يوليو/ تموز الماضي، نفذ جهاز الحرس البلدي جولة تفتيشية على المصحات داخل بلدية جنزور، الضاحية الغربية لطرابلس، أقفل خلالها عدداً منها بسبب مخالفات قانونية لم يذكرها. لكنّ أبرز تلك القرارات كانت قرار إقفال "المركز الليبي السويسري" وهو من أكبر المصحات الخاصة في العاصمة، في 26 مارس/ آذار الماضي، بسبب العثور على أدوية منتهية الصلاحية في صيدليته، وعدم حصول مشغليه على إذن بمزاولة المهنة. كذلك، أقفل في الحملة نفسها عدد من المصحات الأخرى، لم يسمها جهاز الحرس في بيانه وقتها، بسبب ضبط مواد منتهية الصلاحية، وغياب الإذن بمزاولة المهنة، بالإضافة إلى عدم وضع المخلفات الطبية في المكان المخصص لها.

وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، ضبط فرع مركز الرقابة على الأغذية والأدوية بمدينة الزاوية (30 كم إلى الغرب من طرابلس) مخالفات وصفها بالكثيرة خلال زيارة ميدانية لأعضاء المركز لإحدى المصحات الخاصة في المدينة. وأوضح الفرع، عبر صفحته على "فيسبوك" أنّ النظافة العامة سيئة داخل المصحة وكذلك في مخازن الأدوية، مع وجود محاليل طبية منتهية الصلاحية، مضيفاً أنّ "آلية التخلص من المخلفات الطبية في المصحة لا تجري وفق الطرق القانونية بحرقها في أماكن مخصصة لها بل يجري التخلص منها عن طريق شركة خدمات عامة شأنها شأن المخلفات العضوية".

ويملك عدد من الجهات الحكومية والرقابية صلاحيات التفتيش على قطاعات الصحة الخاصة، مثل الحرس البلدي، ومركز الرقابة على الأغذية والأدوية، ووزارة الصحة، بالإضافة إلى سلطات المجالس البلدية، لكنّ محمود الوقيد، المسؤول في جهاز الحرس البلدي، يشير إلى أنّ الجهاز بفروعه ما زال غير مؤهل بشكل كافٍ لتنفيذ تلك الحملات الرقابية. ويقول: "سلطة القانون ما زالت ضعيفة، فربما أقفل الجهاز مصحة في يوم، لتجدها في اليوم التالي تعمل بشكل اعتيادي".

وفيما يشير الوقيد إلى تزايد الفساد في إدارات الدولة، حتى الرقابية منها، يؤكد أنّ "هناك من يحمي الخارجين عن القانون ويسهل لهم العمل بعيداً عن الرقابة وسلطة القانون". ويضيف أنّ قسم القطاع الخاص بإدارة الخدمات الصحية التابعة لوزارة الصحة بطرابلس أقفل مطلع العام الماضي أكثر من عشر مصحات ذات شراكة ليبية أجنبية بسبب مخالفات قانونية كبيرة من بينها أخطاء طبية أودت بحياة مواطنين. وفي إشارة إلى قدرة أصحاب المصحات على تجاوز القانون، يقول: "عاد أغلبها إلى العمل قبل انتهاء شهر من إقفاله، وذلك بعد الحصول على إذن مؤقت لتوفير المستندات المطلوبة، لكنّها حتى الآن لم توفر شيئاً".

يشير الوقيد إلى قرار السلطات في بنغازي، نهاية يونيو/ حزيران الماضي، بإحالة 17 مسؤولاً من المركز الطبي في بنغازي إلى التحقيق على رأسهم مدير المركز نفسه في عدة تهم تتعلق بحياة المواطن منها استخدام وتداول أدوية منتهية الصلاحية. ويؤكد الوقيد أنّ الإحالة للتحقيق طاولت حتى مسؤولين بمكتب التفتيش والمتابعة بالمركز نفسه تورطوا في الموافقة على استيراد أدوية ومستلزمات طبية منتهية الصلاحية. يتابع أنّ مدير المركز المحال إلى التحقيق متورط في التواصل شخصياً عن مسؤولين بمركز الرقابة على الأغذية والأدوية في طرابلس من أجل الإفراج عن شحنة أدوية مخالفة للقانون ومنتهية الصلاحية موقوفة في أحد موانئ غرب البلاد. وحتى الآن، بحسب شهادة الوقيد، ما زال المسؤولون يزاولون أعمالهم في مراكزهم التي تمس حياة المواطنين، ولم تتجه أيّ جهة حكومية لتنفيذ أمر القبض عليهم، مشيراً إلى شبهات حول المسؤولين بالقطاع الخاص تؤكد صلتهم بمجموعات مسلحة خارجة عن القانون توفر لهم الحماية وربما لديهم صلات أخرى بمسؤولين في مفاصل الدولة للتغطية على جرائمهم.




يختم الوقيد أنّ "أجهزة الضبط، ومنها الحرس البلدي ليس في استطاعتها سوى تنفيذ مهامها بمراقبة القطاع الطبي الخاص وتنفيذ القرارات بالإقفال في حال مخالفتها القانون، أما متابعة القضية فليست من اختصاصها، بعد إحالتها إلى جهات قضائية وحكومية في مستوى أعلى".

المساهمون